تصدع الاتحاد الأوروبي ينمي توقعات وقف دعم أوكرانيا

خبراء: هناك تراجع في المواقف.. وقرار بولندا سيكون ضربة قاصمة لأمريكا والناتو

  • 22
الفتح - أرشيفية

تبدو كتلة أوروبا الموحدة أقل تماسكًا واتحادًا خاصة بعد وعد زعيم سلوفاكيا الجديد روبرت فيكو بسحب دعمه لأوكرانيا، وكان يوجد اعتقاد غير معلن بين حلفاء أوكرانيا الغربيين بأنه إذا حدث تصدع في الكتلة الداعمة لكييف فإن أمريكا ستكون نقطة الضعف الأساسية، خصوصا مع تلويح الديمقراطيين والجمهوريين بورقة الدعم الأوكراني خلال مناوشاتهم الانتخابية المبدئية، فتيار ترامب يرى ضرورة وقف هذا الدعم وإنهاء الحرب، في حين يرى تيار بايدن غير ذلك.

لكن ليست أمريكا وحدها هي الحلقة الأضعف في هذا الأمر، فهناك سلوفاكيا الدولة الجارة لأوكرانيا، والتي كانت إحدى أقوى حلفائها في حربها ضد روسيا، وبمعطيات الأمور فإن بولندا مرشحة بقوة للتخلي عن هذا الدعم، وإذا حدث ذلك فستكون أول شقوق التصدع في الحائط الأوروبي؛ ففي سلوفاكيا حدث تحول سياسي بعد الانتخابات البرلمانية التي جرت منذ أيام، والتي فاز فيها حزب روبرت فيكو، وسيشكل الحكومة هناك؛ وهو ما كان صادمًا لأوروبا لا سيما أنهم يعتبرونه شخصية خطرة وصديقة لبوتين وعدوة لكييف.

في هذا الصدد، قال الدكتور أحمد مصطفى، الباحث السياسي ورئيس مركز آسيا للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن الأسس التي قام عليها الاتحاد الأوروبي شديدة التعارض؛ لأن الإيطالي إيطالي والفرنسي فرنسي، والتشيكي تشيكي واليوناني يوناني، وهو اتحاد يقوم على الكثير من التناقضات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهو من ناحية الشكل الخارجي يظهر بمظهر القوي لكنه ضعيف من الداخل، وفي أول عاصفة اقتصادية عصفت به كانت خلال عام 2008م، وكانت فضيحة وسقوطًا ماليًا كبيرًا، والثانية كانت جائحة "كورونا"، والفضيحة الثالثة هي الحرب الدائرة الآن بين روسيا وأوكرانيا التي لا تعلم الدول الأوروبية لماذا هي مجبرة على الإنفاق ولمصلحة من ؟، خاصة أن هذا الفائز بالانتخابات البرلمانية الجديدة في سلوفاكيا قال إن السلوفاك أولى بهذه الأموال، ويجب أن تذهب إلى مجراها الطبيعي؛ لأننا لا نجد جدوى من هذا، وليس من مصلحة سلوفاكيا معاداة روسيا والحصول على مواد الطاقة بأسعار شديدة الارتفاع، وربما قرأ المستقبل في هذا الصدد وتوقع أن موسكو بالفعل انتصرت في تلك الحرب التي استعدت لها منذ 10 سنوات.

وأضاف مصطفى لـ "الفتح" أن بوتين رجل يفهم في الاقتصاد، وربما مع فتح الجبهة أيضًا في غزة أمريكا أصبحت في وضع في منتهى الصعوبة، لا سيما أن لديها جبهة ثالثة في بحر الصين متمثلة في تايوان؛ وهنا يتضح مدى هشاشة المخابرات الأمريكية وتعاطيها مع الأوضاع، وقد تخطتها المخابرات الروسية بكثير، واتضحت مدى قوة وصلابة الجيش الروسي أمام الجيوش الأوروبية والمرتزقة وقد دارت الحرب لنحو عامين استُنزفت خلالهما القوات اقتصاديا وعسكريا، والغرب في موقف صعب الآن خصوصا مع ما يشهده النظام العالمي الجديد الذي تتلقفه القوى الجديدة المتمثلة في الدول الموجودة في "بريكس" و"بريكس +" والمجموعات الأخرى.

