إقليم الأحواز العربي (3)

  • 163

يتمتع إقليم الأحواز منذ القدم بثروات طبيعية كبيرة ومتنوعة، ساعدت على ازدهاره زراعيا وصناعيا وتجاريا عبر تاريخه الطويل، كما ظهر البترول في الإقليم مبكرا، ولكنه كان وبالا على سكان الإقليم إذ جذب إليه أطماع الأوروبيين ثم إيران.

يمتاز إقليم الأحواز بخصوبة أراضيه ووفرة مياه أنهاره، ولكن عمق هذه الأنهار وارتفاع الأرض عن مستوى الأنهار يجعلها تحتاج إلى ماكينات لرفع المياه. ومن أشهر مزروعات الإقليم النخيل، الذي يوجد في أغلب مناطق الإقليم، والذي يعد امتدادا لنخيل العراق، وكثير من السكان يعملون في زراعته لأنه لا يحتاج إلى جهد كبير، وأصناف تموره كثيرة وجيدة. كما تزرع هناك الحنطة والأرز والشعير والزبيب وقصب السكر والحمضيات كالبرتقال والليمون والخضروات والبصل والبطاطا.ويزرع قصب السكر هناك منذ القدم ن حتى سمي الإقليم بـ (شكرستان)، لكثرة السكر فيه، كما أنقطنه من النوع الجيد البراق، لكن أهمل فقلت جودته، والبصل الأحوازي معروف بلونه الأحمر، ومذاقه بارد. ورغم أن الزراعة هناك من الحرف الأساسية، لكنها غير متطورة. وقد أدت منافسة الإيرانيين -بتحريضمن السلطات الإيرانية -للفلاحين العرب إلى تدهور أحوالهم، فنزح منهم كثيرون إلى العراق، حيث أن أصول الكثيرين من العراق. وقد منعت الحكومة الإيرانية العرب في الإقليم رسميا من تملك الأراضي والعقارات، وقامت بالاستيلاء على مساحات شاسعة من الأراضي وتوزيعها على الإيرانيين الوافدين على الإقليم.

ويمتاز الإقليم بغاباته الكثيرة على ضفاف الأنهار، وتبلغ بعض هذه الغابات 50 ك م2 طولا و2 ك م2 عرضا،وبها أنواع مختلفة من الأشجار ذات الأهمية الاقتصادية. وقد سيطرت عليها الحكومة الإيرانية، ومنعت الأهالي من دخولها، وكانوا يستفيدون من بيع أخشابها والعيش على مواردها. وقد أصدر شاه إيران عام 1963م قانونا بتأميم الغابات في الإقليم، ووضع يد إيران عليها.

ويمتاز الإقليم من القدم بازدهار بعض الصناعات التي اشتهر بها، منها صناعة الديباج، والخزوز الثقيلة، والنسيج، والأستار والفرش. وصناعة الأواني الزجاجية، وعصير الفواكه، لكثرة زراعة الحمضيات، وتجفيف المواد الغذائية، كالزبيب والمشمش. إلى جانب الحرف اليدوية العادية. وقد اشتهرت مدينة (تستر) بإنتاجالحرير نظرا لكثرة أشجار التوت فيها، والتي يربى عليها دود القز. وقد ضعفت بعض هذهالصناعات لاتجاهالسكانللعملفي مناطقاستخراج البترول. وقد مكنت حكومات إيران المتعاقبة الإيرانيين من السيطرة على ما بقي من هذه الأنشطة الصناعية، فلم يعد للعرب منها إلا الصناعات البسيطة.

ويمتاز الإقليم بثروة حيوانية كبيرة، خاصة من الأغنام والماعز والبقر والجمال، إلى جانب البغال المعروفة بقوتها، وتستخدم في تسلق الجبال والتنقل، إلى جانب الخيول العربية. ولكثرة الأنهار بالإقليم ففيه ثروةسمكية ضخمة وأنواع كثيرة ومتنوعة من الأسماك، ومازال من سكان الإقليم من يحترف مهنة الصيد لذلك. كما أن به كذلك أنواع متعددة من الطيور المختلفة.

وقد كان للإقليم في الماضي علاقات تجارية خارجية مع دول العالم، حيث كانت يصدر منتجاته الزراعية والصناعية للدول المجاورة والبعيدة، كالعراق وإيران، واليمن والهند والسند والصين. ولكن بعد أن وضعت إيران يدها على الإقليم وتحكمت في اقتصاده استأثرت بنقل منتجاته إليها لينعم به الإيرانيون، على أنها من المنتجات الإيرانية، ولم يعد للإقليم أي تبادل تجاري خارجي.

ويمتاز الإقليم بثرواته المعدنية خاصة البترول، الذي ظهرهناك مبكرا، حيث تدفق من منطقة (مسجدسليمان) في ربيع عام 1908م، وبلغ إنتاج البترول فيعام 1959 م مليون برميل يوميا، يجري في أنابيب إلى مصفاة (عبادان)، والتي تعد من أكبر مصافات البترول في العالم، وبالقرب منها يوجد مرفأين بتروليين (بندر معشور) و(الخرج).

ومع بدء ظهور البترول في الإقليم عقدت إنجلترا مع الشيخ (خزعل) أمير المحمرة اتفاقا يتيح لها استخدام (عبادان) لبناء مصفاة بترولية فيها، ومد أنابيب البترول إليها. وقد بدأ عمل المصفاة في عام 1920م، فكانت أكبر مصفاة للبترول في العالم. ومع اختطاف إيران للشيخ (خزعل) واعتقاله في طهران في عهد رضا شاه بهلوي، وإنهاء الحكم العربي في الإقليم بذلك في عام 1925م، عقدت شركة النفط البريطانية اتفاقياتها مع الحكومة الإيرانية وتعاملت معها. فكان ظهور البترول وراء ضياع الإقليم.