اختلاط النيات

  • 36

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛    

فالمرء يحتاج إلى مجاهدة ومراقبة في أعماله كلها، فيسأل نفسه: أكَانَ عملي هذا لله أم لا؟

قال الله -تعالى-: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت:69).

ومَن طلب الإخلاص في أعماله الظاهرة، وهو يلاحظ الخلق بقلبه فقد رام المحال؛ لأن الإخلاص ماء القلب الذي به حياته، والرياء يميته.

كتب يوسف بن أسباط إلى حذيفة: "إن لنا ولك من الله مقامًا يسألنا فيه عن الرمق الخفي، وعن الخليل الجافي، ولستُ آمن أن يكون فيما يسألني ويسألك عنه: وساوس الصدور، ولحاظ الأعين، وإصغاء الأسماع. اعلم أن مما يوصف به منافقو هذه الأمة أنهم خالطوا أهل الدِّين بأبدانهم، وفارقوهم بأهوائهم، ولم ينتهوا عن خبيث أفعالهم؛ كثرت أعمالهم بلا تصحيح، فأحرمهم الله الثمن الربيح".

وقال وهب بن منبه: "مَن طلب الدنيا بعمل الآخرة نكس الله قلبه، وكتب اسمه في ديوان أهل النار".

وقال أبو العالية: "قال لي أصحاب محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-: لا تعمل لغير الله فيكلك الله إلى مَن عملتَ له".

وقال: "أدركت ثلاثين من أصحاب محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- كلهم يخاف على نفسه مِن النفاق".

وقال الربيع بن خثيم: "كل ما لا يُبتَغَى به وجه الله يضمحل".

- وإنه وبلا شك تزل الأقدام أحيانًا، ولكن روي عن سيد المرسلين -صلى الله عليه وسلم- أنه قال لأبي بكر الصديق -رضي الله عنه وأرضاه-: (الشِّرْكُ فِيكُمْ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ، وَسَأُدُلُّكَ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتَهُ أَذْهَبَ عنْكَ صِغَارَ الشِّرْكِ وَكِبَارَهُ تَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ، تَقُولُهَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ) (أخرجه البخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني).