أمريكا تقمع مظاهرات الطلاب المنددة بالعدوان الإسرائيلي على غزة

اعتقال المئات بعد تمدد احتجاجات الطلاب في 50 جامعة.. يُسقط قناع الديمقراطية الزائفة

  • 12
الفتح - قمع الشرطة الأمريكية للطلاب المتظاهرين

مشهد آخر من المشاهد التي سلطت الضوء على تمييز وعنصرية وتناقض الولايات المتحدة الأمريكية، فبعد اشتعال الاحتجاجات الطلابية في جامعاتها ضد الحرب الإسرائيلية على غزة، تنديدًا بالدعم الأمريكي غير المحدود لها، وتمدد الاحتجاجات لتتجاوز 50 جامعة في ولايات مختلفة وانضمام أعضاء هيئة التدريس إلى طلابهم في مواجهة رجال الأمن والشرطة، اعتقلت الشرطة الأمريكية أكثر من 500 طالب وأعضاء هيئة التدريس، وفتح الكونجرس الأمريكي تحقيقًا مع مسئولي الجامعات، واستدعى رئيسة جامعة كولومبيا نعمات شفيق ورؤساء جامعات أخرى.

وبالرغم من أن المادة الأولى من تعديل الدستور الأمريكي تضمن حرية التعبير والتجمعات السلمية، لم تقف محاولات واشنطن لمواجهة ومنع التظاهرات عند هذا الحد، بل تسعى إدارة بايدن والكونجرس إلى شيطنة حركة الاحتجاجات وتُكيِّل لهم الاتهامات وتطلق عليهم الشائعات وهددت الكثير منهم بالفصل.

إسقاط قناع الديمقراطية

التظاهرات الطلابية في الجامعات الأمريكية ضد الدعم الأمريكي لإسرائيل في عدوانها على الفلسطينيين في قطاع غزة؛ أسقطت قناع الديمقراطية والحرية الزائفة التي تدعي أمريكا المتمثلة في إدارة بايدن تبنيها، كما أن هذه الاحتجاجات تفضح الموقف الأمريكي المؤيد لوحشية الاحتلال، كما أن التظاهرات انطلقت وتمددت داخل الجامعات الأمريكية العريقة المعروفة بجامعات النخبة، وعلى رأسها جامعات هارفارد‬ وييل وبنسلفانيا وكولومبيا وبرون وجورج واشنطن وتكساس.

وتعد المرة الأولى التي يفضح فيها طلاب أمريكا جرائم إسرائيل، أما الكيان الصهيوني فأحد أهم أسباب خوفه من تظاهرات طلاب الجامعات الأمريكية الرعب من الرأي العام العالمي خاصةً الغربي والذي تواجهه للمرة الأولى داخل أمريكا، وبات من يفضح قتل الأبرياء والأطفال والنساء وتدمير المساجد والمستشفيات والمدارس والبيوت هم الأمريكان أنفسهم، كما أن هذه الاحتجاجات المتصاعدة تُدين الحركة الصهيونية الاستعمارية ما يهدد مستقبل الدعم الأمريكي الدائم لإسرائيل.

وفي هذا السياق، قال المهندس سامح بسيوني رئيس الهيئة العليا لحزب النور، إن قمع القوات الأمريكية للطلاب المنددين بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والدعم الأمريكي لها عنصرية وتناقض يوضح شيزوفرنيا الحرية الأمريكية، وأنها شعارات جوفاء للاستهلاك الإعلامي وسبيل لخداع السُذج حول العالم، مؤكدًا أن الحكومات الغربية الديمقراطية العالمانية التي تدعي حماية الحريات في العالم لا تبحث على الحقيقة عن تطبيق حرية التعبير المزعومة عندهم.

