• الرئيسية
  • تقارير وتحقيقات
  • الداعية اليمني المقيم في تايلاند رضوان سعيد لـ"الفتح": مسلمو تايلاند فشلوا في إقامة حزب سياسي يجمعهم برؤية واحدة

الداعية اليمني المقيم في تايلاند رضوان سعيد لـ"الفتح": مسلمو تايلاند فشلوا في إقامة حزب سياسي يجمعهم برؤية واحدة

  • 150
رضوان سعيد الداعية اليمني

التشيع يغزو تايلاند ويشوه الصورة الصحيحة للإسلام
مسلمو تايلاند يتفاعلون مع قضايا العالم العربي ولا يتوقفون عن دعم الروهينجيا
6 وسائل يمكن للمسلمين أن يدعموا بها إخوانهم في تايلاند
التعايش السلمي وتحقيق الشراكة والعدالة الاجتماعية هما السبيل لحل مشاكل مسلمي تايلاند


منذ أكثر من ثمانية قرون والإسلام له موطئ قدم فى تايلاند كغيرها من بلدان جنوب شرق آسيا، التي يرتبط مسلموها فى الذهنية العربية بشخصية المسلم الطيب الهادئ، لكن هذه الصورة كان ينقصها الكشف عن واقع المسلمين في تايلاند فى ظل التحديات الثقافية والسياسية التي تمر بها منطقة جنوب شرق آسيا والعالم، لذا سعت "الفتح" لأن تقدم لقرائها حال مسلمي تايلاند بعيون عربية، فأجرت هذا الحوار مع الداعية اليمني المقيم بتايلاند وخطيب مسجد نانا في العاصمة بانكوك الداعية- رضوان سعيد.


· ما جذور الإسلام في تايلاند؟ وما أبرز المحطات في مسيرته هناك؟


مملكة تايلاند والتي تعرف بسيام سابقًا كغيرها من الدول الآسيوية التي منَّ الله تعالى عليها بوصول الإسلام ورسالته السمحة، ويمكننا القول إن وصول الإسلام إلى تايلاند جاء من ثلاثة طرق:


الأول: عن طريق تجار اليمن وخصوصًا أبناء حضرموت الذين قدموا إلى جنوب تايلاند وقبلها إلى ماليزيا وإندونيسيا فصارت لهم بصمات واضحة على الشعب التايلاندي، وأنعشوا الجانب الاقتصادي إلى حد كبير، لاسيما في مناطق فطاني وجالا وناراتيوات وستون، وكان هذا قبل 8 قرون من الآن، وما زال البعض له ارتباطات باليمن والسرد في النسب والأسماء والعادات والتقاليد والمظاهر التي يُعرف بها اليمنييون.


الثاني: جاء الإسلام تايلاند عن طريق الشمال تحديدًا من جنوب الصين وبورما، ومن الناس التي كانت تهاجر إلى تايلاند وتوغلت في الشمال وأصبحوا جزءًا من الشعب التايلاندي.


الثالث: التجار الهنود المسلمون الذين تمركزوا في وسط تايلاند أو من أبناء المسلمين التايلانديين أنفسهم الذين أخذتهم الحكومات التايلاندية بعد أحداث الجنوب إلى بانكوك مقاطعة الوسط فشكلوا الآن ما يقرب من نصف مليون مسلم.


· كم يبلغ عدد المسلمين حاليًّا؟ وما مناطق تمركزهم؟


يتجاوز عدد السكان 65 مليونًا، ويُشكِّل البوذيون النسبة الكبرى في البلاد بنسبة 85%، يلي هذه النسبة الإسلام بنسبة 10%، ثم بقية الطوائف والأديان المتعددة؛ كالهندوس والمسيحيين واللا دينيين وغيرهم.


أما غالبية المسلمين يتركز وجودهم في الجنوب في فطاني وجالا وناراتيوات وفتلونج وفوكيت وكرابي وفي الوسط العاصمة بانكوك ما يقرب من نصف مليون نسمة.


