في صالح من مهاجمة حزب النور؟

  • 167

إن عودة د.مرسي للحكم صارت الآن في حكم المستحيل، فماذا يريد الإسلاميون حاليا؟ ليس أمامهم إلا ثلاثة طرق:
- إما أن يستكملوا مسار المصادمة ويتعرضوا لما يشبه الاستئصال أو ما حدث مع الجماعة الإسلامية في أواخر التسعينيات.
- أو أن ينزووا جانبا ويتركوا المشاركة في رسم وصياغة معطيات المشهد السياسي والاجتماعي، تاركين الساحة خالية لكل التيارات الأخرى.
- أو أن يشاركوا في المشهد الجديد ليحاولوا اكتساب مساحة جديدة وتقليل الخسائر نوعا ما، وأهمها وأخطرها الخسارة على المستوى الشعبي.

وبعيدا عن موقفك من التعامل مع السلطة القائمة في البلاد بعد عزل الدكتور مرسي فعليا في 2-7 كما قال في رسالته مع محاميه الدماطي أنه حبس في ذلك اليوم، وسواء اعتبرت أن مشاركة حزب النور في المشهد السياسي يوم 3-7 بعد أن طويت صفحة الرئيس المعزول هي من باب إبداء الرأي في المشهد الجديد أو أنها مشاركة في تقوية جانب النظام الجديد أو حتى مشاركة في عزل د.مرسي، فلنحلل الموقف ثانية الآن.

الذي وصلنا إليه الآن، هو أن الإخوان أصروا على الطريق الأول، واختار بعض الإسلاميون الطريق الثاني وخصوصا من السلفيين المستقلين، واختارت الدعوة السلفية وحزب النور الطريق الثالث وأيدهم فيه بعض الإسلاميين من جماعة أنصار السنة والجمعية الشرعية وبعض الرموز السلفية مثل الشيخ حسان وبعض الشخصيات الأخرى المستقلة، وإن تفاوت هذا التأييد بين تأييد شامل أو تأييد مقيد أو تأييد مفصل لبعض المواقف مثل الدستور الجديد، أو تأييد سري خوفا من ماكينة التشويه الإخوانية.

وصار حزب النور هو المنفذ الوحيد المتبقي للإسلاميين جميعا، سواء في الحياة السياسية أو اجتماعيا خارج الدائرة الضيقة للإخوان والمتعاطفين معهم. (ومن أهم النقاط التي تصد عن تفهم هذا كله، الأوهام التي لا يزال يعيش فيها البعض أن الزخم الشعبي لازال في جانب د.مرسي وأنصاره! ويمكن مناقشة هذه النقطة تفصيليا بعد ذلك، ولكن الغفلة عن الحقيقة فيها تؤدي لخطأ كارثي في التعامل مع المشهد).

وبفضل تسخير الله لجهود حزب النور صارت الدولة مقرة نظريا بوجوب حاكمية الشرع في الأنظمة والقوانين وينص دستورها على أحكام تلزم بتعديل حتى القوانين القديمة لتوافق الشريعة الإسلامية.
راجع هذا كتوثيق لهذه القضية:
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=558026450949673

وهذا ملخص لبعض ما نتج عن مشاركة الحزب في المشهد:
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=550385105047141

وبقي دفع الدولة والمجتمع من قبلها ليفعل هذه المواد النظرية ويطبقها.
وهذه كلها مكاسب عقدية تفوق أهمية بكثير الحفاظ على منصب تنفيذي ولو كان رأس الدولة، فإنه كان معزولا عن المؤسسات، لا تتناغم معه، ولا يحسن إدارة الأزمة.
وحتى لو لم تطبق الآن كلها، فنحن ندرك أهمية الإقرار النظري ولو تخلف التطبيق.. {قولوا آمنا...}
أليس الفرق بين آدم وإبليس هو الإقرار بالشرع؟ كلاهما عصى، ولكن آدم –عليه السلام- أقر بأن الأصل ألا يفعل..

