تحذيرات من دعوات النسوية للعزوف عن الزواج

علي منصور وهاجر رجب

  • 158
الفتح - زواج أرشيفية

"بسيوني": الزواج ليس نزهة لقضاء شهوة عابرة بل مسئولية مستمرة تحتاج إلى مؤهلات حقيقية

العبودية هي وظيفة العمر المصاحبة للإنسان في كل مراحل حياته

"أحمد الشحات" يكشف تاريخ ومراحل الفكر النسوي.. ويوضح خطوات مواجهته


انتشر في الآونة الأخيرة كثير من الدعوات الهدامة التي تحض الشباب والفتيات على العزوف عن الزواج؛ بزعم التخلص من المسؤولية عند الرجال، والتخلص من تسلط الرجل على المرأة كما تروج الدعوات النسوية التي تهدف إلى هدم الأسرة المسلمة؛ ما جعل الدعاة والمصلحين يردون على تلك الدعوات؛ لتوضيح الهدف من الزواج في الشريعة الإسلامية ورد شبهات النسوية في المجتمعات المسلمة.

من جهته، قال المهندس سامح بسيوني، الكاتب والداعية الإسلامي، إن الغاية من الزواج أنه إحدى محطات العبودية لله؛ فهو أحد أركان الرؤية التأهيلية الشاملة لصناعة الفرد النافع وبناء المجتمع الصالح، موضحًا أن بناء الفرد هو الخطوة الأولى لبناء الأمة فبناء فرد يساوي بناء أمة، وهذا البناء لا يُتحصل عليه إلا عبر بناء رئيس وسيط وهو بناء الأسرة السوية في "متسلسلة التغيير" وهي (إيجاد الفرد المسلم - إيجاد الأسرة المسلمة – إيجاد الطائفة المؤمنة – إيجاد المجتمع الصالح)، مشيرًا إلى أن العبودية هي وظيفة العمر المصاحبة للإنسان في كل مراحل حياته (الشباب – الدراسة – التخرج – تكوين الأسرة)، والزواج على هذا يعتبر وسيلة من وسائل التغيير وتحقيق العبودية، وسببًا من أسباب الخيرية والسبق إلى الله، ونعمة من أجلّ النعم التي ينعم الله بها على عبده، ومرحلة يُبنى عليها ما بعدها من استقرار وسكن أو اضطراب وقلق.

وأكد "بسيوني" أن الزواج ليس نزهة عابرة لقضاء شهوة عابرة، بل هو مسئولية مستمرة تحتاج إلى مؤهلات حقيقية؛ فالنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من استطاع منكم الباءة فليتزوج"، و "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه"، و "تنكح المرأة لأربع، لدينها ومالها وجمالها وحسبها؛ فاظفر بذات الدين تربت يداك"؛ لذلك فأول مؤهلات الزواج، القدرة على الباءة وتشمل: القدرة الجسدية، ومنها: حفظ الجسد والحذر من الإباحية والعادة السرية، والقدرة المالية وهي ضبط دوائر الضروريات والحاجيات والتحسينيات، قال رسول الله: "أقلهن مهرًا أكثرهن بركة"، وتنمية المهارات لتحقيق دخل جيد، والقدرة النفسية وهي التأهيل النفسي ومعرفة الخصائص النفسية للطرف الآخر، وتحمل المسئولية؛ فالأمر ليس مرحلة ترفيهية، قال رسول الله: "كلكم راعٍ وكلكم مسئولٌ عن رعيته"، لافتًا إلى أن النجاح في المسئولية يحتاج إلى تحقيق المعية، وتحقيق المعية لها مقومات ضرورية، قال الله تعالى: ﴿وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۚ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ".