وأردف أن بولندا كذلك تمر بنفس هذه الإشكالية، خصوصا أن هنالك إشكالية أخرى تتعلق بالقمح من دول وسط وشرق أوروبا؛ فأمريكا تحاول الضغط على 5 دول منهم منها بولندا لبيع القمح، وهنا تناقض بين الجانبين وهذا يخل بالميزانيات والمصالح الأوروبية ودعم المزارعين، وبالتالي يوجد تعارض في المصالح وصارت هناك انتقادات توجه من بولندا وربما لا تسمح بمرور أسلحة عبرها، خاصة في ظل هروب 5 ملايين مواطن أوكراني من خلال بولندا إلى وسط وغرب أوروبا، وحاليًا تهدد بغلق الحدود خاصة أنها تعيش وضعًا اقتصاديًا سيئًا، وإذا حدث هذا فسيؤدي إلى انفراط العقد الأوروبي لأن واشنطن –أو الناتو على وجه التحديد- يراهنان بشكل كبير جدًا على بولندا في هذا الشأن لقربها من الحدود الروسية، ولأنها عضو في "الناتو" وتوجد بها قواعد عسكرية أمريكية، وتسهل العبور اللوجيستي، وتعد إلى حد ما كاشفة على الجانب الروسي؛ فخروج بولندا من دعم أوكرانيا سيكون ضربة قاصمة لأمريكا والناتو".

فشلٌ أمريكي

وأشار إلى أن من ضمن العوامل التي تعول عليها الحملة الانتخابية للديمقراطيين –برئاسة جو بايدن- هو الفوز بالحرب الأوكرانية، لكن الواقع غير ذلك فقد ثبت فشل المخابرات الأمريكية وفشل "الناتو" أيضا في إدارة هذه الأزمة ، خصوصا في ظل اعتماد الاقتصاد الأمريكي على بيع السلاح كأحد أكبر موارده؛ فقد فشلت القبة الحديدية في الكيان المحتل (إسرائيل) في الوقت الذي حاولت فيه أمريكا بيعها لبولندا أيضًا، وكان عزل كيفن مكارثي من رئاسة الكونجرس أنه اعترض على منح أوكرانيا المزيد من الأموال والدعم، فهناك حاليًا تخبط شديد لدى الإدارة الأمريكية وتعاني أزمة عدم وجود أموال لدفع رواتب الموظفين لديها، وحجم الدين الخارجي بالنسبة للفرد الأمريكي نحو 100 ألف دولار، وهذا رقم كبير ينذر بأزمة اقتصادية كبرى تفوق ما حدث في عام 2008م. وبخصوص مخزون السلاح فإن أمريكا وأوروبا يحتاجون من سنتين لأربع سنوات –بموجب تقارير صدرت لعدد من البحوث الأمريكية- لتزويد أوكرانيا بالسلاح اللازم للاستمرار في الحرب.

في حين ترى ماري ديجيفسكي، الكاتبة المختصة في الشؤون الخارجية، أنه حتى الآن يحاول الاتحاد الأوروبي بقاءه متحدًا في مواقفه، وزار وزراء خارجيته كييف مؤخرًا كنوع من التعبير عن دعمهم لأوكرانيا في حربها ضد روسيا، وكدلالة رمزية بخصوص انضمامها مستقبلًا للاتحاد الأوروبي.

وأضافت أن الانتخابات البرلمانية البولندية إذا نتج عنها تحول في موقفها الداعم لكييف، فإن هناك دولًا أخرى ستحذو حذوهما (بولندا وسلوفاكيا)، خاصة أنه لا يوجد سبب مقنع أمام شعبيهما لتحمل عبء دعم أوكرانيا.