عاجل
  • الرئيسية
  • منوعات
  • آفاق دعوية
  • أرواحهم في جوف طير خضر.. "داعية": الشهيد يتمنى أن يرجع إلى الدنيا لترتوي الأرض بدمائه مرة بعد مرة لِما رأى من فضل الشهادة عند الله

أرواحهم في جوف طير خضر.. "داعية": الشهيد يتمنى أن يرجع إلى الدنيا لترتوي الأرض بدمائه مرة بعد مرة لِما رأى من فضل الشهادة عند الله

  • 38
الفتح - الشهادة في سبيل الله أرشيفية

قال الكاتب والداعية الإسلامي سعيد محمود: إن من أعظم وأجل ما تراه الدنيا في أحداث فلسطين في كل لحظة، تلك المشاهد المهيبة لأهل غزة وهم يُقبِلون على الموت غير هيابين ولا خائفين، بل إن الدنيا بأسرها تراهم وهم يدعون الله تعالى أن يتقبَّل أبناءهم وإخوانهم وآباءهم وأمهاتهم عنده في الشهداء! برغم المشاهد المأساوية التي تصاحب موتهم! وما ذلك إلا لأنهم عَرَفوا فضل الشهادة في سبيل الله.

وأشار "محمود" -في مقال له عبر موقع "صوت السلف"- إلى أن هذه المشاهد المهيبة لتحوجنا إلى أن نذكِّر أنفسنا والمسلمين أجمعين بفضل الشهادة في سبيل الله، ومنها:

- إن مِن أعلى المقامات التي تورث الجنات، ورضاء رب الأرض والسماوات، مقام الشهداء عند الله -تعالى-؛ أولئك الذين بذلوا أنفسهم رخيصة في سبيل إعلاء كلمة "لا إله إلا الله"، وأولئك الذين ارتوت الأرض بدمائهم، لا لشيء إلا لتكون كلمة الله هي العليا، فعقدوا البيعَ مع الله، السِّلعة أرواحهم ودماؤهم، والثمن الموعود عند الله هو الجنة، ومَن أوفى بعهده من الله؟، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [التوبة: 111].

- ولقد أخبرنا الحق تعالى أن الشهيد الذي غادَرَ هذه الدنيا ليس بميتٍ يُحسَب في عداد الأموات، بل هو حيٌّ يعيشُ حياةً برزخيَّة ملؤها التكريم والإنعام، قال تعالى: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ . فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ . يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: 169-171]، وفي صحيح مسلم عن مسروق قال: سُئل عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن هذه الآية: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)، قال: أما إنَّا قد سألنا عن ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: (أَرْوَاحُهُمْ فِي جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ، لَهَا قَنَادِيلُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ، تَسْرَحُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ شاءَتْ، ثُمَّ تَأْوِي إِلَى تِلْكَ الْقَنادِيلِ، فاطَّلَعَ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمُ اطلاعه، فَقالَ: هَلْ تَشْتَهُونَ شَيْئًا؟ قَالُوا: أَيَّ شَيْءٍ نَشْتَهِي، وَنَحْنُ نَسْرَحُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ شِئْنَا؟ ففعل ذلك بهم ثلاث مرَّاتٍ، فلمَّا رأوا أنَّهم لن يُتركوا من أن يُسألُوا، قالوا: يا رب، نريدُ أن ترُدَّ أرواحَنا في أجسادنا حتى نُقتل في سبيلك مرَّةً أُخرى) (رواه مسلم).

- ولقد جعل الله كذلك للشهيد خصائص ليست لأحدٍ غيره: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللَّهِ سِتُّ خِصَالٍ: يُغْفَرُ لَهُ فِي أَوَّلِ دَفْعَةٍ، وَيُرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الجَنَّةِ، وَيُجَارُ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَيَأْمَنُ مِنَ الفَزَعِ الأَكْبَرِ، وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الوَقَارِ، اليَاقُوتَةُ مِنْهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَيُزَوَّجُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِنَ الحُورِ العِينِ، وَيُشَفَّعُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَقَارِبِهِ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني).

- بشرى لكل مَن يرجو الشهادة في سبيل الله: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما يجدُ الشهيد من مسِّ القتل إلا كما يجدُ أحدكم من مسِّ القرصة) (رواه الترمذي، وقال الألباني: حسن صحيح).

- إن كل ميت يرى مكانه في الجنة لا يمكن إذا خيِّر بين البقاء في نعيمها أو الرجوع إلى الدنيا إلا واختار الجنة؛ إلا الشهيد، فإنه يتمنى أن يرجع لترتوي الأرض بدمائه مرة بعد مرة، لما رأى من فضل الشهادة عند الله: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَا أَحَدٌ يَدْخُلُ الجَنَّةَ يُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا وَلَهُ مَا عَلَى الأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا الشَّهِيدُ، يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا فَيُقْتَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ؛ لِمَا يَرَى مِنَ الكَرَامَةِ) (متفق عليه).

- ولو لم يكن للقتل والشَّهادة في سبيل الله من الأجر الكبير، لما تمنّى النبي -صلى الله عليه وسلم- أنْ يُقتَل في سبيل الله ثلاث مرَّات: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وَالَّذِي ‌نَفْسِي ‌بِيَدِهِ ‌لَوَدِدْتُ ‌أَنِّي ‌أُقْتَلُ ‌فِي ‌سَبِيلِ ‌اللهِ ‌ثُمَّ ‌أُحْيَا ‌ثُمَّ ‌أُقْتَلُ ‌ثُمَّ ‌أُحْيَا ‌ثُمَّ ‌أُقْتَلُ ‌ثُمَّ ‌أُحْيَا ‌ثُمَّ ‌أُقْتَلُ) (رواه البخاري).