نكشف أسرار جديدة حول عقار "الأزاريطة" المائل

  • 140
عقار الأزاريطة المائل

العقار لم تصدر ضده أي قرارات إزالة.. والمالك تمنى سقوطه كي يبني آخر أكثر ارتفاعًا

إدارة الحي تعلم بالمَيْل منذ 5 أشهر.. لكنهم طمأنونا بأنه بسيط نتيجة التربة الرملية

المتضررون: نعيش في المساجد.. وطلاب الثانوية يذاكرون وسط الشارع

تشهد مدينة الإسكندرية حالة من الفساد وقلة الضمير وصمت المسئولين عن توالي كوارث سقوط العقارات بالمدينة، وانتشار العقارات المخالفة والمباني الشاهقة وسط انحطاط أخلاقي من أصحابها، فهناك عقارات مخالفة بعضها متهالك وقد أنشأت في غفلة من المسئولين، وهناك من يشتري الأسطح ويبني عليها لكسب المال لا أكثر.

وقد شهدت المدينة انهيار وميل العقار الكائن بمنطقة الأزاريطة، وهو مكتظ بالسكان ومكون من 13 طابقًا؛ حيث مال على العقار المقابل له مسببًا الرعب والفزع لسكان العقارين والمنطقة كلها، دون وقوع إصابات، الأمر الذي أدى إلى عمل كردون أمني وتكثيف قوات الأمن، ومنع المواطنين من الاقتراب، بالتعاون مع القوات المسلحة، وإخلاء سكان العقارات وقطع المرافق، مصحوبًا بسيارات الحماية المدنية وإسعاف المصابين؛ مما يدل على قلة الضمير في إنشاء الأساسات السليمة وبناء المسموح به ومسح التربة، والتأكد من صلاحيتها من عدمه، فالصمت عنوان ناطحات سحاب عروس البحر.

مرت ساعات من القلق والفزع على سكان العقار المائل، معلنين عن غضبهم من تقاعس مسئولي الحي والمحافظة بالمدينة، مؤكدين أنهم طالبوا أكثر من مرة وقف البناء المخالف بالمنطقة؛ لإنقاذ حياتهم التي كانت ستودى بها نتيجة إهمالهم وفسادهم.

في هذا الصدد، يروي مصطفى السيد، موظف، أنه يقطن بالعقار المنهار هو وأسرته المكونة من 4 أفراد، وفوجئ أثناء تناولهم للسحور بحدوث ميل بالعقار، وساد الظلام؛ ومن ثم تركوا الطعام وهرولوا جميعهم للأسفل، كما أن الحماية المدنية قطعت جميع المرافق عن العقارات والمنطقة، على وعد بالعودة بمجرد حل الأمر.

وأضاف السيد لـ "الفتح"، أنه وأسرته يعيشون في المساجد حيث إنه لا يملك سوى هذا المنزل، ولا يعرف كيف ينام!، ولا يمارس حياته اليومية، ولديه أولاد، وابنتة ستتزوج عقب انقضاء رمضان، ولا يعرف كيف سيتم  هذا!، متسائلًا: كيف ذلك وحياتنا في لحظة دمرت؟ وماذا سنفعل فقد قضينا الشهر الكريم داخل المساجد ليل نهار، والمحافظة ترفض دخولنا المدارس للتعايش بها، كما وعدنا المحافظ أنه سيتم نقلهم فيما بعد لمساكن إيواء العامرية غرب المدينة.

وتتابع هالة السيد، إحدى قاطنات العقار، إنه قبل الانهيار بيوم واحد، انهار منزل قديم مجاور خال من السكان، وعقبها وأثناء تناول السحور تعرض عقارنا لميل شديد مما جعلنا "نتشهد"، ونقول إن العقار سينهار بالكامل، ثم فوجئنا بارتفاع الأصوات في الشارع تناشدنا وسكان العقار بالنزول؛ لأن العقار ينهار، وتركنا كل ما نملك من أوراق وأموال وذهبت أنا وأطفالي للخارج، إلا أن البعض كان يناشد قوات الحماية المدنية بالذهاب للعقار لأخذ المقتنيات والأشياء المهمة، لكن القوات منعت المواطنين من الاقتراب، لكن بعد ذلك تم تسليمنا جميع متعلقاتنا لاحقًا عن طريق الشرطة.

وأوضحت هالة لـ "الفتح"، أنه بالفعل حدث ميل بسيط بالعقار منذ قرابة 5 أشهر، وأبلغنا الحي بذلك، وبعد المعاينة أكدوا أنه لا خطورة عليهم، وهو "ميل بسيط" حيث إن الأرض رملية مشبعة بمياه البحر؛ نظرًا لقربها منه، لكننا ننتظر إجراءات المحافظة في إرسالنا للمساكن التابعة لها.

