جرائم حرب تلاحق الحكومة المركزية في إثيوبيا

العدد الورقي

  • 72
الفتح - جبهة تيجراي


جبهة تيجراي: نظام آبي أحمد مارس الإبادة الجماعية والتهجير القسري والقتل خارج إطار القانون

باحثة سياسية: الوضع خطير والاتحاد الإفريقي عاجز عن الحل

كتب- شريف ربيع

تعيش إثيوبيا منذ نحو عامين أزمات داخلية وصراعات مسلحة، وتجدد الصراع المسلح خلال الأيام القليلة الماضية بين قوات آبي أحمد رئيس الوزراء الإثيوبي وقوات جبهة تحرير "تيجراي" في المنطقة القريبة من السد الإثيوبي، واتهمت الجبهة الحكومة الإثيوبية بارتكاب جرائم حرب وتهجير قسري والقتل خارج إطار القانون فضلاً عن خرق الهدنة المعلن عنها منذ نحو 5 أشهر، وتقدمت قوات "تيجراي" تجاه عدة مدن جديدة كانت تسيطر عليها قوات آبي أحمد؛ مما دفع الحكومة الإثيوبية للإعلان رسميًّا عن سيطرة الجبهة على مدينة كوبو.

ويوم الثلاثاء الماضي، أعلنت جبهة تحرير "تيجراي"، أنها عازمة على مواصلة التقدم في شمال إثيوبيا ما دامت التعزيزات العسكرية الحكومية تشكل "تهديداً" لمنطقتهم، متهمة نظام آبي أحمد بانتهاك الهدنة.

من جهتها، قالت د. فريدة بنداري، نائب مدير المركز العراقي الإفريقي للدراسات الاستراتيجية، إن تجدد الاشتباكات مرة أخرى يؤكد أنه تلوح في الأفق أسباب حرب ثالثة بينهما لا سيما مع حرص آبي أحمد على مواصلة الاقتتال الداخلي في بلاده دفاعًا عن حُكمه ونُخبته الأمهرية التي استبدلها بهيمنة "تيجراي"؛ فقد أعلنت وزارة الدفاع الإثيوبية عن إسقاط طائرة كانت في طريقها لجبهة "تيجراي" تحمل أسلحة ومعدات عسكرية، وأسقطها الجيش الفيدرالي غرب "تيجراي"، مع وجود تلميح من القيادة الإثيوبية على أن الطائرة قادمة من السودان.

وأضافت "فريدة بنداري" لـ "الفتح" أن الجبهة اتهمت حكومة إثيوبيا بالخداع والتضليل للمجتمع الدولي؛ فهي تدعي سعيها للسلام من خلال التفاوض، وفي الوقت ذاته يقوم الجيش الفيدرالي بأنشطة عدائية في جبهات مختلفة ضد قوات "تيجراي"، علاوة على استمرار حكومة آبي أحمد في حصار الإقليم وقطع طرق الإمداد عنه، والإصرار على رفض استئناف عودة الخدمات الأساسية إلى الإقليم؛ مؤكدة أن الحكومة الإثيوبية –من خلال ذلك- تناور بورقة المفاوضات لخداع المجتمع الدولي استعدادًا لبدء جولة جديدة من الإبادة الجماعية لـ"تيجراي".

وأردفت أن هذه الأحداث تمت بعد اتفاق الهدنة الإنسانية الموقع بين الطرفين يوم 24 مارس الماضي، وهذه هدنة هشة لعدم الاتفاق خلالها على خارطة طريق لاستقرار الدولة أو الوصول لاتفاق عملي لعودة السلام في الإقليم لضمان وصول المساعدات، بل إن آبي أحمد يتعمد إطالة زمن هذه الهدنة عدة أشهر لإضعاف شعبية الجبهة داخل الإقليم عن طريق استمرار الحصار واستخدام سلاح الجوع؛ لأن افتقار الإقليم للخدمات الأساسية وتدهور الأوضاع سيزيد سخط سكانه على قادتهم؛ ما يسهل على الحكومة الإثيوبية القضاء على قيادات الجبهة والتخلص منهم نهائيًّا، فهناك نحو 6 ملايين شخص عزلوا في "تيجراي" عن العالم الخارجي لمدة 500 يوم بسبب الحصار.

