بائعو الموت يتاجرون بمرض المصريين

  • 99
علاج سوفالدي

في خضم ما يعانيه المواطن المصري البسيط من صعوبة استمرار الحياة بسبب الضغوط الاقتصادية والاجتماعية والنفسية ، فضلا عن الأمراض التي تحيط به من كل اتجاه، يجد نفسه أمام أشخاص معدومي الضمير والإنسانية، أقل ما يوصفون به أنهم "تجار للموت"، لم يكتفوا بالمتاجرة في قوته وتعليمه وشتى جوانب حياته، بل وصل بهم الحال إلى أن يتاجروا في مرضه! فقد هرب عدد منهم أدوية وعقاقير مغشوشة بزعم أنها تقضى على فيروس الكبد الوبائي "سي"، وطرح في الأسواق بأسعار مخفضة عن مثلها المطروح لدى وزارة الصحة.

وعلى الجانب الآخر، صدرت تصريحات لقيادات بنقابة الصيادلة تشكك في فاعلية وكفاءة العلاج بالعقار الجديد"سوفالدي" الذي تم طرحه مؤخرا بعدد من المراكز التابعة لوزارة الصحة؛ مما يضع المريض في حيرة من أمره.

فمن جانبه، أكد الدكتور محمد مسعود وكيل نقابة الصيادلة، أن الحديث عن وجود دواء تحت مسمى "سوفالدي"مغشوش موجود بالأسواق فعلا، وتجار الموت ومافيا تهريب الدواء أذكياء جدًا ويتابعون الأخبار، ويعرفون أنهم يداعبون أحلام مرضى الالتهاب الكبدي من المصريين الذين يتجاوز عددهم مئات الألوف، والذين في يوم من الأيام شربوا "البول"واستعملوا "الحمامة" في العلاج، في إشارة منه لبساطة المواطن المصري والسعي وراء أي سبيل للشفاء، قائلًا: "المريض سهل أن يقتنع بالوهم ويقبله من أي أحد".

وأوضح"مسعود" في تصريحات خاصة لـ"الفتح"، أنه من دور النقابة تحذير الناس من مثل هذا، مشيرًا إلى أنه تم إخطار وزارة والصحة وجهات أمنية أخرى بهذا الموضوع، مضيفًا أنه يعتقد أنهم يتابعون هذا الملف بشكل وثيق ، كما أفاد بأنه جارى البحث عن مصدر التهريب، سواء تهريب العلب التي تستورد من أمريكا وتباع بربع مليون جنيه.
مؤكدًا أن هذا النوع من التهريب هو نوع من الغش والتحايل على القانون، مشيرًا إلى أن هناك أشخاصا يدعون وجود "سوفالدي" بـ 900دولار، ما يعادل من 7:6 آلاف جنيه مصري، وهذا غير صحيح.

وأضاف وكيل نقابة الصيادلة : أرسلنا لوزارة الصحة مؤخرا عدة مراسلات بخصوص هذا الموضوع، ولم نتلقّ أية إجابة ، وبكل أسف الوزارة لا تأخذ كلامنا على محمل الجديدة، لكنها تأخذه على محمل التشكيك ظنا منها أننا نسعى لإكساب الصيادلة وبيع الدواء في صيدلياتهم ، ونقسم بالله أن هذا أبعد ما يكون، والنقابة لا تشكك ولا تدعم ، نحن ننتقد فقط .

وتساءل "مسعود": كيف يوقع مريض مصري على إقرار بعدم مسئولية الشركة أو مسئولية الوزارة عن أي آثار جانبية؟!
مضيفا: لم نر! ذلك من قبل، مشيرًا إلى أن المواطن يحصل على هذا الدواء مقابل مبالغ يدفعها من جيبه ولم يأخذها "هبة" ، وكأنه سيكون تجربة على الشعب المصري حتى تستقوي الشركة المصنعة له بالمعلومات التي ستنتج في بلاد أخرى، وزيادة تسويق المنتج بعد ذلك.

وأشار وكيل نقابة الصيادلة إلى أنه تم تجربة عقار "سوفالدي" في تجربة إكلينيكية في الولايات المتحدة الأمريكية على 28مريضا، وتم شفاء 27مريضا منهم بنسبة شفاء96%، وتم تجربة الدواء هنا في مصر بـ "ثلاثة "مراكز على 103مرضى ومثلت نسبة الشفاء 87%. وتساءل "مسعود":هل لو أن نتيجة تجربة دواء ما أجريته على 100شخص هل من الممكن أو أستطيع حينها تعميم هذه النتائج على مئات الألوف؟! والإجابة بالطبع: لا.

