• الرئيسية
  • مواد مميزة
  • وثائق سرية تكشف تحالف الخميني مع الغرب.. وكواليس الترتيبات النهائية بمنزل الخميني في فرنسا للإطاحة بشاه إيران

وثائق سرية تكشف تحالف الخميني مع الغرب.. وكواليس الترتيبات النهائية بمنزل الخميني في فرنسا للإطاحة بشاه إيران

خصصت فرنسا طائرة على حسابها لنقل الخميني ومؤيديه - كشفت فضيحة "إيران كونترا" عمق العلاقات بين نظام الملالي وأمريكا

  • 375
الخميني - مرشد النظام الشيعي الإيراني

  • - كواليس الترتيبات النهائية بمنزل الخميني في فرنسا للإطاحة بشاه إيران
  • - نظام الملالي أداة في يد الغرب لتدمير الدول العربية
  • - خصصت فرنسا طائرة على حسابها لنقل الخميني ومؤيديه
  • - تعرض الشاه في آخر عهده للمساءلة على التلفاز الأمريكي كعدو لا حليف
  • - كشفت فضيحة "إيران كونترا" عمق العلاقات بين نظام الملالي وأمريكا
تقرير – محمد عبادي 

رغم خصومتهم مع نظام الملالي، وعدم عدالة الطرفين، إلا أن الواقع شهد لما ذكره لهوشنك نهاوندي، وزير في حكومة الشاه في كتابه "الخميني في فرنسا"، وكذلك ما ورد في لقاءات أبو الحسن بني صدر، أول رئيس للجمهورية الإيرانية.
وبين هذا وذاك تُخفي مناورات الشد والجذب بين الجمهورية الإيرانية والدول الغربية، وراءها حقيقة العلاقات بين الغرب والخميني مؤسس الجمهورية الإيرانية بأبعادها الطائفية الشيعية -الإثنى عشرية- والأيدلوجية والفكريّة.
يعود بنا ذلك إلى اليوم الذي حطّت فيه طائرة الخميني في العاصمة طهران في الأول من فبراير عام 1979، قادمة من فرنسا بالتحديد من مقر إقامته في نوفل لو شاتو، عقب لقاءات وترتيبات تتعلق بالإطاحة بالشاه الذي وصلت العلاقات بينه وبين الغرب إلى طريق مسدود.
في لوشاتو، التقى الخميني بمندوبين عن دول غربية رئيسة، على رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، حيث قادت الاستخبارات المركزية، سلسلة تفاهمات مع الخميني تتعلق بشكل الدولة وآلية الحكم وبنية النظام عقب سقوط الشاه، وصعود حكومة دينية شيعية تتولى زمام الأمور، وهذا ما تؤكده الوثائق. 

الصدام مع الشاه
لم تفُلح محاولات الشاه لمعالجة الأزمة الاقتصادية التي تتفاقم في البلاد بداية من عقد الستينيات، وازداد الأمر سوءًا مع بروز رجل الدين الشيعي آية الله الخميني، الذي انبرى يهاجم فساد الشاه، ويلهب مشاعر المواطنين بسبب مهاجمته لسياسات الشاه. 
لقد نُفي الخميني إلى العراق، وتوسع الشاه في السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تُعمق من معاناة المواطنين، لتتسع رقعة الغضب الشعبي، وتلتقط الاستخبارات الغربية الخيط، بعد تعثر العلاقات مع الشاه، الراغب في قدر من استقلال القرار الإيراني عن الدول الغربية الحليفة له، بالتزامن مع اقتراب خطر الاتحاد السوفيتي من الحدود الإيرانية. 
يؤكد هوشنك نهاوندي، الذي شغل منصب وزير إسكان سابق في حكومة الشاه، على أنّ الشاه انتهج في آخر سنين حكمه سياسة استقلال عن الغرب ورغبته في أن يصبح قوة إقليمية لا تتبع لأحد، الأمر الذي أغضب الدول الغربية ودفعها جديًا للتخلص منه.
وكشف نهاوندي، مطلع عام 2017 في كتابه الخميني في فرنسا، جانبًا من دعم فرنسا للخميني سياسياً وماليا وإعلاميا لدرجة أنها خصصت له طائرة على حسابها لنقله ومؤيديه بعد رحيل الشاه، لافتًا على أن الشاه امتلك عددًا من الفرص لتصفية الثورة لكنه لم يستغلها بسبب ضعفه ومرضه في أواخر حياته ومنها الدعم الغربي اللامحدود للخميني، بل وترتيب نقل السلطة.

