تقرير- من وراء الأزمة.. الجفاف وشح المياه يخيمان على الحياة في سوريا وانهيار مناسيب السدود

اتهامات لتركيا بمنع مياه نهري دجلة والفرات رغم معاناتها من نفس الأزمة

  • 396
أرشيفية

الجفاف وشح المياه يخيمان على الحياة في سوريا بسبب نقص الأمطار 

الأراضي السورية تعاني من تهديد في الموارد المائية ونقص منسوب السدود والأنهار

اتهامات لتركيا بمنع مياه نهري دجلة والفرات رغم معاناتها من نفس الأزمة


كتب- عمرو حسن

معاناة جديدة تضاف إلى المأساة التي يعيشها السوريون في بلادهم التي مزقها عدوان بشار الأسد وحلفائه، فمن تبقى من السوريين يعيشون في منازل مُهدَّمة بلا طعام أوخبز، ولا حاجة للحديث عن الدواء والنفط فإنهم معدومين وباهظي الثمن، وإن تحمل السوريين كل تلك الأوضاع فكيف يعيشون دون مياه.

أوضاع قاسية، وحديث عن موجة جفاف لم تواجهها سوريا مسبقًا، ما بين نقص في الأمطار وهطول الثلوج التي كانت تذوب لترفع مستوى الأنهار، وتغذي السدود السورية، بالإضافة عن نقص في المياه الجوفية السورية، وتزامنًا من الأسباب الطبيعية للأزمة يرى البعض أن تركيا لها يد في الأزمة، ويوجهون إليها تهم باستخدام المياه سلاحًا، أدى إلى زيادة معاناة السوريين.

السدود السورية تكاد تكون فارغة تمامًا، كما أن نهر الفرات قلَّ منسوبه للغاية، وأضحت مضخات المياه غير قادرة على تزويد القرى والمزارع بالمياه، وبحيرة الأسد التي كانت تخزن أكثر من 14  مليار متر مكعب من المياه، انخفض منسوبها بمقدار ستة أمتار، وتضرر ثلث المضخات في سوريا، والبالغ عددها 200 مضخة على طول نهر الفرات، ما أدى لحرمان أكثر من خمسة ملايين شخص في المنطقة من الوصول إلى مصادر المياه، وفقا لبيانات الأمم المتحدة.

وأكدت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "الفاو"، أن موسم الأمطار في سوريا تأخر لقرابة شهرين، وأن ارتفاع درجة الحرارة خلال شهر أبريل، أثر على الكثير من المحاصيل، وتقول يونيسف إن انخفاض مستويات المياه يهدد أيضا مصادر الطاقة خاصة أن حوالي ثلاثة ملايين شخص في شمال شرق سوريا يحصلون على الكهرباء بشكل أساسي من ثلاث محطات للطاقة الكهرومائية على نهر الفرات.

وقال تيسير النجار، رئيس الهيئة العامة السورية للاجئين بمصر، إن السد الأساسي في سوريا هو سد الفرات، وأنه بالفعل يوجد أزمة في المياه السورية، وشح المياه يضغط على السوريين، لافتًا إلى أن المياه تأتي من تركيا، ولكن المشرفين على سد الفرات وعلى السدود السورية بشكل عام هم قسد – الأكراد- يتصرفوا بالمياه ويتخذون قرارات بحجب المياه لافتعال أزمات بين سوريا وتركيا وإظهار الأنهار وكأنها خاوية وهناك شح بالمياه.

وأكد النجار أنه يوجد أزمة بالفعل لكن الأكراد بأفعالهم يضخمونها بحجب المياه أو التصرف فيها، منوهًا أن الأكراد رغم كونهم أبناء سوريا، إلا أنهم يفتعلون الأزمات بين تركيا وسوريا لإثارة الأزمات والمشاكل فيما بينها قضية المياه.

وقال عبد الرحمن ربوع الباحث والمحلل السياسي السوري، إن الأراضي السورية تعاني من انخفاض كبير ومتواصل في منسوب مياه الأنهار، وانخفاض مستوى السدود، مضيفًا أن سوريا منذ عامين تمر بأزمة جفاف بالإضافة لسنوات الثورة العجاف ومعاناة السوريين.

وأوضح الباحث والمحلل السياسي السوري، في تصريحات خاصة للفتح، أن الشعب السوري يدخل عامه الثالث على التوالي دون حلول لأزمة نقص المياه، مضيفًا أن معاناة السوريين ليست فقط بسبب نقص منسوب مياه الأنهار، ولكن أيَضًا بسبب شح الأمطار وانخفاض مستوى المياه الجوفية وانخفاض مستوى ما يصل من مياه عبر أنهار الفرات والخابور والبليخ والساجور، وكلها أنهار قادمة من تركيا.