· هل يمكنك تقديم صورة لنا عن الواقع الاجتماعي والاقتصادي للمسلمين هناك؟


يمارس المسلمون أنشطتهم التجارية والاقتصادية والزراعية بكل حرية، ويمكنني القول إنني ما ذهبت مكانًا أو مرفقًا إلا وجدت الصناعات والأطعمة والمنتجات الإسلامية التي تُعرف باسم ماركة خاصة بها واسمها (حلال) ولديهم معهد خاص بهذا الشأن تم توسعته وتطويره من قِبَل الحكومة ويعمل كثير من المسلمين في الزراعة؛ كون المناطق التي يوجدون فيها أرض خصبة وشلالات وأنهار كثيرة, وتأخر النمو الاقتصادي في مناطقهم يرجع إلى عدة عوامل منها المشاكل والاضطرابات التي مرت بها تلك المناطق والتي تتحسن شيئًا فشيئًا, لاسيما مع إدراك الجميع أهمية التعايش السلمي وتحقيق الشراكة والعدالة الاجتماعية لكل أبناء تايلاند, دفع هذا الأمر إلى تشكيل لجان من وجهات موثوقة من المسلمين أنجزت العديد من الإشكالات المتعلقة فيما يخص المسلمين والحكومة التايلاندية وتحظى بثقة كبيرة من المسلمين التايلانديين.


أما الجانب الاجتماعي؛ فيواجه المسلمون تحديات صعبة لكل ما له علاقة بواقع الأسرة المسلمة وعلاقات أبنائها مع بعضهم، وعلاقتها بالوسط الذي تعيش فيه؛ لذا يتحتم عليهم امتلاك واقع اجتماعي مستقل الذي يميز هويتهم الاجتماعية والثقافية والدينية عن البيئة العامة.


· ما السمات المميزة للمجتمع الإسلامي في تايلاند عن غيره من المجتمعات الإسلامية؟


مشهور عن الشعب التايلاندي تسميته الشعب المبتسم أو شعب الابتسامة، وهذا معروف عنهم, والطابع العام للمجتمع المسلم في تايلاند، مجتمع مترابط حول اعتزازه بدينه, يعملون جاهدين من أجل صياغة شخصية أولادهم بالتربية الإسلامية، ولا يعفي هذا الأمر من وجود ما يخدش هذه الحالة كأي مجتمع مسلم ويتميز المسلمون بتعايشهم مع الآخرين وتعاملهم من أجل المحافظة والقدرة على التعامل مع عوامل التدافع الحضاري، حتي لا يسلب منهم هويتهم.


· كيف تتعامل الحكومة التايلاندية والأحزاب السياسية مع المسلمين؟ وكيف حال واقعهم السياسي؟


استطاع المسلمون منذ فترة أن يحرزوا تقدمًا كبيرًا بتحقيق مطالبهم الحقوقية والسياسية بعد تفعيل قانون المواطنة في 2007 في تايلاند وأن الكل سواسية أمام القانون، مما أوجد مساحة كبيرة للمسلمين يتحركون فيها، ليس هذا فقط، بل عملت تايلاند على تبني فكرة مجلس شيخ الإسلام، وهو عبارة عن هيئة منتخبة من أئمة المسلمين لاختيار من يمثلهم، ثم يصدر به قرار ملكي لتعيينه في كل الشئون الإسلامية كالقضاء والمدارس الإسلامية وأسواق الحلال وقوانين الأحوال الشخصية وغيرها, وتشير دراسات إلى وجود أكثر من 3 آلاف و300 مسجد في تايلاند، مائتين مسجد في العاصمة بانكوك وقنوات تلفزيونية محلية وردايو لنشر مفاهيم وتعاليم الإسلام.


بالنسبة للشق الثاني؛ فالقانون التايلاندي يسمح بحرية فتح المنظمات والأحزاب والمؤسسات وللمسلمين، وتوجد العشرات من المنظمات والمؤسسات العاملة في كل الجوانب الحقوقية والإغاثية والاجتماعية والتعليمية والإعلامية، ولكن للأسف فشل المسلمون في إيجاد حزب سياسي يجمعهم برؤية واحدة، وانخرط البعض في أحزاب وطنية صغيرة أو كبيرة، كما وصل البعض إلى مجلس الشيوخ والبعض صار منهم وزراء ونواب لرئاسة الوزراء.


· هل المقررات التعليمية الحكومية تتعامل مع الهوية الإسلامية باعتبارها جزءًا من المكونات الثقافية للدولة؟


كما أسلفت بالحديث معك أن الدين الأكثر عددًا في هو البوذية، وتايلاند تُعَد من الدول التي ترعى البوذية، وتوجد بعض المقررات الدينية التي تختلف من منطقة إلى أخرى من حيث الالتزام بها من عدمه, ومع ذلك لا يمنع المسلمون من فتح مئات المدارس المنتشرة بين المسلمين والتي تدرس المناهج العصرية الحكومية الى جانب تدريس اللغة العربية والعلوم الإسلامية فيها بكل حرية وشهادة المدرسة أو الكلية او الجامعة معترف بها رسميًّا.


