في مواجهة الفتن

  • 236

السبيل الوحيد لوحدة المسلمين هو اجتماعهم على المنهج الصحيح بتفاصيله، فإن الدعاة الذين لم تختلف مواقفهم ولم يختلفوا فيما بينهم هم الدعاة الذين يبنون مواقفهم على العقيدة الصحيحة، أما غيرهم فقد اختلفوا فيما بينهم وتغيرت مواقفهم بتغير الأحوال والسياسات.

ومن أخطر الفتن داخل الصف الإسلامي فتنة المناهج المنحرفة المتعلقة بالغلو، خاصة الغلو في التكفير بدرجاته المختلفة، فمنهم من يكفر المجتمع ككل، ومنهم من يتوقف في شأن عامة المسلمين أو بعضهم فلم يحكم لهم بإسلام ولا بكفر.

ومن الآثار المترتبة علي وجود هؤلاء بين أفراد الصحوة، أن نجد عند بعض من ليس له حظ من العلم – فلا يصلح حتى أن يطلق عليه لقب (طالب علم) – جرأة عجيبة وتسرعًا واضحًا في مسائل تحتاج إلى علماء مجتهدين ومجالس قضاء ليُقَرَّرو: ( أكفَر فلان أم لم يكفر ؟؟ هل أقيمت عليه الحجة أم لا؟؟ وهل استوفى شروط التكفير أم لا؟؟ ) كل هذه من مسائل الاجتهاد الكبار التي لا ينبغي لطلاب العلم الخوض فيها وإنما يتكلم فيها العلماء الراسخون.
وخطورة هذه الفتنة أنها تدخل علي الشباب الملتزمين من باب الحرص علي الدين، والغيرة على محارم الله، والجرأة في الحق وأنه لا يتهاون فيها أبدًا، وهذا خطر عظيم.

ولذلك نحذر إخواننا من هذه الفتنة، ومن هذه المناهج، لأن بعض أصحاب هذه المناهج يلقون بالشبهات على الإخوة والأخوات، وهم للأسف لا يستطيعون الرد الصحيح عليها لعدم التعلم الذي ذكرناه في فتنة محدودية الإلتزام.

وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من فتنة الغلوّعامة، ومن فتنة التكفير خاصة فقال صلى الله عليه وسلم : " وَإِيِّاكُمّ والغُلُو في الدّينِ فَإنّما أَهلّك من كَانَ قَبلكُم الغُلُوُ في الدّينِ ".

وحذر في أحاديث كثيرة من التكفير، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما "، وقال صلى الله عليه وسلم: " من رمى مؤمنا بكفر فهو كقتله "، فقد تواترت الأحاديث بذم الخوارج فمنها: وصفهم بأنهم كلاب النار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الخوارج كلاب النار"،  وأنهم "... يَقتُلون أهل الإسلام ويَدَعُون أَهل الأَوثانِ... "، وأنهم من كثرة قراءتهم وعبادتهم  يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، وأنهم يقرؤون القرآن لا يتجاوز حناجرهم، وأخبر صلى الله عليه وسلم أنه لو أدركهم لقتلهم مثل عاد وإرم، وأن الفئة التي تقاتل الخوارج أَولى الفئتين بالحق.

وعلاج هذه الفتنة لابد من التمسك بمنهج أهل السنة والجماعة بطريقة السلف رضي الله عنهم ومدراسته مسألة مسألة، لنتعرف على معالم هذا الطريق الذي تسفي عليه رياح الفتن، فيلتبس عليه كثير من الناس.