بالإيمان نعلو.. "برهامي" يحذر من تسبب أحداث غزة في الحزن الذي يدفع إلى الكسل والاستكانة لأهل الباطل

رغم ألم الفراق وألم سفك الدماء فإن الذين ارتقوا في غزة شهداء عند الله أحياء في الجنة لا تحزنوا عليهم

  • 138
الفتح - الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية

علق الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، على أحداث غزة وما يحدث فيها من عدوان صهيوني غاشم على المسلمين، قائلا: إنه لا بد من زوال الحزن، أصاب المسلمين حزن بعد مقتل سبعين منهم، وجرح عدد كبير في غزوة أحد، وقد كان الأمر عليهم شديدًا، خاصة بعد أن كادوا ينتصروا {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} أي: تقتلونهم بإذنه {حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 152]، مع أن الذين يريدون الآخرة كان فيهم محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان فيهم أبو بكر وعمر وسادات المهاجرين والأنصار، ومع ذلك؛ لأنه وجد منهم من يريد الدنيا هُزم الجميع، ولا حول ولا قوة إلا بالله. فحزنوا، فأنزل الله: {وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 139]. بالإيمان نعلوا. 

وحذر "برهامي" مما قد يعتري المسلمين من الحزن جراء هذه الأحادث، قائلا: إياك والحزن الذي يدفع إلى الكسل، ويدفع إلى الاستكانة لأهل الباطل، والذلة والمسكنة من الأمراض التي استعاذ منها النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهي قرينة القسوة والغفلة، كما قال: «اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والبخل، والهرم، والقسوة والغفلة، والعيلة والذلة والمسكنة». فهذه الأمراض القلبية المدمرة للأمم نهى القرآن عنها، قال تعالى: {وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 139].

وأضاف: إن إخوانكم الذين ارتقوا في غزة هم شهداء عند الله أحياء، لا تحزنوا عليهم، رغم ألم الفراق، وألم سفك الدماء، فقد ارتقوا إلى أجساد أخرى، قال تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 169/170]، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أرواح الشهداء أنها: «في جوف طير خضر، لها قناديل معلقة بالعرش، تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل، فاطلع إليهم ربهم اطلاعة، فقال: هل تشتهون شيئا؟ قالوا: أي شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا؟ ففعل ذلك بهم ثلاث مرات، فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا، قالوا: يا رب، نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى، فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا» [صحيح مسلم]. ولكن أنزل الله في ذلك قرآنًا يخبر المؤمنين بهذا الذي قاله الشهداء، لماذا الحزن إذًا؟

وتابع نائب رئيس الدعوة السلفية: والله استراحوا من هم الكرب الذي يعيش فيه الناس اليوم، قال تعالى: {وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [آل عمران: 139/140]، هو عز وجل الذي يداول أيام النصر والهزيمة.