المحن تُظهر معادن الشعوب.. معدلات الجريمة تسجل صفرًا خلال الحرب

محمد علاء الدين

  • 47
الفتح - مساعدة الغير أرشيفية

أساتذة اجتماع: الشعب المصري معدن لا يصدأ وأثبت تكاتفه من خلال الممارسات العملية

المجموعة 73 مؤرخين: شعبنا المتوحد خلفنا كان دافعًا لنقاتل بكل قوة وتضحية


إن كانت أظهرت حرب أكتوبر بسالة وشجاعة الجندي المصري على الجبهات؛ فإنها أيضًا أظهرت معدن الشعب المصري الأصيل الذي لا يصدأ، حيث أثبتت وثائق الحرب وسجلات الأمن العام خلوها من تسجيل أي بلاغات أو محاضر أو جرائم ارتكبت خلال الأيام البطولية التي خاضها الجيش المصري.

وبحسب الأرقام التي نشرتها المجموعة 73 مؤرخين والمهتمة بتوثيق كل ما يخص حرب أكتوبر، فإن الجرائم الجنائية قد اختفت مع الطلقة الأولى لحرب أكتوبر، حيث إن وزارة الداخلية وقتها لم تتلق أي إخطارات أو بلاغات تمثل مصدر خطورة.

وسجلت المجموعة شهادة اللواء طيار فاروق عليش، قائد لواء السوخوي في حرب أكتوبر تحت عنوان "الحرامية من الشرفاء في حرب أكتوبر" في شهادة قال فيها: "عندما علمت خلال الحرب أن معدل الجريمة والسرقات في مصر وصل إلى صفر خلال الحرب شعرت بالفخر بتلك الفئة الخاطئة في المجتمع المصري، وهي فئة النشالين والحرامية".

وبسؤاله عن سبب فخره وحرصه على نشر الخبر بين طياريه آنذاك، قال اللواء طيار فاروق عليش، قائد لواء السوخوي في حرب أكتوبر: "النشال ليس له مصدر دخل إلا السرقة، وأهله وأبناؤه يأكلون من المال الذي يسرقه، وعلاج أولاده وأمه وزوجته معتمد على دخله من السرقة، وعندما يتفق جميع النشالين في وقت واحد ودون اتفاق على وقف مصدر دخلهم طواعية ودون ضغط ودون تأمين أي مصدر آخر للدخل لإحساسهم بالوطنية وحب الوطن، وأنهم ليسوا أقل وطنية من الجنود التي تقاتل على الجبهة؛ فهذا أمر يجب أن يحترمه الجميع".

وأضاف: "إن هذا الأمر كان دافعًا قويًا لنا خلال القتال أنّ شعبًا متوحدًا وصفًا واحدًا خلفنا لكي ننتصر، ماذا تتوقعون منا بعد أن نعرف أن شعبنا خلفنا؟، قاتلنا بكل قوة وتضحية ولم يبخل منا أحد بدمائه وروحه فداء هذا الوطن".

من جهته قال الدكتور عبدالفتاح درويش، أستاذ علم الاجتماع، إن أحد أسباب تخطي أي كارثة أو أزمة هو مدى ترابط وتكاتف الجبهات الداخلية، فلم تنشغل القوات المسلحة المصرية ووزارة الداخلية آنذاك بوقوع جرائم خلال الأيام الأولى للحرب والتي امتدت إلى نصف نوفمبر، وكان التركيز ينصب على الثأر لهزيمة 67.

وأضاف "درويش" في تصريحات خاصة لـ "الفتح"، أن الأعمال الأدبية التي أرّخت لتلك الفترة سجلت توقف المطاريد في جبال الصعيد لأعمالهم واستعدادهم للمشاركة والتطوع في الحرب ضد العدو الغاشم.

وأكد أن الشعب المصري لم يرسب ولو لمرة في الاختبارات الحقيقية التي مر بها وأثبت قدرته على مواجهة الأزمات والتعامل مع المواقف الصعبة من خلال الممارسة العملية لا الكلامية.

وفي شأن متصل قال الدكتور عمرو سالم، مدرس علم النفس الإرشادي، إن الحس الوطني لدى المصريين حاضر بكل قوة وقت الأزمات، الجميع يغيب مصالحه الشخصية من أجل المصلحة العامة، وقد وجدنا ذلك متأصلًا في كل الأزمات التي مرت بها مصر سواء كانت حروبًا أو كوارث طبيعية.

وأكد "سالم" أن الأسر المصرية آنذاك اقتسمت لقمة العيش وضربت أروع الأمثلة في الإيثار والتكافل خاصة في مدن القنال خاصة وأن أغلب ميزانية الدولة المصرية في تلك الفترة كانت تذهب للإنفاق على الحرب وتجهيز الجيش المصري لتحرير الوطن.

وأضاف: "هكذا يتعامل الشعب المصري في كل أزماته خاصة وإذا كان الأمر يتعلق بالأرض والعرض".