العقوبات الإدارية تعرقل أهداف الزراعات التعاقدية

خسائر كبيرة للفلاحين بعد رفض المصانع استلام المحاصيل.. وكلمة السر "تأخير"

  • 40
الفتح - الزراعات التعاقدية أرشيفية

حين وضعت الدولة المصرية مخطط الزراعات التعاقدية من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي، بإصدار الرئيس عبد الفتاح السيسي، عام 2015 قراره رقم 14 بشأن إنشاء مركز الزراعات التعاقدية، كان الهدف قطع شوط كبير بالتوسع في تطبيق نظام الزراعة التعاقدية في مصر نظراً لما يحققه من مزايا الزراعة التعاقديةـ من أجل تحقيق أهداف التنمية الزراعية وإنفاذها على أرض الواقع، لكن في الآونة الأخيرة بدأت العديد من السلبيات من الظهور.

وكان أبرز هذه السلبيات ما حدث في محافظات الدلتا من تلف كميات كبيرة من البنجر بسبب عقوبات إدارية من المصانع المتعاقدة نظرًا لتأخر الفلاح عن تسليم المحاصيل في مواعيدها، مما جعل عددًا ليس بالقليل من المزارعين يخسر في المحصول، وكذلك عدول بعض المزارعين عن زراعة القطن لذات الأسباب وهي العقوبات الإدارية، التي تفرضها الشركات المتعاقدة على المحصول.

ومن جهته، قال المهندس وجيه فضل، مهندس زراعي بمحافظة كفر الشيخ، إن زراعة القطن لم تعد مثمرة للعديد من الأسباب أحدها كونه أصبح زراعة تعاقدية ما بين الشركات والفلاح، حيث أصبحت الشركات تتعاقد على المحصول قبل زراعته، مما جعل المحصول منخفض الثمن مقارنة بالأسعار العالمية وقت حصاده، وكذلك ارتفاع تكاليف الإنتاج وانعدام الطلب على القطن، وارتفاع الميزة النسبية للمحاصيل الأخرى.

استطرد: "أصبح الفلاح يفضل زراعة الأرز لارتفاع سعره عن القطن، وكذلك يبقى في الأرض مدة أقل وكذلك الذرة مدة زراعتها ودورتها الزراعية أقل ويعمل أيضًا كمصدر للتغذية للمواشي، وغيرها من الزراعات التي تحقق إنتاجية أعلى من القطن وتدر دخلًا على الفلاح أو المزارع بشكل أكبر".

وأشار "فضل"، في حديثه لـ "الفتح" إلى أن زراعة القطن كمحصول تعاقدي يجعل تحديد سعره في بداية الموسم من الأمور المقلقة لدى المزارع، إذ يحتاج النبات للأسمدة والمبيدات بكثرة، وكذلك يعتمد على العمالة اليدوية بكثرة طوال فترة النمو وكذلك الحصاد، كل هذه العوامل جعلت المزارع يعزف ويبتعد عن زراعة الذهب الأبيض.

وأوضح أنه لإنجاح منظومة زراعة الأقطان بمصر، وعودة الذهب الأبيض لمجده عند المزارع، لابد من رفع سعر قنطار القطن وعودة الدورة الزراعية وكذلك توفير شركات لشراء القطن بشكل أكبر من المعروض بالإضافة لدعم الدولة للمزارعين بالإرشاد الزراعي، وتوفير شركات لشراء القطن وتوفير السلالات المحسنة عالية الجودة لتحقيق أعلى إنتاجية.

وفيما يتعلق بمحصول البنجر والذي يعد أحد أهم الزراعات التعاقدية، فتسبب أيضا بمعاناة الفلاحين خلال الفترة الماضية، فبعدما تعاقدوا مع الشركات قبل الزراعة وتوفر له الشركات السلالات المخصصة للزراعة، وكذلك تقوم بعمل الندوات الإرشادية، ولكن مؤخرًا اشتكى عدد منهم بمحافظات الدلتا من تعرض المحصول للتلف وخسارتهم بشكل كبير وهو ما جري رصده في "الفتح" في حينه.

وعن أسباب ذلك، قال الدكتور أحمد أبو اليزيد، رئيس مجلس إدارة شركة الدلتا للسكر، أحد أكبر المصانع في مصر والتابعة لوزارة التموين، إن مصر تعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي من السكر، من خلال ثمرة بنجر السكر أو قصب السكر في صعيد مصر، وتعد تجربة التوسع في زراعة بنجر السكر، عن طريق التعاقد مع الفلاح أحد نجاح هذه المنظومة.

استكمل رئيس مجلس إدارة شركة الدلتا للسكر، في تصريحات خاصة لـ "الفتح" أن ما حدث خلال الموسم الماضي من تلف للمحصول عند عدد من المزارعين، يأتي نتيجة للفهم الخاطئ الذي حدث، حيث تتعاقد شركة الدلتا للسكر مع الفلاح على مواعيد محددة في الحصاد سواء للعروة الأولى أو الثانية، وبناء على هذه التعاقدات يتم تشغيل المصانع، وما حدث كان عزوف المزارعين عن تقديم المحصول في الفترة المحددة مما تسبب في خسائر فادحة للشركة، ففي الموسم الماضي، في شهر رمضان، لم يورد المزارعون المحصول في مواعيده مما عطل خطوط الإنتاج داخل المصنع، وعقب إجازة العيد، بدأ المزارعون في الحصاد، مما تسبب في تكدس كبير للسيارات أمام المصنع، وأصبحت الطاقة الاستيعابية للمصانع غير قادرة على تحمل كل هذه الكميات من المحصول، فتم العمل على أن تكون الأولوية في استلام المحصول لمن التزم بتسليم محصوله في موعده، وبعد ذلك من تأخر عن التسليم.

وأضاف رئيس مجلس إدارة شركة الدلتا للسكر، أنه في حال ما إذا التزم الجميع بالمواعيد المحددة من قبل الشركة ستنجح المنظومة الخاصة بالزراعات التعاقدية ويكسب المزارع والشركات معًا وتحقق الاكتفاء الذاتي الذي تعمل الدولة على تحقيقه، أما حدوث أي خلل سواء من الشركات أو المزارعين ستنتج عنه طاقة سلبية تجعل المزارعين يعزفون ويبتعدون عن زراعة المحاصيل التعاقدية.