وأشارت الباحثة السياسية إلى امتداد دائرة الصراع هذه المرة إلى المثلث الحدودي بين إقليم تيجراي وولاية عفر في منطقتي "يالو" و"أمهرة" داخل بعض المناطق الجبلية؛ والحرب هناك ليست حربًا تقليدية بالمعني الحرفي لكنها أقرب لحروب العصابات، وجيش "تيجراي" بارع فيها. منوهة بأن ما يحدث يوحي بخطورة تفكك الدولة خلال الأشهر القليلة المقبلة إذا لم يتراجع آبي أحمد عن سياساته، أو يتخلص منه المعنيون بإدارة البلاد، وهناك توقعات كثيرة داخلية وخارجية بذلك باعتباره حلًا لنزع فتيل الزمة.

ونوهت بأنه في هذه الحرب غير المتكافئة بين شعبين بات بينهما شقاق فمن المستحيل العودة لما كان، وفي هذا النوع من الصراعات يلعب الدعم الإقليمي دورًا مهمًّا وداعمًا رئيسًا في النصر أو الهزيمة؛ فلم يعد اليوم أشبه بالبارحة فقد تلقى آبي أحمد دعمًا خارجيًا قويًّا نجا بسببه من حبل المشنقة الذي التف حول عنقه؛ لأن بقاءه في السلطة مهم لاختراقهما وتأمين تموضعهما في منطقة القرن الإفريقي؛ لذلك ساعداه ماديًّا وعسكريا بطائرات "درونز" التي حولت كفة هزيمته إلى نصر وصدت قوات "تيجراي" من أمام أبواب العاصمة الإثيوبية.

وتابعت: هذا بالإضافة إلى أسياسي أفورقي، رئيس إريتريا، الذي شاركت قواته في الهجوم على الإقليم وتنتشر قواته حتى الآن في بعض مناطق إقليمي أمهرة وتيجراي. لكن ليس معني ذلك أن أديس أبابا لن تجد داعمًا إذا تطورت الأزمة وتغلبت قوات "تيجراي" ومعها قوات بعض الأقاليم الأخرى على قوات آبي أحمد.

وأوضحت د. فريدة بنداري أن الاتحاد الإفريقي دعا الشركاء الدوليين إلى زيادة دعمهم لعملية الوساطة التي يقودها برعاية "أولوسيجون أوباسانجو" الممثل السامي للاتحاد بمنطقة القرن الإفريقي، لكن الاتحاد لم يوفق حتى الآن في التوصل لاتفاق سلام بسبب تعنت أديس أبابا في شروطها؛ لأنها تريد بدء المحادثات دون قيد أو شرط برعاية الاتحاد الإفريقي. هذا في الوقت الذي يرفض فيه شعب "تيجراي" وساطة "أوباسانجو" لتشككهم في حياده، ويطالبون بإعادة تأمين الخدمات الأساسية لمنطقتهم قبل أي محادثات.

وختمت بأن هذا الطرح يضعنا أمام محاولات فرض الأمر الواقع  من الطرفين، وسط ظل الفشل الدولي والقاري في صياغة شروط محادثات السلام، بل ويؤكد أن الاتحاد الإفريقي فشل حتى الآن في أهم الملفات الحيوية كهذه الأزمة والسد الإثيوبي وما خلفه من أزمات بين الدول الثلاث المتشاطئة، وأن الوضع لن يتغير في الوقت القريب، وستظل الحرب دائرة بين الطرفين اللذين يرى كل منهما أن الآخر أصبح تهديدًا لوجوده.