فرنسا.. الترتيبات النهائية
في 6 من أكتوبر لعام 1977 قبل أشهر قليلة من سقوط الشاه محمد رضا بهلوي، وصل الخميني إلى فرنسا قادمًا من العراق بعد أن طرده صدام حسين، على خلفية التصعيد الثوري على الجانب الآخر من الحدود.
أقام الخميني في ضاحية نوفل لو شاتو التي تحولت إلى خلية لإدارة الترتيبات النهائية لرحيل الشاه وصعود الخميني، وعمل إبراهيم يزدي أحد كبار مساعدي الخميني على التواصل مع الدبلوماسيين وعناصر الاستخبارات الغربية، وقد رتب لقاء مع الدبلوماسي الأمريكي وارن زيمرمان، ونقل رسالة من الخميني إلى إدارة الرئيس الأمريكي كارتر يؤكد فيها أن على واشنطن ألّا تقلق من فكرة فقدان حليف استراتيجي، بل وأكد على استطاعته بأن يكون صديقًا. 

اتصالات الخميني بأمريكا
ومع ذلك كان التواصل بين الخميني وواشنطن أبعد من ذلك التاريخ بوقت طويل، نظرًا لإدراكه حاجة الغرب لمشروع ديني- شيعي في إيران، كحاجز للتمدد السوفيتي في المنطقة، خاصة مع تعاظم قوة الأحزاب اليسارية في الداخل الإيراني.
وقد نشرت إذاعة "بي بي سي فارسي"، وثائق سريّة للاستخبارات الأمريكية بعنوان "الإسلام في إيران"، تفيد أن الخميني أجرى عام 1963 من سجنه في طهران، اتصالات مع الأمريكيين، من خلال رسالة إلى الحكومة الأمريكية  في عهد كيندي، عبر أستاذ جامعي إيراني عبر فيها الخميني عن ضرورة الوجود الأمريكي لإحداث توازن ضدّ الاتحاد السوفيتي.

وعود الخميني لكارتر
مع وصول الشاه والغرب إلى طريق مسدود، بالتزامن مع اشتعال التظاهرات في الشوارع الإيرانية، لعب الخميني على وتر التطمينات للغرب، ضمن التفاهمات بين الطرفين، لتسريع وتيرة الدفع في اتجاه الإطاحة بالشاه.
وقد كشفت وثائق رفعت عنها واشنطن السرية في سياق الترتيبات بين إدارة كارتر والخميني إبان إقامته في فرنسا، أن الخميني قدّم وعودًا للغربيين بعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، وأن الجمهورية الإسلامية على عكس نظام الشاه لن تكون بمنزلة شرطي الخليج، ولن تصدر الثورة للخارج. 
وتكشف الوثائق عن رسالة مطمئنة من الخميني بتاريخ 5 يناير 1979 إلى واشنطن، تنص على أنه "يجب ألا تكون هناك أي مخاوف على النفط، وليس صحيحاً أننا لن نبيعه إلى الولايات المتحدة، وسيستمر تدفق النفط بعد قيام الجمهورية الإسلامية إلى العالم، وأن إيران بحاجة إلى مساعدة الآخرين، لا سيما من الأمريكيين لتطوير البلاد".