وحذر الكاتب والداعية الإسلامي الشباب من أن تطيش عقولهم ويُسلب البساط من تحت أقدامهم بسوء الفهم لمفهوم الحب والخلط بينه وبين طغيان الشهوة تحت مسمى الحب، موضحًا أن الحب الحقيقي هو مشاعر متولدة تنبئ عن ميل قلبي وهو سهل التولد بين الجنسين إن تواجدت فيه النية الصادقة والاحترام المتبادل وتأدية الحقوق بين الطرفين والحرص على الآخر، وأعظم صور الحرص ألا يكون المحب سببًا في غضب الرب على المحبوب، وأما الحب المزيف هو ميل شهواني لصورة مرسومة ينتهي بانتهاء نيل الشهوة من الطرف الآخر؛ فالعشق والهيام يذوب مع كثرة الاحتياجات وضغوط الحياة إن لم يكن حبًا حقيقيًا؛ لذلك تجد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لم نر للمتحابّين مثل النكاح"، مؤكدًا أن الحب الذي يستديم به الزواج ليس تفريغًا للطاقة الجنسية فقط، بل هو التعامل الحسن المستمر بمودة ورحمة وأريحية، فقد قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾، لافتًا إلى أن السكن يشمل الراحة والطمأنينة والدف والحماية، والمودة تشمل الإيثار والرأفة والحب والعطاء المتبادل، والرحمة فوق ذلك من الإيثار والرأفة والحب بلا عوض.

وأشار المهندس أحمد الشحات، الكاتب والباحث الشرعي، إلى أن النسوية قديمًا لم يكن لها ذكر أو حضور في أوساط المجتمعات المسلمة، أما الآن فربما تشكل عقول جيل بأكمله من الفتيات، وقد انتشرت على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي مجموعة من الفتيات تدعو إلى رفض الرجال في حياتهن من رافعي شعار "إحنا بنات فيمنست"، موضحًا أنها كلمة انتشرت مؤخرًا بين الفتيات، وبدأت تتكرر على لسان مجموعة من البنات اللواتي يزعمن الدفاع عن الحقوق والقضايا التي تخص المرأة، لافتًا إلى أنه كانت هناك أطوار ومراحل لظهور النسوية، فالموجة الأولى كانت نسوية المساواة والدعوة إلى المساواة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وكانت النتيجة ذوبان الأنوثة وتذكير المرأة وطمس الهوية الأنثوية للمرأة.

وأضاف "الشحات": والموجة الثانية كانت النسوية الجنسية وهي نسوية الجندر، وهي تسليع المرأة في الغرب وتحويلها لسلعة جنسية، لا تعرض إلا وهي عارية الجسد أيًا ما كان سبب العرض، واستغلال جسدها في الترويج للبضائع والسلع. والموجة الثالثة كانت النسوية الإلحادية وانتهت هذه الموجة إلى نتيجة واحدة وهي أن المشكلة في الدين ذاته؛ لأنه يحتقر المرأة بزعمهم، ولا وسيلة للالتقاء بين النسوية والإسلام. والموجة الرابعة هي النسوية الإسلامية أو ما يعرف بـ"الإسلاميك فيمنست" وانطلقت هذه بقوة خلال مؤتمر عقد في ماليزيا عام 2009 بمشاركة 50 دولة ونتج عن هذا المؤتمر تأسيس حركة مساواة التي تُعرف بأنها حركة عالمية من أجل المساواة والعدل وتقوم هذه النسوية على محاولة القيام بمواءمة المفهوم الغربي لحقوق المرأة.

وأكد الكاتب والباحث الشرعي أن هناك خطوات لمواجهة الفكر النسوي، ومنها: تدريس فقه الزواج وكيفية الاختيار لشريك الحياة، وتدريس أحكام الأسرة وضوابطها الشرعية، وتدريس آداب وحقوق الزوجين، وبيان الهدي النبوي في التعامل مع النساء، وبيان حقوق المرأة في الإسلام، وبيان تاريخ الفكر النسوي في الغرب وفي بلادنا، وكشف وتعرية حقيقة أهداف الفكر النسوي، ورد الشبهات المتعلقة بالقضايا المثارة من جانب النسويات، وتحصين الفتيات وتوعيتهن بحقيقة هذا الفكر، والتحذير من خطورة الصحبة السيئة، والانتباه لخطر الفضاء الإلكتروني وما يحمله من سموم، وعدم حضور أي فاعليات أو ورش عمل مجهولة المصدر، وعدم الانضمام إلى جمعيات أو منظمات المجتمع المدني، والتنبيه على خطورة التمويل الأجنبي، وإيجاد أدوار دعوية وخدمية للبنات، والتحذير من النصائح النسوية المدمرة، وكذلك التحذير من تشوه الدلالات الشرعية للشعائر بفعل الاغتراب والهيمنة.