وتابع "مسعود": هناك قول يفيد بأن المريض يوقع على إقرار إجباري بأنهم سوف يأخذون النتائج الخاصة به لاستخدامها في أبحاث عالمية، وهذا بالطبع شيء معيب.

في سياق متصل، كشف الدكتور وائل هلال أمين صندوق نقابة الصيادلة عن مفاجأة كبيرة تخص دواء فيروس سي الجديد ( سوفالدي )؛ حيث أعلن أن إخطار تسجيل المستحضر الوارد إلي مصر ليس أمريكيا، وشركة "جلعاد الأمريكية" أسندت تصنيعه إلي شركة "باثيون الكندية" علي أن يتم تغليفه وتعبئته في أيرلندا مع ملاحظة أن المستحضر لم يتم تصنيعه و تداوله لمدة عام في بلد المنشأ (كندا) حتى الآن بالمخالفة للقرار الوزاري رقم 296 لسنة 2009 ، ورغم ذلك فإن الإدارة المركزية للشئون الصيدلية اعتمدت شهادة تسجيل المستحضر في أمريكا وشهادات منظمة الأغذية والدواء الأمريكية لمستحضر كندي الصنع علي أن توافيهم الشركة بشهادة تسجيله وتداوله بكندا!

وأوضح "هلال" أن تسعير المستحضر بمبلغ 14940 جنيها هو رقم مبالغ فيه جدا خاصة إذا علمنا بوجود مفاجأة صادمة وهي أن نفس الشركة (جلعاد) أعطت حق تصنيعه لسبعة شركات هندية، منهم (سيبلا وهيتيرو وميلان) بمبلغ في حدود 300 دولار للعبوة الواحدة؛ مما يعني حوالي 15 % من السعر المصري, مما يوجب علي وزير الصحة و لجنة التسعير تخفيض سعره بمصر مثل أقل دولة في العالم وفقا للمادة 11 من القرار الوزاري رقم 499 لسنة 2012 ، في ظل هبوط سعر المادة الخام عالميا إلي ما يقرب من "10 دولار للكيلو" كما هو موضح بالمستندات في موافقة علي شحنة واردة إلي إحدي الشركات المصرية من أوروبا في 18/9/2014 بغرض التجارب و الأبحاث.

وأضاف أمين صندوق نقابة الصيادلة، أن مصر تعتبر صاحبة النسبة الأعلى في العالم بخصوص الإصابة بفيروس "سي"، وبها حوالي 12 مليونا مريض ينضم لهم سنويا ربع مليون حالة تقريبا؛ مما يعني أنه يتوجب أن يكون الدواء هو الأقل سعرا في العالم، وأن يتم تخفيض سعره لكي يكون متاحا لكل الفئات الفقيرة والمتوسطة التي لا تستطيع شراء الدواء ولا تملك رفاهية خطة الوزارة في معالجة بضعة آلاف سنويا من أصل 12 مليون.

ودعا "هلال" وزارة الصحة إلي عمل اجتماع يشمل جميع الأطراف المعنية بالأمر داخل الوزارة مع هيئة مكتب النقابة العامة للصيادلة؛ لوضع خطة للتعامل مع هذه المشكلة القومية في ظل ظهور هذه الأجيال الجديدة من أدوية علاج الفيروسات.

من جانبه، حذر الدكتور وحيد دوس رئيس اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية، المواطنين من شراء عقاقير من خارج المراكز التي حددتها وزارة الصحة، مشيرًا إلى أن عقار"سوفالدي" ليس متوفرا إلا من خلال هذه المراكز، موضحًا أنه حتى الآن لم يتم طرح للأسواق ، وإن كان هذا سيتم فيما بعد.

وأوضح "دوس" في تصريحات خاصة لـ"الفتح"، أن الشركات الهندية التي حصلت على حق تصنيع عقار "سوفالدي" لا يمكنها طرحه في الأسواق إلا بعد مرور عام من الآن.

وحول ما تردد بشأن طرح عقاقير جديدة لعلاج فيروس الكبد"سي"، أكد "دوس" أن هناك أبحاثا تجرى على أربعة عقاقير جديدة ومن المقرر طرح اثنين منهم خلال شهر.

كما أكد رئيس اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية، أن اللجنة ليست جهة رقابية على الصيدليات والأسواق، بل دورها يقتصر على فتح مراكز العلاج، وتوفير الأدوية والعقاقير لمرض الفيروسات الكبدية، مؤكدًا أن قطاع الصيادلة بالوزارة هو المنوط بالدور الرقابي وحماية المرضى من الوقوع في فخاخ الغش والمتاجرين بمرضهم.

الابلاغ عن خطأ