سلطنة عمان تكسر هدوئها الدبلوماسي وتهدد بالانسحاب من مجلس التعاون الخليجي إذا أصرت السعودية على إنشاء اتحاد أمني خليجي

  • 103
جانب من حوار المنامة

تمر دول مجلس التعاون بالخليج العربي،في الآونة الأخيرة، بظروف صعبة حول ترتيبات أمنية بالغة الدقة والحساسية خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع التهديدات الإيرانية لدولها والمسألة السورية وضمانات اتفاق إيران ودول (5+1) ـ الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا ـ بشأن الملف النووي الإيراني، فبينما ترى السعودية إنشاء اتحاد خليجي أمني وزيادة قوات درع الجزيرة وقفت سلطنة عمان التي تربطها علاقات متوازنة مع إيران محل اعتراض تلك الوجهة السعودية.


يرى مراقبون أن تلك الخلافات ربما تكون قديمة لكن لم تكن واضحة للعيان مثلما تظهر هذه الأيام، فطالما تميزت دبلوماسية عمان مع السلطان قابوس بالهدوء والحذر وعدم إغضاب الجيران فضلا عن شقيقاتها من دول مجلس التعاون الخليجي أو باقي الدول العربية وكذلك أصدقائها الدوليين.

تغير مفاجيء


فاجأ الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في سلطنة عُمان يوسف بن علوي المشاركين في منتدى «حوار المنامة» الذي احتضنته العاصمة البحرينية المنامة السبت (7 ديسمبر 2013) بإعلان معارضة بلاده للاتحاد الخليجي وتهديده بالانسحاب من مجلس التعاون لدول الخليج العربية إن تم إقراره، فضلاً عن تجديد رفضه الانضمام إلى العملة الخليجية الموحدة أو توسعة قوات درع الجزيرة، في وقت جددت دول المجلس تأكيداتها على أن أمنها خط حمر على لسان أمينها عبداللطيف الزياني، في كلمته خلال المنتدى قائلا:إن «أمن دول المجلس وحقوقها، وسلامة مواطنيها ومكتسباتها وأراضيها تمثل خطوطًا حمراء لن تسمح دول المجلس مجتمعة لأحد بتجاوزها». ما يشير إلى تصعد اللهجة بين عمان ومجلس التعاون الخليجي.


وفيما دعت السعودية إلى «إعادة تصحيح هوية المجلس وتغليب المصلحة العامة»... قال بن علوي، في كلمة أمام المشاركين في المنتدى الذي تطرقت معظم الكلمات الوزارية التي ألقيت أمامه إلى الاتفاق: «نحن ضد الاتحاد»، موضحًا أن السلطنة «لا تريد الدخول في صراعات وينبغي النأي بالمنطقة عن الصراعات الدولية».


وأكد رئيس الدبلوماسية العمانية أن لدى بلاده «تحفظات سياسية وعسكرية واقتصادية على قيام الاتحاد الخليجي». وعن توسعة قوات درع الجزيرة، أجاب: «لا توجد حاجة لتوسعة قوات درع الجزيرة باعتبار أن المنطقة ليست في حالة حرب». وعزا ذلك إلى أن "المنطقة، ومنذ القرن السابع عشر وحتى اليوم وهي تواجه تهديدات وتحديات، إلا أنه وبعد أن أصبحت منطقة الخليج غنية بالنفط اهتمت بها الدول الغربية والتزمت بالحفاظ على أمن المنطقة"...


ليس ذلك وفقط بل إن يوسف بن علوي تحدث بصراحة لافتة خاصة فيما يتعلق بالدور الغربي في حماية المنطقة خاصة دول الخليج من التهديدات الإيرانية وبأنه لا داعي لتكوين اتحاد خليجي صبغته أمنية لمواجهة إيران، قائلا:"إن أي تهديدات عسكرية هي مسؤولية غربية، ودول الخليج ليست على استعداد عسكري لمواجهة جيراننا". وبشأن انضمام سلطنة عمان للعملة الخليجية الموحدة، قال الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في السلطنة إن مسقط «لن تنضم أيضًا إلى هذه العملة»، مطالبًا بأن «يكون هناك استقرار اقتصادي شامل قبل الحديث عن العملة الموحدة».


