"الفتح" تدق ناقوس الخطر .. تشكيلات عصابية جديدة تهدد الصيدليات والصحة العامة

  • 91
د. رمضان امين أحد ضحايا النصب

"الفتح" تدق ناقوس الخطر .. تشكيلات عصابية جديدة تهدد الصيدليات والصحة العامة
نقيب الصيادلة: من يروجون لهذه الأفعال المشينة هم أصحاب المخازن ومعدومي الضمير .. وندرس قوانين تمنع بيع الدواء المحروق
مساعد وزير الداخلية الأسبق: السرقة بأسلوب واحد يؤكد أنها عصابة واحدة .. ولابد من إعادة النظر في المتهمين المحبوسين في قضايا مماثلة
النقيب: لسنا جهة تفتيش على أعضاء النقابة .. ولابد من حظر بيع الأدوية إلا من خلال الشركات .. وهناك أصحاب مخازن معدومو الضمير بحاجة إلى مراقبة


وقع عدد من أصحاب الصيدليات فريسة النصب والاحتيال بطرق جديدة وحديثة، ابتكرتها عصابات متخصصة فى سرقة الأدوية، حيث ظهرت عدة سرقات من قِبَل أشخاص يدخلون بعض الصيدليات في أوقات وأيام معينة بعد دراسة جيدة ومتأنية للمكان، اشتكى عدد من الأطباء الصيادلة بعدة مناطق، منها منطقة المرج الجديدة والمطرية وعزبة النخل والخصوص، بسبب تعرضهم للنصب والاحتيال من خلال سرقة كميات كبيرة من الدواء بحجة إصلاح أو تركيب شيء في ثلاجات الأدوية، مطالبين بقوانين رادعة وعاجلة لحظر بيع الأدوية إلا من خلال فواتير مثل تجارة الذهب.

انفردت "الفتح" بسرد هذه الأحداث مع عدد من الضحايا، حيث فنَّد الدكتور رمضان أمين، صيدلي وشريك بصيدلية "حاتم علي"، بمنطقة المرج الجديدة محافظة القاهرة، تعرضه لسرقة كمية كبيرة من الأدوية ذات الأسعار المرتفعة بقيمة "41 ألف جنيه"، من قبل تشكيل عصابى خطير يوم الأحد الموافق 30 أغسطس، في تمام الساعة التاسعة صباحًا.

وأوضح أمين، أن بعض الصيادلة أو المتخصصين يشتركون مع هذه العصابة؛ لأنه يعلم جيدًا نوع الدواء الذي يسرقه، كما أنه تردد لأكثر من مرة على المكان لدراسته جيدًا، موضحًا أنه حضر في يوم الأحد بسبب أجازات كثيرة من المحلات المجاورة والورش، حيث زعم كاذبًا أنه يقوم بتغيير غاز الفريون للثلاجة التي بها بعض الأدوية وخاصة الأنسولين لمرضى السكر.

ومن ثم الفتاة التي تعمل بالصيدلية أثناء غيابه بتفريع كل الأدوية الموجودة بالثلاجة في أكياس بناءً على رغبة اللص، وبعدها قامت سيدة تدَّعي المرض تريد الحصول على سرنجة دواء لتخفيف آلامها، وعند دخول الفتاة لإعطائها الحقنة بالغرفة الجانبية، دخل عدة أشخاص وقاموا بأخذ هذه الأكياس، كذلك تفريغ بعض أدراج الدواء التي بها كميات كبيرة ومرتفعة الأسعار وركبوا سيارة وهربوا على الفور.

وأوضح الدكتور رمضان أمين، أن الفتاة التي تعمل معه بالصيدلية، لا تعلم -في الحقيقة- أن تلك المرأة التي أخذت سرنجة الدواء داخل الغرفة ضمن التشكيل العصابي الذي قام بالسرقة أم لا.

بدوره، أكد الدكتور مسعد هدهد، صاحب صيدلة "هدهد"، تعرضه للسرقة من قِبَل أشخاص مجهولين في حدود شهر فبراير من العام الماضي، حيث تم دخول أحدهم بحجة أنه مريض وبحاجة إلى "حقنة"، إلا أنه تبين بعد انصرافهم مباشرة من الصيدلية، سرقة مبلغ قيمته 25 ألف جنيه أثناء انشغاله مع الشخص المريض في الحجرة داخل الصيدلية.

وأوضح مسعد، أن هؤلاء الأشخاص تابعون لتشكيل عصابي منظم ومدرب جيدًا، مطالبًا بسرعة ضبطهم لعدم وقوع العديد من الأطباء الصيادلة فريسة لهم، مشيرًا إلى أن تلك المشكلة تحديدًا باتت متكررة في مناطق متعددة بالقاهرة.

