المداومة على العمل الصالح.. "داعية" يوضح المنهاج الذي يجب أن يكون عليه المسلم الحق بين الرمضانين

  • 19
الفتح - الثبات بعد رمضان

قال الباحث والداعية الإسلامي علاء بكر: لا شك أن كثيرًا مِن المسلمين قد حصلوا في رمضان على كمٍّ كبيرٍ من الحسنات، وقَدْر وفير من الأجور باجتهادهم في الطاعات، ومنهم مَن خَرَج مغفورًا له ما تقدَّم من ذنبه؛ فمحيت عنهم سيئاتهم، وبقي لهم ما قدَّموا من الحسنات، وهذا فضل من الله -تعالى- كبير يؤتيه مَن يشاء، ولكن هؤلاء الذين أحسنوا في رمضان يتفاوتون بعده؛ فمنهم مَن يحافظ على ما حصَّل مِن التقوى والثواب، ومنهم مَن يفرِّط فيه، والمسلم الحق مَن حَافَظ على ما حقق في رمضان مِن التقوى والثواب، والمسلم المسيء مَن فرَّط في ذلك.

وأضاف "بكر" -في مقال له بعنوان "منهاج المسلم من رمضان إلى رمضان (2)" نشرته جريدة الفتح-: وينبغي على المسلم التقي حقًّا في رمضان أن يواصل تقواه وصلاحه بعد رمضان، فيتبنى منهجًا يقوم على الصبر على أداء الواجبات المفروضة، وترك المنهيات الممنوعة، والاجتهاد في النوافل والمندوبات، فيبقى على ذلك ما استطاع حتى يبلغ رمضان القادم، وهو ليس بعيدًا عما كان عليه في رمضان السابق، وإن تفاوتت الهمة خلال ما بين الرمضانين؛ إذ لرمضان همة ليست في غيره.

وتابع: ومما يعين المسلم على التمسُّك بهذا المنهاج ما لاقاه مِن لِذَّة الطاعة في رمضان، وما استقر في نفسه فيه من إمكانية التقلب في الطاعات ليل نهار، مع قضاء أمور الدنيا ومصالحها، كما جمع بينهما في رمضان، ويحفِّزه على المداومة على الحفاظ على ما اكتسبه مِن: ثواب صيام رمضان، وقيامه، والعمل الصالح فيه، وعدم التفريط فيه استحضار ما ينتظره من الفرح بلقاء الله -تعالى-، وقد احتفظ في صحيفة حسناته بثواب صيامه أو أكثره، قال -صلى الله عليه وسلم- في الحديث المتفق عليه: (لِلصَّائِمِ ‌فَرْحَتَانِ ‌يَفْرَحُهُمَا) يعني بانتهاء يوم الصيام (‌إِذَا ‌أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ) لما جُبِل عليه الإنسان من الفرح بالأكل والشرب عند الجوع والظمأ (وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ) عندما يرى ثواب صومه عند لقاء ربه يوم القيامة، وهذه هي الفرحة الحقيقة التي ينبغي للمسلم أن يعيش لها وبها

واستطرد "بكر": أما مَن أحسن في رمضان وحصل فيه من الأجر والثواب ثم نكص على عقبيه بعد رمضان بتفريط في واجبات، أو اجتراء على محرمات؛ فهو يضيع على نفسه ما حصَّله من الأجر والثواب، فالسيئات بعد الحسنات تأكل الحسنات، كما تأكل الحسنات السيئات، ومَن كان هذا حاله فيلقَى الله -تعالى- يوم القيامة فلا يجد ثواب صيامه وقيامه الذي حصله في رمضان أحوج ما يكون محتاجًا إليه؛ فما أشد حسرته يومها!

وأوضح أن هذا المنهاج الذي يجب أن يكون عليه المسلم الحق بين الرمضانين يدخل في عموم الكثير مِن الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية التي حَثَّت على المواظبة الدائمة طوال سنين العمر، على العمل الصالح وإن قَلَّ؛ فالمداومة على العمل الصالح هي مفتاح الجنة؛ لذا لا يكاد أن تأتي آية في القرآن الكريم فيها ذكر الإيمان إلا ذُكِر مع الإيمان العمل الصالح؛ قال الله -تعالى-: {وَاعْبُدْ ‌رَبَّكَ ‌حَتَّى ‌يَأْتِيَكَ ‌الْيَقِينُ} [الحجر: 99]، واليقين: الموت، وفي ذلك قال -صلى الله عليه وسلم-: "يُبْعَثُ ‌كُلُّ ‌عَبْدٍ ‌عَلَى ‌مَا ‌مَاتَ ‌عَلَيْهِ" (رواه مسلم)، فالأعمال بالخواتيم، والله -تعالى- يقول: {أَلَمْ ‌يَأْنِ ‌لِلَّذِينَ ‌آمَنُوا ‌أَنْ ‌تَخْشَعَ ‌قُلُوبُهُمْ ‌لِذِكْرِ ‌اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ} [الحديد: 16]، وجاء في حديث عائشة -رضي الله عنها-: "‌وَكَانَ ‌أَحَبَّ ‌الدِّينِ ‌إِلَيْهِ -صلى الله عليه وسلم- مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ" (متفق عليه)، وقد قال -صلى الله عليه وسلم- لعبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-: "يَا عَبْدَ اللهِ، لَا تَكُونَنَّ مِثْلَ فُلَانٍ، ‌كَانَ ‌يَقُومُ ‌اللَّيْلَ، ‌فَتَرَكَ ‌قِيَامَ ‌اللَّيْلِ" (متفق عليه).

واردف الداعية الإسلامي: ومما يعين المسلم على التمسُّك بهذا المنهاج ما لاقاه مِن لِذَّة الطاعة في رمضان، وما استقر في نفسه فيه من إمكانية التقلب في الطاعات ليل نهار، مع قضاء أمور الدنيا ومصالحها، كما جمع بينهما في رمضان، ويحفِّزه على المداومة على الحفاظ على ما اكتسبه مِن: ثواب صيام رمضان، وقيامه، والعمل الصالح فيه، وعدم التفريط فيه استحضار ما ينتظره من الفرح بلقاء الله -تعالى-، وقد احتفظ في صحيفة حسناته بثواب صيامه أو أكثره، قال -صلى الله عليه وسلم- في الحديث المتفق عليه: (لِلصَّائِمِ ‌فَرْحَتَانِ ‌يَفْرَحُهُمَا) يعني بانتهاء يوم الصيام (‌إِذَا ‌أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ) لما جُبِل عليه الإنسان من الفرح بالأكل والشرب عند الجوع والظمأ (وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ) عندما يرى ثواب صومه عند لقاء ربه يوم القيامة، وهذه هي الفرحة الحقيقة التي ينبغي للمسلم أن يعيش لها وبها.