تهديد عماني


وذكر بن علوي ردًا على سؤال بحسب وكالة «فرانس برس»: «لن نمنع الاتحاد لكن اذا حصل لن نكون جزءا منه»، مستطردًا أن «موقفنا ايجابي وليس سلبيا. فنحن ضد الاتحاد لكننا لن نمنعه». وفي حال قررت الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي إقامته، فإن بن علوي أوضح أن بلاده «ستنسحب ببساطة من المجلس». وقال بن علوي، في المنتدى: إن لدى مسقط «تحفظات سياسية وعسكرية واقتصادية على قيام الاتحاد الخليجي»، مضيفًا: «لا توجد حاجة لتوسعة قوات درع الجزيرة باعتبار أن المنطقة ليست في حالة حرب». وطالب بأن «يكون هناك استقرار اقتصادي شامل قبل الحديث عن العملة الموحدة»، في حين دعت السعودية إلى «إعادة تصحيح هوية المجلس».


موقف سعودي

وسبقت تصريحات بن علوي كلمة لوزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية نزار مدني الذي دعا دول الخليج إلى أن تكون «يدا واحدة في مواجهة المخاطر في المنطقة».


وقال مدني إن «الدعوة إلى الاتحاد تعبير عن ضرورة أمنية سياسية اقتصادية استراتيجية ملحة». وتابع: «يجب أن نتوحد لنكون عامل قوة». وأفاد أن «مصدر القلق الفعلي يكمن الان بين السعودية وايران»، مشيرًا إلى أن دول المجلس «شهدت الكثير من التهديدات خلال الأعوام الاخيرة».


وأردف: «التحديات التي تواجهنا تفرض علينا تبني صياغات جديدة لدعم أمننا المشترك»، مطالبًا بـ«إعادة تصحيح الهوية الشاملة للمجلس وتغليب المصلحة العامة على النظرة الضيقة والمصلحة الأحادية»، ومشددًا على «ضرورة أن تعمل دول الخليج بجدية نحو الاتحاد للحفاظ على مكتسبات دول وشعوب الخليج».


تصريحات الزياني


في غضون ذلك، شدد الزياني، في كلمته خلال المنتدى على أن «أمن دول المجلس وحقوقها، وسلامة مواطنيها ومكتسباتها وأراضيها تمثل خطوطًا حمراء لن تسمح دول المجلس مجتمعة لأحد بتجاوزها».


وأوضح أن «مجلس التعاون انتهج مفهوم الأمن الجماعي كمحور رئيس في عمله وتفاعلاته، حيث يعتبر المجلس أن أمن دوله كل لا يتجزأ، وأن أي اعتداء أو تهديد لإحداها، أو تدخل في شؤونها الداخلية، هو تهديد واعتداء على الدول الأخرى، تقع مسؤولية مواجهته عليها جميعًا».


وأضاف الزياني: «أوضح تجسيدات مفهوم الأمن الجماعي في تحرير دولة الكويت من الاحتلال العراقي في العام 1991، وفي الدعم المستمر لمطالب الإمارات باستعادة جزرها الثلاث أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى من إيران، وفي تأمين المنشآت الحيوية في البحرين في العام 2011 من قبل قوات درع الجزيرة ضد التدخلات والتهديدات الخارجية، وذلك من خلال تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك الموقعة بين دول المجلس عام 2000».

موقف بحريني


بدوره، جدد وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة ترحيب المملكة باتفاق إيران مع مجموعة 5 1 بشأن ملفها النووي، موضحًا أن بلاده وبقية دول مجلس التعاون «تريد أن يصل هذا الاتفاق الأولي إلى اتفاق نهائي يأخذ في الاعتبار مصالح الجميع في المنطقة».


الابتسامات البيضاء


دعا رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية في المملكة العربية السعودية الأمير تركي الفيصل آل سعود في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية إيران إلى «إظهار نواياها الطيبة تجاه دول المنطقة بدلا من توزيع الابتسامات البيضاء فقط».


أمريكا وأمن الخليج


المسألة الخليجية الأمنية لم تقف عند هذا الحد ولكن سرعان ما تدخل وزير الدفاع الأمريكي "تشاك هاغل" بالتأكيد على الحضور من دبلومسي مجلس التعاون الخليجي في حوار "المنامة" بالإبقاء على 35 ألف جندي في المنطقة، مشددًا على التزام بلاده بأمن منطقة الخليج العربي، وعلى ضرورة أن تترافق الدبلوماسية مع إيران بـ«القدرة العسكرية»، فيما حذر رئيس الدبلوماسية البريطانية وليام هيغ من تفكك سوريا، ومخاطر امتداد الإرهاب على أوروبا.


