موضحا أهمية العمل الجماعي والمؤسسية.. "داعية" يبين أثر الدعوة السلفية المباركة وضعف الدعوات القائمة على الفردية

الدعوات الفردية ما تلبث أن تضعف ثم تتلاشى برحيل شيوخها أو انتقالهم

  • 121
الفتح - الداعية الإسلامي إيهاب الشريف

قال الداعية الإسلامي إيهاب الشريف: كثيرًا ما كنت أسمع لشيخنا "أبو إدريس" -رحمه الله- قوله "نحن في زمن انتهت فية الفردية والشيخ الواحد الذي برحيله تتوقف الدعوة أو تموت، وانتقلنا إلى المؤسسية". وهكذا كان -رحمه الله- يُؤصل ويؤسس للجماعية والمؤسسية بقوله وفعله، وهو إرث تتناقله الأجيال في الدعوة السلفية المباركة، وله عظيم الأثر في قوتها وتماسك أفرادها وبقائها وأثرها في المجتمع بفضل الله تعالى. خلافًا للدعوات الفردية التي يرى بعض قادتها بدعية العمل الجماعي، ثم هم في واقع الأمر يمارسونه بصورة أو بأخرى حتى تبقى دعوتهم، لكنها ما تلبث أن تضعف ثم تتلاشى برحيلهم أو انتقالهم.

وأضاف "الشريف" -في محاضرة له بعنوان "وقفة مع رحيل قيم الدعوة السلفية"-: ومن الإشارات البديعة في القرآن لهذا المعنى المؤسسي والجماعي قوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [يونس: 87]، وقد ورد في تفسير الآية عن السلف قولان، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: أُمروا أن يتخذوها مساجد أي يصلون في بيوتهم بسبب الخوف، وقال سعيد ابن جبير: أي يقابلوا بعضها بعضًا يعني البيوت تكون متقابلة، وهذا المعنى الثاني ليسهل إبلاغهم أوامر نبيهم.

وعليه نقول لابد من الترابط الوثيق بين القيادة والأفراد حتى يتمكنوا من الحركة الواحدة وفي وقت واحد. قال الله تعالى {وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ}، لماذا ذكر الله عز وجل الأخ هنا في الآية؟ إشارة إلى القيادة البديلة أو الوسيطة.

وتابع: وقد سأل موسى -عليه السلام- ربه أن يهبه هارون -عليه السلام- وكان عضدًا له، بالإضافة إلى العرفاء والنقباء، كما قال الله تعالى {وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا} [المائدة: 12]، أي لإبلاغ الأوامر فهناك أوامر وهناك سمع وطاعة، وأمة تربت على ذلك. بأن يتخذوا لقومهما بمصر بيوتا، فيفعلوا المصلحة للطائفة المؤمنة لسهولة الحركة وهي تهيئة ضرورية، وليست سهلة، فأي أمة من الأمم أو طائفة أو جماعة لا يوجد ارتباط وثيق بين أفرادها لا يمكن أن تكون مؤثرة في محيطها وفي مجتمعها.

وطالب الداعية الإسلامي بمقارنة أثر الدعوة التي تقوم على العمل الجماعي والمؤسسية والدعوات القائمة على الفردية لتعرف أثر هذة الدعوة المباركة، وكيف هي مؤثرة في واقعنا خلافا للدعوات الفردية؛ مما يدلك على أهمية هذة التربية. معرجًا على قصة موسى -عليه السلام- قائلًا: ولتعلم أن قوم موسى حين أمروا خرجوا جميعًا، وقد قيل في عددهم أنهم كانوا ستمائة ألف وقيل غير ذلك، فهل يمكن أن يتم هذا العمل بهذه الصورة بغير هذا الإعداد؟ ومن دون هذه التربية؟ وفي مقابلة البيوت بعضها لبعض لسهولة تلقي أوامر القيادة ووصول الأوامر للأفراد بسهولة ويسر بخلاف ما لو كانت البيوت متناثرة متفرقة؟.