وإن تتولوا يستبدل قومًا غيركم

  • 180

هناك أطراف دولية لها مطمع كبير في أن يختل التوازن داخل مصر، وذلك بمعاونة كل من يساهم في ضياع الإطار الأخلاقي الذى يحمي القشرة التي تحافظ على تماسك المجتمع، وهذه القشرة رغم أنها تعرَّضت لضربات موجعة من أوائل القرن الماضي خصوصًا من الناحية الاجتماعية والفكرية، فإن المقاومة التي أبداها كبار أهل الإصلاح وأتباعهم ساهمت في تخفيف أضرارها، ولكنها أصابت القشرة بالتصدُّع بدرجة ما، ويرى المنافقون أن الوضع الحالي في مصر فترة ذهبية للتركيز الهائل نحو ضرب هذه القشرة بقوة حتى تصل إلي قريب من الاهتراء أو الانفصال !
 
فالدولة ليست أهلًا لهذه المقاومة، والتيار الإسلامي يتعرَّض لأكبر عملية تشويه في تاريخه وللأسف هو أيضًا يساهم في زيادة هذا التشويه بقدر لا بأس به، بالإضافة إلى هذا الإسفاف الأخلاقي وإزالة الحواجز بين الرجل والمرأة بشكل أكبر وأوسع وظهور الكم الكبير من المشاكل داخل البيوت مما يُعرِّض الأسرة المصرية إلى الانكماش لتزداد مساحات المطلقات وأولاد الشوارع ... إلخ من وسائل ضرب القشرة!
 
وحتى لا أسهب في بيان الواقع فإنني أري تقاعسًا واضحًا وسلبية مفرطة من المصلحين تجاه أمتهم ووطنهم، وبعض هؤلاء المصلحون ينظرون بعين الإحباط والاكتئاب لما يحدث في الوطن، لدرجة أن بعضهم يُصرِّح أن الشعب يستحق ما يحدث له !
 
أولا يدري هذا المصلح أن الشعب هو أنا وأنت وأقاربنا وجيراننا وأصدقائنا وغيرهم.
 
وأن ترك الفساد الأخلاقي أو غيره سينخر في عظام هذا المجتمع حتى يتعرَّض للسقوط وحينها سأكون أنا وستكون أنت معهم لأننا شئنا أم أبينا هم منّا ونحن منهم !
 
أيها المصلح : أعلم أن الخريطة معقّدة والرؤية في بعض مشاكلنا ضبابية، والإحباط واسع، ولكن في نفس الوقت التحدي كبير وخطط الأعداء من المنافقين وغيرهم تتجه لإفساد هويتك ودينك ونساء أمّتِك وبنيتكَ الاقتصادية والاجتماعية والسياسية .
 
فهل يجوز لك أن تجلس في بيتك لتنتظر أن يسقط مجتمعك في مزيد من براثن الانحدار الأخلاقي والمصائب الجنسية؟
 
فأولادك سيتعرّضون لهذا الفساد شئت أم أبيت، فهل مهدت لهم ولغيرهم طريقًا معبّدًا يتجاوزون فيه برحمة الله هذا الانحدار العظيم؟!
 
وهل يجوز لك أن تنتظر عودة الرئيس أو الشيخ أو المفكّر أو المهاجر أو الهارب من لظى المعركة لكي يصحح لك المسار أو يحميك من الانحراف؟!
 
وهل ستنتظر أن ترى التبرُّج والعُري والانحلال يغلب على المجتمع؟
 
بالله عليك: ماذا تنتظر؟!
 
لابد أن تُدرك أنه قد تطول مدة الانتظار ويظل جميع من بجوارك يحدثونك عن الخير الذى في السراديب وأن نصر الله قريب دون أن يقدموا شيئًا يُذكر غير الوعود البرّاقة والتي تجعلك ممسكًا بحبلٍ تظنّه متين ولكنه في الحقيقة سراب يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا !
 
لا تجعل انتشار كل هذه الموبقات في مؤخرة اهتماماتك بحجة انتشار الظلم، وأن مقاومة الظلم هي الركن الركين وأنه لا كلام ولا حديث في شيء آخر إلا بعد القضاء عليه !
 
أخي الكريم :
قُم وانفض عنك غبار الإحباط واليأس، واعلم أن الظُّلم إذا لم يواجه سيُصبح قهرًا، كما أن الانحلال إذا لم يقاوم سيُصبح واقعًا مرحَّبًا به، كما أن التشاؤم والسخرية والشماتة والقتل أصبحت واقعًا في حياتنا الآن !
 
الخلاصة :
أنذر عشيرتك الأقربين، وضع جبهتك بالليل لرب العالمين، وانشر قضيتك بعلم وفهم ورفق في كل مكان تذهب إليه، تعاون مع من يريدون إعلاء كلمة الله بصدق، واعلم أن الحق يدمغ الباطل بشرط أن يواجهه لا أن تعتقده وتجلس على أريكتك في بيتك منتظرًا من يقوم بدورك، اجتهد في الدعاء، كن قدوة حسنة، إياك والرياء والجهل والحسد فإنها أودية المهالك، استعن بربك وتوكّل عليه فلا ملجأ منه إلا إليه.
اللهم قد بلَّغت، اللهم فاشهد.