حب الدنيا.. داعية إسلامي يوضح أسباب انتشار الفتن وكثرة الهرج

  • 32
الفتح - الدكتور طارق فهيم، الداعية الإسلامي

قال الدكتور طارق فهيم، الداعية الإسلامي: إن الفتن تموج بالناس كموج البحر كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم-، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله قال: "بادروا بالأعمال، فتنًا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمنًا، ويمسي كافرًا، أو يمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، يبيع دينه بعرض من الدنيا" [رواه مسلم والترمذي وأحمد].

وأشار"فهيم" -في مقطع فيديو له عبر موقع "أنا السلفي"- إلى أن السبب في انقلاب الناس، وانتشار الفتن التي تتسبب في المفاسد العظيمة، والتي منها تغير الدين، والتقاتل والهرج، كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن فتن آخر الزمن والتي يكثر فيها الهرج وهو القتل، فعن أبي مُوسَى -رضي الله عنه- قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ-: "إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ لَهَرْجًا"، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا الْهَرْجُ؟ قَالَ: «الْقَتْلُ»، فَقَالَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا نَقْتُلُ الْآنَ فِي الْعَامِ الْوَاحِدِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ-: "لَيْسَ بِقَتْلِ الْمُشْرِكِينَ، وَلَكِنْ يَقْتُلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، حَتَّى يَقْتُلَ الرَّجُلُ جَارَهُ، وَابْنَ عَمِّهِ وَذَا قَرَابَتِهِ"، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَعَنَا عُقُولُنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ-: "لَا، تُنْزَعُ عُقُولُ أَكْثَرِ ذَلِكَ الزَّمَانِ، وَيَخْلُفُ لَهُ هَبَاءٌ مِنَ النَّاسِ لَا عُقُولَ لَهُمْ" [أخرجه ابن ماجه في سننه].

وتابع: الفتن تذهب بالعقول التي تزن الأمور بميزان الشرع وإلا فالعقول موجودة، ولكن لعظم الشبه والفتن فإن التفكير الصحيح والميزان الصحيح للأمور يضيع، فيري الرجل صاحبه عدوه، ويجد الرجل الصادق معه في النصيحة خائن ويرى الصادق كاذب، والكاذب صادق، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "سيأتِي على الناسِ سنواتٌ خدّاعاتٌ؛ يُصدَّقُ فيها الكاذِبُ، ويُكذَّبُ فيها الصادِقُ، ويُؤتَمَنُ فيها الخائِنُ، ويخَوَّنُ فيها الأمينُ، وينطِقُ فيها الرُّويْبِضَةُ". قِيلَ: وما الرُّويْبِضةُ؟ قال: "الرجُلُ التّافِهُ يتَكلَّمُ في أمرِ العامةِ" [صحيح الجامع].

وأضاف "فهيم": والسبب في هذه الفتن كلها هو حب الدنيا "يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل" إيثار الدنيا، وتقديم شهواتها ونزواتها على الآخرة، قال تعالى: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْر وَأَبْقَى (17)} [سورة الأعلى]، ولذلك كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يحذر من فتنة الدنيا، فعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الدنيا حلوة خَضِرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء" [رواه مسلم].

واصل الداعية الإسلامي حديثه: إن الدنيا حلوة خضرة، الدنيا جميلة كما ينظر لها الناس أنها أمر عذب مستلذة تسمى لذة الدنيا، هذه اللذة التي يستساغها الناس نتيجة الطعم الحلو لها، حتى إن حلاوتها شديدة جدًا تفتن الناس، لكنها حلاوة مغشوشة، حلاوة في الظاهر أما في الباطن فهي مرة علقم أشد مرارة من الصبار، وخضرة إشارة إلى دوام شبابها. قال تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} [سورة آل عمران: 14], هذا المتاع هو الذي جعل الناس يتعلقون بالدنيا التي زينت للعباد للابتلاء والاختبار، حتى إن التعلق بالدنيا وحب التواجد فيها، وحب الشهوات يكون سببًا في الكفر والعياذ بالله، كما أخبر الله تعالى عن المشركين {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ} [سورة النحل: 107].