تساءل إيهاب الشريف، الداعية الإسلامي: أين طوفانك العلمي في نفسك عندما يرحل العلماء الذين قاموا على هذه الدعوة المباركة؟ إذا رحل هؤلاء فمن للدين؟، نعم الله ينصر دينه، ولكن يجب علينا الأخذ بالأسباب وهناك أسباب يجب أن تبذل، وأنت إلى الآن لم تتميز في تحصيلك العلمي، فإلى من يلجا الناس في المسائل؟ والمخالفات كثيرة ناهيك عن الشركيات، فإن لم تكن أنت للعلم فمن يكون؟ محمد بن الحسن تلميذ أبي حنيفه عندما سئل عن أسباب قله نومه قال كيف أنام وقد نامت عيون المسلمين تعويلا علينا؟ فقد تحمل المسؤولية.
وقال الشريف خلال "ندوة فلسطين قضية أمة": إذا كان تحصيلك الدنيوي متميزا فلماذا لم يكن تحصيلك الشرعي مميزًا أيضًا؟ لأنك لا تريد، لو أنك أردت لفعلت. يجب تحمل مسؤولية هذا الدين مثل الصحابة، فلو تخلينا عن هذا الدين ضاعت الأجيال القادمة، فقد تأذى الصحابة أكثر منا ولم يضيعوا القضية والمسؤولية. لا يمكن أن نأخذ الأمر بأريحية فالأمة تحتاج لرجال لخدمة هذا الدين، فمتى سيبدأ طوفانك العلمي؟
متى ستكون متميزًا؟ أبو يوسف مات ابنه فوكّل غيره بتجهيزه ودفنه، لماذا؟ حتى لا يضيع عليه درس أبي حنيفة. يحيى بن معين أنفق ألف ألف درهم في طلب حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى صار كل حديث لا يعرفه ابن معين ليس بحديث. فكم تعب هؤلاء لإيصال الدين إلينا! كم سهروا وكم أنفقوا!
ابن سحنون المالكي ألقمته جاريته العشاء ولم يشعر به؛ بسبب الغمرة العلمية التي كان يعيشها. أبو حاتم الرازي يجيب ابنه عن راوٍ وهو في النزع. ابن جرير يكتب كل يوم أربعين ورقة، وألّف أفضل تفسير للأمة وألّف التاريخ، وكان يريد تأليف التفسير في ثلاثين ألف ورقة وكذلك التاريخ؛ ولكن لم يُعنه الطلاب.
وابن عقيل، صاحب أكبر كتاب في العالم، كتاب الفنون، انظر في سيرته وكيف كانت حياته تجد خاتمته: عند وفاته بكت النساء عليه فقال لهم: لقد وقعت عن الله خمسين سنة (يقصد بها الفتاوى) فدعوني أتهنأ بلقائه.
وتابع: فنحن نحزن ونتألم من أجل إخواننا ولعلهم يتهنون بلقاء الله، قال تعالى "وَيَتّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ"، فاسمع رسائلهم وشاهد المقاطع التي تدل أن هناك تربية حقيقية وأنهم مؤهلون ومعدون نحسبهم والله حسيبهم. ستدخل القبر ولن يبق معك غير عملك، فكيف ستقضي تلك المدة؟ تكون الصلاة عند رأسك والزكاة عن يمينك والصيام عن شمالك وفعل الخير والمعروف عند قدميك، فيأتي العذاب من قبل رأسك فتقول الصلاة ما قبلي مدخل، فالصلاة تدافع عنك في القبر. وفي حديث ابن مسعود في السلسلة الصحيحة "أٌمر بعبد من عباد الله أن يُجلد في قبره مائة جلدة فسأل وتضرع فصارت جلدة واحدة، فجلدها فاشتعل القبر عليه نارا. فلما رفع عنه قال علام جلدتموني قال: صليت واحدة من غير طهور ومررت على مظلوم فلم تنصره" نطمع في رحمة الله ولكن لا تغتر، فمتى يكون طوفانك العلمي؟
وأضاف الداعية الإسلامي: الناس كانوا إذا قدم غزو أو احتلال يهرعون إلى المساجد، ونحن إلام هرعنا؟ فإذا كنت لا تدرس حديثا فابدأ برياض الصالحين، ابدا درسا في المسجد القريب منك، ابدأ وافعل شيئا. اشترك في أكاديمية الفرقان، ابدأ منهجا علميا. اذهب للشيخ الذي يتابعك وقل له ضع لي منهجا وتابعني، رتب مجموعة مع إخوتك لتتدارسوا معا وتتشجعوا فالإنسان ضعيف بنفسه كثير بإخوانه، فهذا طوفان نريد أن نبدأه: التحصيل العلمي وهضم القضايا المنهجية الفكرية، فهل يقوم الجهاد على جهل أم على علم؟ فالتحصيل العلمي الراسخ المتين ليس بالشيء الهين.