داعية: صلاحَ الذرية واستقامتها من أعظم غايات المؤمنين ودعوة الأنبياء والمرسلين

  • 28
الفتح - صلاحَ الذرية واستقامتها

قال وائل رمضان الكاتب والداعية الإسلامي، إنَّ صلاحَ الذرية واستقامتها، وسعادتها في الدنيا ونجاتها في الآخرة، من أعظم غايات المؤمنين والصالحين والمصلحين، بل هي دعوة الأنبياء والمرسلين مضيفًا، فيا لها من نعمةٍ عظيمةٍ! هي خيرٌ عندهم من كنوز الدنيا وذخائرها، وأروح لقلوبهم من زينتها وزخارفها، لافتًا إلى قوله تعالى-: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا) (الفرقان: 74).

وأوضح الداعية في مقال له نشرتها الفتح، أنه لا تقر أعين الآباء بالأبناء حقيقةً إلا إذا كانوا صالحين، مشيرًا إلى قول ابن عباس -رضي الله عنهما-: "يعنون مَن يعمل بالطاعة فتقر به أعينهم في الدنيا والآخرة".

وتابع: "لقد كان صلاح الأبناء والذرية مطلب الأنبياء والمرسلين؛ فهذا إبراهيم -عليه السلام- يسأل الله -تعالى- صلاح ذريته، فقال: (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) (الصافات:100)، ودعا لهم بالتوحيد فقال: (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ) (إبراهيم:35)، ودعا لهم بإقامة الصلاة؛ فقال: (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ) (إبراهيم:40)، وزكريا -عليه السلام- دعا ربه فقال: (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا . يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا) (مريم:5- 6)، والوراثة هنا وراثة النبوة والدعوة، وليست وراثة المال وحمل الاسم".

وأكد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حرص في غير ما حديث على حثِّ الآباء والأمهات لتربية الأبناء وتنشئتهم التنشئة الصالحة، مضيفًا أن المتأمل للواقع الذي نعيشه اليوم يعلم كم يعاني الآباء لتحقيق هذه الأمنية العظيمة، فكم من صرخات مكتومة ضاقت بها صدورهم، وكم من جراحات وهموم وأحزان تعتصر قلوبهم حسرةً على حال أبنائهم!

وأردف أن حال الناس حال نبي الله نوح -عليه السلام- حين نادى على ابنه: (يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا) (هود: 42)؛ مضيفًا أن ذلك النداء الخالد الذي ما زال يدوي في جنبات الكون إلى يومنا هذا، وإلى أن يرِث الله -تعالى- الأرضَ ومَن عليها، نداء لهفة قلب كل أبٍ مكلوم على ابنه الذي حاد عن الطريق، لعله ينجو بنفسه قبل فوات الأوان، وصراع ممتد بين أبوة ملهوفة مكلومة، وبنوة تعيش في غفلة وغرور؛ وبنوَّة غارقة تأبى أن تستجيب، بل تزداد صلفًا وكِبرًا وغرورًا، وبنوة تقول بقول ابن نوح -عليه السلام-: (قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ) (هود: 43).

واستطرد: "صيحة نذير وصرخة تحذير لكلِّ ابن عاق، حاد عن الطريق، قبل أن يتغير المشهد ويأتي الموج الغامر كالجبال ليحسم الموقف في سرعة خاطفة راجفة؛ ليبتلع كل شيء، ويسدل الستار على المشهد الأخير: (وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ) (هود: 43)".