أسباب صدام الشاه مع الغرب
من جهته يؤكد عماد السامرائي، الخبير السياسي، أنّ هناك تصورًا لدى الأجيال الجديدة التي لم تعايش الأحداث، أنّ الغرب لم يعمل على إسقاط الشاه محمد رضا بهلوي عام 1979، مشددًا على أنّ الوثائق واللقاءات التلفزيونية المصورة، المتاحة للجمهور، تؤكد خطأ هذه الفكرة التي يروج لها حلفاء أمريكا وحلفاء إيران.
وأوضح السامرائي في سلسلة تغريدات موثقة بالمقاطع المصورة عبر موقع التدوينات القصيرة تويتر، أن الشاه هدد في عام 1978 الغرب بالتوجه نحو الاتحاد السوفيتي بشكل واضح، وهو ما يؤكد عمق الخلافات السياسية والفكرية بين الشاه وحلفائه الغربيين، لافتًا أن الشاه قبل سقوطه خاض معركة أسعار نفطية مع بريطانيا، مطالبًا في الوقت ذاته بإبعاد القوات الأجنبية من الخليج. 
وكشف السامرائي أن الامتعاض الغربي الإسرائيلي من الشاه قد سبق توقيعه اتفاقية الجزائر مع العراق عام ١٩٧٥، والتي أنهت التمرد الكردي شمال العراق، بل يعود أيضا إلى موقف الشاه من حرب أكتوبر ١٩٧٣ ودعمه لمصر فيها، وقد أكد ذلك الرئيس المصري الأسبق محمد أنور السادات.
وعرض الخبير السياسي مقطعًا مصورًا من لقاء تلفزيوني في 1977 للقاء للشاه في أمريكا، يتعرض فيه الشاه إلى مساءلة محرجة كعدو لا كحليف، وقد بدأ اللقاء التلفزيوني بعرض قضايا الاعتقالات والمعارضين والجرائم، ثم سياسة الكونجرس الرافضة لتسليح الشاه، وتسليط الضوء على قول الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر أن أمريكا رهينة إيران في الخليج، ثم الحديث عن إمكانية عمل عسكري ضد إيران.
وأكد الخبير السياسي أن الشاه في سنواته الأخيرة لم يكن في أحسن أحواله مع أمريكا وبريطانيا وإسرائيل بل على خلاف شديد معهم، الأمر الذي انتهى بالإطاحة بالشاه والتمكين للخميني وثورته الشيعية الرافضية من حكم إيران.

انقلاب أم توظيف؟
تحت رماد العداء، جمر الصداقة والترتيبات والتفاهمات مشتعل، لم يكن الخميني عدوًا للغرب، فقد أكدت الوثائق أن فصول حكم ولاية الفقيه، جُمعت في الغرب، بإشراف دبلوماسي واستخباراتي فرنسي بريطاني أمريكي.
قدم الخميني وعوده للغرب ثم انقلب عليها، واقتحم السفارة الأمريكية في طهران، واحتجز الدبلوماسيين رهائن لشهور طويلة، ثم أفرج عنهم بصفقة، لم تكن الأولى بين الطرفين ولن تكون الأخيرة، فعلى بُعد سنوات قليلة، كانت فضيحة إيران كونترا على موعد كاشف لعمق العلاقات بين إيران وأمريكا.
استلم دعاة ولاية الفقيه الأسلحة الحديثة من الشيطان الأكبر عبر إسرائيل، وقد خفتت حدة دعايات الموت للشياطين، أو نبرات العداء لمحاور الشر، ما يشير إلى هدف أكبر في علاقة الطرفين ببعضهما، أبعد من العداء العلني وأعمق من الصفقات السريّة.
لم يعد هذا لغزًا، ولم تعد العلاقات المتوترة محيّرة، فالولايات المتحدة والغرب الذين مرروا تتويج الخميني، وراقبوا ثورته عامًا بعد عام، يشتد عودها، حتى أصبحت على مقربة من امتلاك سلاح نووي، على عكس نماذج أخرى، تحدت واشنطن فكان مصيرها مثل مصير محمد مصدق رئيس الوزراء الأسبق في عام 1951 والذي دبرت الاستخبارات الأمريكية انقلابًا عليه، انتهى بسجنه وتشريد حكومته.
انقلب الغرب على مصدق الوطني وساعدوا الشاه وتغاضوا عن جرائم في الإقليم، وفي هذا الجواب عن السؤال المحيّر، جواب توظيف إيران لخدمة الأهداف الغربية في ضرب دول المنطقة، وتدميرها، وتلك العراق ولبنان اليمن وسوريا تُنبئك بخبرٍ، كان مبتدأه في أروقة الاستخبارات المركزية الأمريكية قبل 4 عقود من الآن.