وكل هذا في خضمّ مدافعة وجهود تبذل لإقناع الرأي العام بضرورة مساندة حزب النور في مطالب الشريعة ضد ما تريده بعض رموز التيارات الأخرى كالليبرالية والاشتراكية وغيرها.

والآن فإن من اقتنع بسلوك أي من الطريقين الأول والثاني، حينما يهاجم حزب النور فإنه يغفل عن أنه بهذا إنما يصب في مصلحة العالمانيين والمخططات الغربية لإضعاف أهل السنة في المنطقة ومن ينادون بلزوم منهج أهل السنة والسلف الصالح في الحياة بحذافيره وملامحه، سواء في قضايا الحاكمية أو الولاء والبراء أو الحريات الشخصية أو إقامة الحدود والحسبة أو الإيمان والكفر، والذي يجهر به رموز الدعوة السلفية على الفضائيات وفي المساجد وفي المجامع كاملا بحمد الله.

وغالب الظن أن من يهاجم حزب النور من أصحاب الطريقين الأول والثاني، إنما يخلطون بين هذا الطريق الثالث وبين مظالم السلطة الحالية، والواقع أنهم لا يكلفون أنفسهم أن يقرأوا حتى أي بيان من بيانات حزب النور سواء المكتوبة أو المذاعة على الفضائيات، ويكتفون بما ينشره ويذيعه أصحاب الطريق الأول.
والحقيقة أن حزب النور لم يؤيد أي ظلم حدث من السلطة الحالية ولم يصدر بيانا واحدا بتأييد الظلم ولم يسلّم إخوانيا واحدا ممن يعرفهم أبناء الدعوة السلفية ولا تعرفهم أجهزة الأمن إلى أمن الدولة! ولازالوا يعيشون بينهم ولم يقبض عليهم الأمن! بل العكس الذي حدث، فقد أصدر حزب النور وأصدرت الدعوة السلفية بيانات كثيرة تدين المظالم وتطالب بالكف عنها ورفعها ودفع الديات للمقتولين وتعويضهم!
خذ هذا كمثال بسيط على البيانات المتعددة رفضا وإدانة لكل أشكال الظلم:
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=513014042117581

فهل لدينا في الفقه الإسلامي ما يمنع شرعا من التعامل مع أي ظالم -ولو فحُش ظلمه، ولو ارتكب الظلم الأكبر وكفر بالله- هل هناك ما يمنع شرعا من التعامل معه في أي معاملة أخرى (وهي في حالتنا: المشاركة السياسية)؟

قطعا لا.. لكنها أزمة غلبة العاطفة على العقل، فضلا عن الوقوع في بدعة الخوارج، والتساهل في التبديع والتفسيق فضلا عن التكفير.
وإلا فأين غضبة الناس على ما فعله الإخوان في تونس من تنازلهم طواعية عن الحكم، بل وتنازلهم عن الشريعة تماما في الدستور التونسي الذي خلا من أي ذكر لها؟!
أين غضبة الناس على موقف بعض علماء السعودية الذين أوسعوا حزب النور إنكارا وبهتانا، ثم سكتوا كلهم بعد قرار الملك بحظر جماعة الإخوان واعتبارها إرهابية فلم نسمع لهم ركزا؟ هل لديهم ميزان للمصالح والمفاسد يتعطل عند تصويبه نحو حزب النور؟!

فيجب علينا جميعا أن نتقي الله ونراجع مواقفنا ونعد لها جوابا بين يدي الله سبحانه وتعالى.

فلعل الطريق الثالث الذي كرهته أو يأست منه أن يأتي بالخير، فلا تحجر واسعا.. {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا، وإن الله لمع المحسنين}
وانظر لما مضى؛ فستتلمس أي جانب حاز البصيرة، واستبصر الطريق:
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=551388898280095