من جهتها، وصفت مديحة محمد عبده، قاطنة بالعقار المائل، تلك اللحظات بـ "المميتة"، فقد مال العقار وسقط على واجهة المبنى الآخر، وشعرنا بأن الموت اقترب، لكن بفضل الله لم يصبنا شيء، موضحة أنها تقطن بالعقار منذ بنائه عام 2004، وأنه لحظة شراء الوحدة السكنية تأكدوا من تصاريح البناء، وأن تصريح رئيس الحي والمحافظة بمخالفة العقار غير صحيح؛ فالعقار لديه رخصة بناء ولم يصدر أي قرار إزالة ضده، لكن ظهر العديد من التصدعات والشروخ وأبلغنا الحي بذلك لكن تم الإفادة بأن حالة العقار سليمة.

وأضافت مديحة لـ "الفتح": الآن نعيش في مهانة نحن وأطفالنا، نعيش على إعانات الجمعيات الخيرية المجاورة للعقار، ولا أمل حتى الآن بالحصول على شقق المحافظة في مأساة نشهدها ويشهدها سكان العقار والعقارات المجاورة من عدم تحمل المسئولية من المسئولين في تمكيننا من مساكن مؤهلة للعيش، وليست جمعيات أهلية أو مساكن إيواء.

وأضاف محمد حسن، أحد سكان العقارات المجاورة، أنه فزع من الموقف حيث اهتزت الأرض بشدة جراء ميل العقار، وفوجئنا بالشرطة تطالبنا بإخلاء المنزل على وعد بالعودة، وأنه يسكن الشارع لحين هدم العقار المنهار، والتأكد من سلامة كل العقارات بالمنطقة.

وتابع حسن لـ "الفتح"، أنه خائف من الرجوع لعقاره؛ نظرًا لأنه يحتاج إلى ترميم، والمالك لا يريد ذلك كي يسقط ويتمكن من إنشاء عقار آخر مرتفع يجني من ورائه المال، والاهتزازات التي حدثت من العقار المنهار ستؤثر بالفعل على العقار، لكن لا يوجد أي شيء قانوني يلزم مالك العقار بالترميم؛ مضيفًا أنه ذهب للحي مرات عديدة لشكوى مالك العقار لكن لا حياة لمن تنادي؛ لتصبح حياته وحياة أسرته مهددة جراء الفساد والإهمال.

بدورها، تؤكد ابتسام حسن، تقطن في العقار المقابل للعمارة المنهارة، أنها علمت أثناء وجودها خارج المدينة، وعلى الفور عادت محملة بالآمال، داعية بعدم فقدان شقة العمر، حيث إن كل ما تملكه دفعته لامتلاكها، لكنها حتى الآن تسكن لدى والدتها على أمل رجوعها للمنزل عقب تصريح الجهات الأمنية لها، وانتهاء حظر وجود السكان بالمنطقة، وهناك العديد من الأسر تقطن الشارع بدون أي أغطية أو ملابس.

وأشارت سامية حجاب، إحدى المتضررات، إلى أن بعض السكان يعزفون عن الانتقال لمساكن إيواء العامرية؛ حيث إن جميع متعلقاتهم ودراستهم بوسط المدينة، ويوجد طلاب في الثانوية العامة فكيف سيتم ذلك؟ بل إن منطقة العامرية من أشد المناطق فقرًا؛ فلابد من إعادة النظر ونقلنا لمساكن طوسون أو مساكن تابعة للمحافظة بوسط المدينة.

وتقول منى أسعد، قاطنة في العقار المائل، إنها منذ لحظة الإخلاء تسبب لها بأزمة كبرى، حيث إن ابنتها في الثانوية العامة، وتركت جميع ما يلزمها بالمنزل، ولم تستطع حتى الحصول على كتاب واحد، والآن تقيم مع شقيقتها، لكن لم نتمكن من الحصول على أي مراجعات للامتحانات، مما يعرضنا ليل نهار لمأساة، حيث إن طموحها كان كلية الطب، مؤكدة أن بعض السكان لديهم أبناء بمراحل الثانوية العامة أيضًا، والبعض منهم يسكن في الجمعيات الأهلية ومساكن الإيواء، ونتساءل: متي سينتهي هذا الرعب ونتمكن من الحصول على وحدة سكنية بحياة كريمة؟

وأضافت منى لـ "الفتح"، أن جميع سكان العقار يعيشون في مأساة خاصة مع الصيام في هذا الشهر الكريم، وأبناؤنا لديهم امتحانات؛ مطالبة بأنه لابد على المسئولين مراعاة الأمر والضغوط النفسية، كما أن مساكن الإيواء غير مجهزة تمامًا من ناحية الفصل بين الرجال والسيدات حتى الأبناء، والعمل على الإسراع في إصدار القوانين اللازمة للحد من ظاهرة البناء المخالف.