وأوضح رئيس عليا النور أن هذا القمع الذي يُمارس على هؤلاء الطلاب الأمريكيين المنددين بالمجازر الصهيونية وحملات الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني بلا إنسانية، يُثبت التناقض الفج والادعاءات الكاذبة عن حرية التعبير في بلادهم؛ مؤكدًا أن حرية التعبير عندهم يُشترط أن تخدم أفكارهم الأيديولوجية والثقافية وسياستهم العنصرية فقط.

واستنكر بسيوني استجواب الكونجرس الأمريكي لرؤساء الجامعات التي تشهد احتجاجات الطلاب، مؤكدًا أنها فضيحة للعلمانية الغربية أمام العالم أجمع، إذ إن الكونجرس الأمريكي راعي العلمانية العالمية يستجوب رئيس جامعة كولومبيا بسبب التعبير السلمي لطلاب الجامعة عن رأيهم الإنساني في مجازر إسرائيل في فلسطين ويحاكمه بمنتهى الصلف.

وشدد رئيس عليا النور على ‏أن هذه الممارسات تظهر بوضوح عنصرية ما يؤمنون به ويفرضونه على العالم عمليًا من صراع حضارات أيديولوجي داعم للصهيونية العالمية طبقًا لتعاليم العهد الجديد عندهم، منبهًا إلى أن ما يحدث يُعلمنا حقيقة الغرب الفاشية التي يحاولون إخفاءها عبر الشعارات الإعلامية الكاذبة.

فيما قال المهندس أحمد الشحات الباحث في الشئون السياسية، إن هذه التصرفات تجاه الطلبة المتظاهرين في أمريكا التي تسمي نفسها مشعل الحرية ومهد الحضارة والتعددية؛ تؤكد أن هذه الشعارات ليست حقيقية، وأنه يمكن التسامح مع هذه الاحتجاجات فيما لا يمس ثوابت الأمة الأمريكية، موضحًا أن من جملة ثوابت هذه الأمة أنها تحمي وتعمل على حماية أمن إسرائيل وتبذل في ذلك كل ما لديها.

وأكد الباحث في الشئون السياسية في تصريح لـ "الفتح"، أنه إذا تعلق الأمر بهذا الثابت من هذه الثوابت فلتذهب الحرية إلى الجحيم وتذهب حرية الرأي إلى حيث المعتقل والتعامل العنيف الذي رأيناه جميعًا على الشاشات، مؤكدًا أن هذه حقيقة للأسف ربما تغيب عن كثير من الناس، لكننا نعلم هذه الحقيقة من التاريخ وما حكاه القرآن الكريم عن طبيعة هذه الأمم.

وتأسف الشحات على أنه لا يزال أُناس بيننا ينخدعون بهذه الشعارات الأمريكية الكاذبة ويظنون أن الغرب صادق فيما يدعي رغم الأفعال الواضحة التي تثبت عكس ذلك، مشيرًا إلى أن الغرب وتحديدًا أمريكا وإن كان عندها شيء من الحريات في أبواب، فهم يملكون حريات مميتة ومضرة ومدمرة للأمة وللفرد والمجتمع والأسرة كما هي الحال في الحرية الجنسية وغير ذلك.

وأوضح الباحث أن الغرب يملك حريات مصادمة تمام الصدام لشرع الله تبارك وتعالى مثل الحرية العقائدية، مشددًا على أنه حتى قضية حرية الرأي لم تسلم من قمعهم كما رأينا أنها إذا تعارضت مع ما يتصورونه فلا يتسامحون فيه ويتحولون إلى أشرس ما يمكن تصوره، مضيفًا: "مثل الدول التي ينعتونها بأنها دول العالم الثالث لا فرق بينهم وبينها وأنه قد يكون الحال عندهم أشد سوءًا". 

ويُذكر أن قطاع غزة يواجه حرب إبادة تسببت بعد أكثر من 200 يوم في استشهاد وفقد أكثر من 40 ألف فلسطيني، وأكثر من 80 ألف مصاب و2 مليون نازح وتدمير ربع مليون وحدة سكنية بسلاح ودعم وغطاء أمريكي.