الأطقم الطبية.. جنود الخطوط الخلفية في ملحمة النصر

  • 43
الفتح - دور الأطقم الطبية في حرب أكتوبر

كانت الأطقم الطبية أحد العناصر المهمة في نصر أكتوبر 1973،   إذ سلموا أنفسهم للوطن لتحقيق الغاية المنشودة والنصر على عدو غاشم مغتصب للأرض، وقصت العديد من الشهادات الأدوار البطولية للفرق الطبية في ملحمة النصر، إذ استطاعت المستشفيات بتكاتف الجميع أن تقدم الخدمات للمصابين والجرحى العسكريين بجانب تقديم الخدمات الطبية للمرضى من المدنيين وذلك على مدار الساعة طوال فترة الحرب.

ومن جهته، قال الدكتور محمد عز العرب، أستاذ الجهاز الهضمي والكبد بالمعهد القومي للكبد والأمراض المتوطنة، في تصريحات لـ "الفتح": في حرب أكتوبر المجيدة كانت هناك ملحمة وتضافر جميع الجهود بجميع الوزارات للخلاص من وصمة العار التي سببتها نكسة 1967،  مشيرا إلى أن حملات التبرع بالدم كانت في جميع المستشفيات، بجهود لا تنسى من الهلال الأحمر المصري.

وأوضح "عز العرب" أنه تم توفير جميع الخدمات الطبية على مدار الـ24 ساعة خلال فترة الحرب ومستشفيات الطوارئ بأطقم طبية كاملة خاصة في عمليات الإنقاذ السريع، سواء جراحات المخ والأعصاب والعظام والعيون والأنف والأذن والوجه، وكل ما يتعلق بإصابات الحروب، ولم يقتصر الأمر على تقديم هذه الخدمات بالمستشفيات العسكرية إلا أن مستشفيات وزارة الصحة والمستشفيات الجامعية شاركت بقوة في هذه الملحمة.

وأشار "عز العرب" إلى أن هذه الجهود ساهمت في الحد من وفيات الجرحى، لتكون بالفعل ملحمة شعبية كاملة الجوانب.

أما سيدة مبارك، نقيب تمريض السويس وإحدى المشاركات في حرب النصر، قالت: "بعد النكسة تم تهجيرنا من السويس، والتحقت بمدرسة التمريض في مستشفى أحمد ماهر بالقاهرة وقضيت بها عامًا دراسيًا، وتلاه آخران بمستشفى أم المصريين بالجيزة، وتم تعييني بالمستشفى عام 1971، موضحة أنها طلبت من وكيل وزارة الصحة بالمحافظة حينها الدكتور عثمان الزنيتي أن يوافق على نقلها للسويس، فرفض خوفًا عليها من الحرب خاصة أنها كانت في سن صغير فذكرت له أنها من أبناء السويس أصلا، وهو كان يشغل منصب وكيل "صحة السويس" قبل الجيزة، ومع إصرارها وافق، وبالفعل التحقت بالعمل في مستشفى السويس العام مع بدء حرب الاستنزاف.

وأشارت "سيدة" إلى أنها كانت ضمن الدفعة التي تعمل بالمستشفى وقت حدوث الثغرة ومحاصرة مدينة السويس، وأنها ظلت في الحصار لمدة 101 يوم من 22 أكتوبر إلى 29 يناير وهي الفترة التي حاصر فيها الصهاينة المدينة ووصلوا حتى ميدان الأربعين، وفي ذلك الوقت تصدى لهم أبناء السويس من المقاومة الشعبية، مشددة على حجم التلاحم الكبير الذي كان حاصلًا من الشعب والقوات المسلحة والمقاومة الشعبية.

 وتذكر البطلة في روايتها لـ "الفتح" أن المستشفى كان يستقبل المصابين والجرحى ويقوم بعمل اللازم لهم في ظل ظروف صعبة فالقصف ونيران المدفعية في كل مكان، ومع الحصار لم يجدوا ماء فكل منهم يحصل فقط على 500 سم من الماء في اليوم لكل استخداماته الشخصية، وعدم وجود تيار كهربائي.

وتشير "سيدة مبارك" إلى أنه مع بدء الحرب تم وصول أطباء وأطقم تمريض من محافظات مختلفة لتدعيم العمل بالمستشفى والمشاركة في هذا العمل البطولي حيث وصل عددهم إلى 300 وبعضهم كانوا يتبرعون بالدم للمصابين والجرحى، مشيرة إلى أن العمل كله كان في الدور الأرضي فقط خشية القصف.

وأشارت إلى أنه رغم توفر المستلزمات والأدوية كان تحدي فترة الحصار، هو عدم توافر الماء، إذ لم يكن هناك تعقيم والجميع كان يعمل ما في وسعه، والحالات التي تحتاج لتدخلات كبيرة كان يتم نقلها عن طريق الصليب الأحمر إلى مستشفيات القاهرة، والحالات التي تتوفى يتم دفنها بملابسها في مدافن جماعية تم إعدادها في منطقة "الروضة"، مشيرة إلى أن المستشفى كان يطبب وتداوي الجرحى والمصابين حتى المصريين وحتى اليهود الذين وصلوا للمستشفى بإصابات تم عمل اللازم لهم في حدود الإمكانيات التي أتيحت حينها.

وأوضحت "سيدة" أن الأهالي كانوا يتواجدون معظم الوقت في المستشفى كملجأ أمن إلى حد كبير فترة الحرب، وبعد فك الحصار عاد الجميع إلى أهله، إلا أنها تتذكر أصعب المواقف التي مرت عليها وهو بعد الإعلان عن فك الحصار والجميع يستعد للرحيل والعودة للأهل تعرض د. محمد أيوب وكان يشغل مدير الشئون الصحية لأزمة ونزيف بالبطن وتبرع الأطباء والتمريض له بالدم لمحاولة إسعافه لحين نقله للقاهرة بسيارة إسعاف إلى أنه توفي وذهبوا جميعًا لتوصيله لأهله ودفنه قبل عودتهم لمنازلهم وأهلهم.