وفي السياق ذاته، أكَّد الدكتور مصطفى محمود ، صيدلي، أن هؤلاء الأشخاص لا يخلو منهم مَن يعمل بالمجال؛ لأن السرقات الثلاث الأخيرة التي تكررت في أسبوع واحد تعتمد بشكل أساسي على أنواع الدواء غالية الثمن.

وأكد محمود، أن غياب القانون الرادع لتداول الدواء بالإضافة إلى عدم سن قوانين تجرم بيع كميات الدواء إلا من خلال فواتير، جعل المشكلة تتكرر منذ العام الماضى وحتى الآن، مطالبًا نقابة "الصيادلة" بسنِّ قانون عاجل بمنع بيع الدواء خاصة الكميات الكبيرة إلا من خلال فواتير مختومة ومعتمدة؛ وبالتالي يتم التضييق على هؤلاء المجرمين.
وكشف الدكتور مصطفى، أن هناك مافيا من قِبَل بعض الصيادلة ومعدومي الضمير، الذين يشترون هذه الأدوية بثمن بخس وهم يعلمون جيدًا أنها مسروقة؛ لذا على الدولة التحرُّك الفوري لضبط هؤلاء ومنع تكرار تلك الحوادث التي باتت منتشرة خلال الآونة الأخيرة.

أضاف الدكتور فادي جرجس، صاحب صيدلية "فادي" بمحافظة القاهرة، تعرضه لنفس المشكلة، لكنه فقد كمية صغيرة من الأدوية.

بدوره، قال اللواء محمد نور الدين، مساعد وزير الداخلية الأسبق، إن التشابه في سرقة الصيدليات بهذا الأسلوب المبتكر، يؤكد أنها عصابة واحدة تعمل في هذا المجال، وهو ما يستدعي إعادة النظر مرة أخرى في المتهمين المحبوسين في قضايا سرقات والتي تتشابه جرائهم مع تلك الظاهرة.

وطالب مساعد وزير الداخلية، الأجهزة المعنية بالبحث والتدقيق في هذه الحوادث المتكررة وضبط هذا التشكيل العصابي، موضحًا أن هذا النوع من السرقات يحتاج إلى متابعة سريعة وفورية من جهاز الأمن، بالإضافة إلى تعاون المواطنين والأهالي في التعرف على هؤلاء الأشخاص.

وأوضح نور الدين، أن الأمر لا يحتمل السكوت أو الانتظار، لكنه بحاجة إلى التحرك واشتراك أصحاب الصيدليات الذين تعرضوا لهذه المشكلة ومحاولة مساعدة أجهزة الشرطة في ضبط هؤلاء المجرمين الذين يقومون بالنصب والاحتيال على المواطنين، مشيرًا إلى أن من يقومون بالسرقة في هذا المجال تحديدًا يعرفون أصحاب صيديلات بعينها لشراء هذا الدواء المسروق منهم بنصف أو ربع الأسعار العادية.

وطالب اللواء محمد نور الدين، أصحاب الصيدليات بتحرير محاضر بأقسام الشرطة التابعة لهم، ومِن ثَمَّ التحرك من قبل أفراد الأمن لملاحقة هذه العناصر التي تبتكر أسلوبًا جديدًا لسلب أموال الناس بدون وجه حق.

أكَّد الدكتور محيي عبيد، نقيب الصيادلة، أنه يوجد بعض أصحاب مخازن الدواء من معدومي الضمير، كما أن هناك بعض المتخصصين يشتركون في بيع كميات من الدواء وهم يعلمون أنها مسروقة، مشيرًا إلى أنها مشكلة، وبحاجة إلى متابعة من قِبَل قطاع التفيش والرقابة على الصيادلة؛ لأن النقابة ليست جهة مراقبة على أعضائها.

أضاف عبيد، أن المشكلة الأساسية تكمن في غياب الضمير، موضحًا أنه حال ضبط أو إثبات أحد النقابيين بالاشتراك في هذه الوقائع سوف يتم فصله على الفور من قبل مجلس النقابة، مشيرًا إلى أنه يمكن ضبط أصحاب المخازن من خلال الفواتير الموجودة مع الصيدلي الذي تعرض للنصب.

وأكد نقيب الصيادلة، أن المجلس بصدد سن قوانين تمنع أصحاب المخازن من بيع وتداول أية أنواع أدوية خلاف المتعاقد عليها؛ وبالتالي مَن يتم ضبط أنواع مخالفة لديه سيتم تحويله للمحاسبة والتحقيق فورًا، مضيفًا أنه ستتم مناقشة المشكلة في انعقاد مجلس النقابة خلال الفترة المقبلة.

وتابع: "سنطلب على الفور من أجهزة الرقابة على الدواء عدم بيع أية أدوية إلا من خلال الشركات فقط وليس الأشخاص، كي يتم حماية أعضاء النقابة من تلك الظاهرة".