مصر تقود جهودًا دولية لاستمرار الهدنة في غزة

شبح تواصل الحرب يلوح في الأفق.. وتهديدات بتوسيع جبهات الصراع

  • 30
الفتح - تسليم الأسرى الصهاينة - أرشيفية

بعدما نجحت الوساطة المصرية متعددة الأطراف في تمديد الهدنة في غزة بما يضمن الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، وإدخال مزيد من المساعدات إلى قطاع غزة الذي يتعرض لقصف وحشي إسرائيلي لما يقرب من شهرين، بضوء أخضر غربي، لا تزال القاهرة تقود الجهود الدولية لتثبيت وقف دائم لإطلاق النار.

وشهدت الأيام الماضية تبادل الأسرى وإدخال المساعدات ومثلت فرصة لالتقاط الأنفاس لجميع الأطراف، إلا أنّ شبح الحرب لا يزال في الأفق، فقوات جيش الاحتلال رابضة في شمال القطاع وتتوعد باستمرار العمليات العسكرية حتى تفكيك المقدرات العسكرية والبنية الحيوية لفصائل المقاومة، فيما تتشبث المقاومة الفلسطينية بحقها في الدفاع عن نفسها ومقاومة المحتل متسلحة بثبات شعبي أسطوري للشعب الفلسطيني الذي يرفض مغادرة أرضه رغم كل المخططات الإسرائيلية. 


فصائل المقاومة والهدنة

من جهته، قال أحمد العناني، الباحث في العلاقات الدولية، إنّ الجميع بحاجة إلى الهدنة، فصائل المقاومة بحاجة إلى المزيد من شاحنات المساعدات وإلى فرصة لالتقاط الأنفاس، فإذا كان الشعب الفلسطيني لا يزال صامدًا لكنه بحاجة إلى المساعدات إلى الغذاء والدواء والوقود، وهو ما وفرته الهدنة بعد خمسين يومًا من الحرب. وهذا أيضا ما يمنع مخطط العدو في مسألة التهجير، مع إعانة الشعب الفلسطيني على البقاء في أرضه وتجاوز المحرقة الراهنة عبر المساعدات. 


هزيمة استراتيجية وتفكك الجبهة الداخلية

وتابع العناني: أما الاحتلال المهزوم استراتيجيًا فهو بحاجة إلى الهدنة لتخفيف الضغط الداخلي من أهالي الأسرى، بعد التظاهرات الداخلية التي سببت انقسامًا داخل القيادة تجلى ذلك في تباين الآراء داخل مجلس الحرب، فضلا عن الضغط الأمريكي على قيادة الاحتلال بعد تعرض واشنطن لضغوط دولية شعبية كبرى بعد انكشاف حجم الأضرار البالغة بسبب القصف الإسرائيلي الوحشي على المدنيين في غزة.

وأوضح الباحث في العلاقات الدولية أنّ هذا ما اضطر الجميع إلى القبول بالهدنة المؤقتة، مع السعي إلى تمديدها أيامًا إضافية، بل والحديث عن إمكانية استدامة الهدنة في مقابل إفراج المقاومة عن الأسرى العسكريين، مشددًا على أن الحرب حاسمة في نهاية مستقبل نتنياهو السياسي وتفكك الحكومة الحالية خاصة بعد أن كشفت الوقائع كيف دفعت حكومة المتطرفين الكيان إلى الهاوية في السابع من أكتوبر وهو ما تجلى في تصريحات مسؤولي حكومة نتنياهو المتكررة بأنفهم فشلوا في ذلك اليوم، وقطعًا لابد من ثمن في لجان التحقيق تدفعه الحكومة ومسؤوليها.


توسع جبهات الصراع

رغم أن إيران لم تكن على مستوى الدعايات والشعارات التي أطلقتها طوال 40 عامًا تحت نظام الملالي الذي رفع شعار تحرير القدس، ودشن من أجل ذلك الأحلاف والمحاور التي دمرت دولًا عربية وخربت عواصم مثل بغداد وصنعاء وبيروت ودمشق تحت ستار أن طريق القدس يمر من هذه العواصم، لكن الحرب الحالية الغاشمة على قطاع غزة كشفت أن حدود التدخل الإيراني لم ترق إلى مستوى الدعايات والشعارات، إلا من محاولات لحفظ ماء الوجه جاءت من ميليشيا الحشد العراقية وميليشيا حزب الله اللبنانية وكذلك المناوشات الحوثية في البحر الأحمر. دون أي تغيير في ميزان المعركة الاستراتيجي أو تخفيف الضغوط الإسرائيلية عن قطاع غزة.

من جهته قال محمد عليّ، الباحث في الشؤون الإيرانية، إن التدخلات الإيرانية كانت مخيبة للآمال حتى لفصائل المقاومة التي طالبت أكثر من مرة على استحياء من الفصائل الإيرانية شد الجبهات بما يخفف الضغط عليها، لكن هذه الفصائل التي تعللت بأن المقاومة الفلسطينية لم تبلغها بموعد عملية طوفان الأقصى، اكتفت بتوجيه ضربات دعائية هنا وهناك بما يحفظ ماء الوجه، ولا يفتح حربًا مع أمريكا أو إسرائيل. 

ولفت الباحث في الشؤون الإيرانية إلى أن المناوشات التي قامت بها ميليشيا الحوثي من اختطاف السفن لا تؤثر على ميزان المعركة داخل قطاع غزة، لكنها تفتح الباب لمزيد من الوجود العسكري الأمريكي في البحر الأحمر وفرض واقع عسكري وجيوساسي جديد لن تستطيع فيه إيران أو ميليشياتها تغيره.

وتساءل عليّ: كيف لصواريخ الحوثي أن تصيب أهدافها على بعد ٢٠٠٠ كيلو متر، متوقعًا سقوطها في البحر أو فوق مدن مصرية أو أردنية، مشددًا على أن إيران إن كانت صادقة في ادعاءاتها فلديها جبهات تماس حقيقية مع الكيان المحتل سواء في جنوب لبنان خاصة مع امتلاك حزب الله لنحو ١٥٠ ألف صاروخ بعضها دقيق التوجيه ولديها جبهة أخرى في الجولان يوجد بالقرب منها الميليشيات الشيعية الأفغانية والباكستانية والعراقية التي زجت بها في الصراع السوري.