تركيا وأزمة المياه السورية

نهري دجلة والفرات ينبعان من جبال طوروس في تركيا ويمران بالأراضي السورية ويصبان بالنهاية في أراضي العراق، وتأتي المياه من مياه الثلوج التي تتكون في الشتاء أعالي الجبال وتذوب في شهر الصيف، ومياه الثلوج تكون كثيرة للغاية، وتكون مع مياه الأمطار كل كمية مياه نهري دجلة والفرات.

وانخفاض منسوب نهر الفرات وكذلك نهر دجلة، بسبب أن تركيا تواجه أشد مواسم الجفاف منذ 10 سنوات بسبب نقص كمية الثلوج على جبال طوروس وغيرها، وكذلك انخفاض معدل الأمطار، وهو ما أكدته صحيفة جاردن البريطانية، أن المدن التركية تعاني من نقص المياه، وأن المزارعين جنوب تركيا على حدود اليونان يخشون من تأثر الزراعة من نقص المياه، رغم إن تلك المنطقة هي منطقة جبال طوروس والمدن المحيطة بها، وهي نفسها التي ينبع منها نهري دجلة والفرات.

وأيدت هذا الموقف التركي خريطة نشرتها مديرية الأرصاد الجوية التركية، حيث أوضحت الخريطة الجفاف الشديد الذي ضرب محافظة تركية على حدود سوريا، وأكدت أن هذا الجفاف بسبب نقص نسبة هطول الأمطار طيلة فصل الشتاء الماضي، مما أدى لانخفاض منسوب مياه نهري دجلة والفرت.

وقال الدكتور مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية ، تركيا بالفعل تتحكم في مياه نهري دجلة والفرات، لأنها دولة المنبع، كما أنها تتحكم في كمية المياه الوارة لدولتي المصب سوريا والعراق، مضيفًا أن أي دولة منبع حتى ولو لم تكن بحاجة للمياه، فإنها تتحكم في مياه الأنهار التي تقع داخل أاراضيها.

وأكد أستاذ القانون الدولي، أن مسألة الأنهار حياة شعوب ودول ولا يجب الصمت عنها، والتقاعس عنها لسنوات وبعد هذا يصرحون بالظام وعدوان الأخرين، لافتًا أن الصراعات الدولية القادمة ستكون على المياه بين دول المنبع والمصب بسبب تحكم دول المنبع في المياه الواردة لدول المصب.

وقال عبد الرحمن ربوع، الخبير السياسي والمعارض السوري، إن هناك حملة موجهة من بعض الجهات والشخصيات، لتحميل تركيا مسألة الجفاف وانخفاض منسوب المياه في سوريا والعراق مضيفًا أن الحقيقة والواقع يقولان إن تركيا تشهد أزمة جفاف، وبالتالي فإن نقص المياه في تركيا وسوريا والعراق، بسبب نقص منسوب مياه نهري دجلة والفرات، لان مصدر النهرين، من مياه الثلوج الذائبة من جبال طوروس، وبسبب شح في الأمطار والثلوج وانعكس ذلك على انخفاض المياه.

ويرى هاني سليمان الباحث في الشؤون الإيرانية، ومدير المركز العربي للدراسات، أن أزمة السدود موجودة في سوريا منذ فترة كبيرة، مشيرًا إلى أن سوريا تعاني من تهديد في الموارد المائية، لافتًا إلى صراع عراقي سوري مع تركيا فيما يخص الأنهار بعد جفاف بعض الأنهارالسورية والعراقية.

وأوضح سليمان في تصريحات خاصة للفتح، أنه بالرغم من تعدد الأسباب التي أدت لنقص منسوب المياه في سوريا، إلا أن تركيا استغلت نهر دجلة في العراق، والفرات في سوريا، وساهمت في نقص مستوى المياه، وتعد أحد أسباب أزمة السدود الموجودة في الداخل السوري، وأن تركيا تعاني أيضًا من شح المياه.

وأعلن الاتحاد الأوروبي اليوم الأربعاء تخصيص 10 ملايين يورو (11.3 مليون دولار) مساعدات إضافية لدعم المتضررين من الجفاف بسوريا، وقالت المفوضية الأوروبية في بيان إن التمويل الجديد سيساعد في توفير المياه وإعادة تأهيل البنية التحتية الحيوية بقطاع المياه مشيرة إلى أنه سيسهم أيضا في تحسين الصرف الصحي والنظافة في العديد من المناطق السورية، وتوفير وقود التدفئة والبطانيات والملابس الشتوية وإصلاح الخيام للفئات المعرضة للخطر خلال فصل الشتاء.