وقال هاغل في كلمة أمام «حوار المنامة» أمس السبت إن «الاتفاق المرحلي مع إيران للحد من برنامجها النووي يستحق المجازفة، لكن يجب عدم إساءة فهم الدبلوماسية الغربية». وأضاف: «نعرف أن الدبلوماسية لا يمكن أن تعمل في الفراغ».

القوات الأمريكية بالخليج والتفاهم مع إيران


وأكد هاغل أن «نجاحنا سيبقى مرتبطًا بالقدرة العسكرية للولايات المتحدة». وأردف هاغل أن الولايات المتحدة «ستبقي على أكثر من 35 ألف عسكري في الخليج وحوله..ولا تنوي إدخال أي تعديلات على قواتها في المنطقة»، بعد الاتفاق مع طهران.


وتابع أن هذا الوجود العسكري «يشمل عشرة آلاف جندي أمريكي مع دبابات ومروحيات أباتشي، ونحو أربعين سفينة بينها مجموعة حاملة للطائرات ومنظومات للدفاع الصاروخي ورادارات متطورة وطائرات مراقبة من دون طيار وقاذفات يمكن أن تقوم بعمليات قصف بعد إنذار قصير».


وقال وزير الدفاع الأميركي: «نشرنا أكثر مقاتلاتنا تطورًا في المنطقة، بما في ذلك طائرات إف-22، لضمان الرد بسرعة على كل الاحتمالات الطارئة». وأكد أنه «مع الذخائر الفريدة التي نملكها، ليس هناك أي هدف لا يمكننا الوصول إليه».


في السياق اجتمع هاغل بنائب وزير الدفاع السعودي الأمير سلمان بن سلطان، حيث قالت مصادر مطلعة إن الأول «شدد خلال المحادثات على أن الشراكة الدفاعية أساسية للإبقاء على العلاقات الطويلة الأمد»، في حين أفيد عن زيارة يقوم بها غدًا الإثنين إلى المملكة ومن بعدها قطر.


تفكيك سوريا


أما وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ، فحذر من أن «سوريا قد تتفكك كليًا» في حال لم يتم التوصل إلى تسوية العام المقبل. وقال هيغ في كلمته: «في حال استمر النزاع، فإن سوريا نفسها قد تتفكك. ومع التطرف المتصاعد، فإن مساحة خارجة عن سيطرة أية حكومة قد تخلق في قلب الشرق الأوسط»، داعيًا إلى أن «يكون 2014 عام حل النزاع».


مخاطر الإرهاب

وبعد أن أشار إلى «الخطر المتزايد للإرهاب»، أكد هيغ أن «جيران سوريا سيكونون في الخط الأول في حال تدهور النزاع بشكل كارثي، ولكن هذا الأمر سيشكل أيضا تهديدا قويا لأطراف أخرى في العالم من بينها أوروبا».


وتابع: «يجب أن تكون هناك سلطات ممنوحة بالكامل لهيئة انتقالية ومستقلة في سوريا، ما يعني أن بشار الأسد وجماعته لن يلعبوا دورًا سياسيًا».

كما تطرق هيغ في كلمته إلى الخطة مع إيران للوصول إلى حل شامل، مؤكدًا «ضرورة البحث عن الأمور الدبلوماسية بدلاً من الدخول في صراع غير معروفة نتائجه»، على حد تعبيره.


وأضاف: «لا تنازل عن حربنا ضد "الإرهاب"، والتزامنا بالقضية النووية لا يعني السماح لإيران بالقيام بما يحلو لها في المنطقة». وواصل أن «الكثير من البلدان ترى أن هذه المنطقة هي منطقة مشكلات، ولكننا نراها منطقة فرص كبيرة، ولذلك دعمنا دبي لتحصل على استضافة معرض (اكسبو 2020)».


موقف أمريكي


حدد هاغل موقف الولايات المتحدة تجاه سوريا في المنتدى قائلاً إن الولايات المتحدة «ستستمر في تقديم المساعدات للاجئين السوريين والدولتين المجاورتين الأردن وتركيا»، لكنه أشار إلى «ضرورة مواجهة تصاعد التطرف الذي يتسم بالعنف».