وهناك -على سبيل المثال- ثلاث مؤسسات تعليمية جامعية مشهورة يستطيع الطلاب المسلمون الالتحاق بها، وهي جامعة جالا الإسلامية، وكلية الدراسات الإسلامية التابعة لجامعة الأمير سونجكلا، وأكاديمية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة ناراديواس راجنكرين بناراتيوات للحصول على درجة العالية الليسانس والكلية الإسلامية والتكنولوجية في بانكوك.


· ما الظروف التي يعيشها التعليم الإسلامي في تايلاند؟


التعليم في تايلاند يظهر أنه كان -في بداية الأمر- عملًّا ذاتيًّا وتحركًا فرديًّا أوطوعيًّا في المساجد والكتاتيب والملحقات الإسلامية وما زال البعض منه إلى الآن، حتى وصل الحال إلى المدارس المتقدمة ثم النظامية والقانونية والمعترف بها، بدءًا من المدرسة الابتدائية، ومرورًا بالعشرات من المعاهد الإسلامية والكليات المتخصصة الخاصة بالمسلمين.


الشؤون التعليمية في تايلاند يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أقسام:


القسم الأول: وهو الرسمي الذي ترعاه وتتبنَّاه وبإشراف المجالس الإسلامية الموجودة في المحافظات.


القسم الثاني: المؤسسات الإسلامية العاملة التي تعمل بشكل قانوني كمؤسسة عيد القطرية والهيئة العالمية للتنمية البشرية وجمعية فطاني المدعومة من الإمارات والندوة العالمية للشباب الإسلامي وجمعية إحياء التراث الإسلامي الكويتية وغيرهم.


القسم الثالث: الجهود الشخصية أو الموسسات التايلاندية من أبناء الأقليات المسلمة كجمعية الصادقين والهلال والسلام وغيرها.


· هل هناك تنسيق بين المؤسسات التعليمية الإسلامية والمؤسسات الدينية والتعليمية الكبرى كالأزهر والجامعة الإسلامية بالمدينة؟


نعم؛ يوجد تنسيق بين مجالس شيخ الإسلام والأزهر وبين بعض المؤسسات العاملة والجامعات في المملكة العربية السعودية، وفي هذا العام تم قبول أكبر عدد من الطلاب في الجامعة الإسلامية ما يقرب من أربعين طالبًا وأحيانًا يكون التنسيق بجهود فردية أو عن طريق التقديم في النت أو التزكية؛ ومعظم الطلاب والدعاة البارزين والشباب العاملين في هذا المجال تخرجوا إمَّا من الأزهر أو الجامعة الإسلامية في السعودية أو الجامعة السلفية في الهند أو جامعات ومعاهد ماليزية وباكستانية أو ممن ورثوا عن آبائهم وأجدادهم، كما هو الحال بين علماء ولاية فطاني.


· ما أخطر المشكلات التى يعاني منها المسلمون في تايلاند؟


تعاني الأقلية المسلمة في تايلاند من خطر الذوبان في العادات والتقاليد غير الإسلامية التي تؤثر في هويتهم وثقافتهم وشئونهم الاجتماعية، والأخطر من هذه الأمور وقوع البعض في ممارسة طقوس غير إسلامية جهلًا منهم أو لشدة الاحتكاك والتقارب الروحي في بعض الأحيان.


صحيح هناك -ولله الحمد- جهود كثيرة تبذل من قِبَل العلماء والدعاة والمؤسسات الخيرية، ولكن ينبغي بذل مزيد من الجهود بجانب هذا فإن من المخاطر المحدقة بالأقلية المسلمة وجود مذاهب تحسب على الإسلام من الفرق القبورية والشركية التي تنخر في جوانب عقيدة المسلم، ومؤخرًا بدا ظهور نشاط التشيع مدعومًا من إيران كما هو الحال في جالا وفتلنوج وأحد المراكز في العاصمة بانكوك ويؤثر هذا الأمر سلبًا حتى عند دعوة غير المسلمين من الأكاديميين أو الطبقات المثقفة من البوذيين حين يقرءون ويبحثون عن الإسلام فيجدون مثل هذه الطوام التي يحملها المذهب الشيعي الرافضي باسم الإسلام، ولي تجربة في هذا الصدد مع أكاديميين نعمل بالقرب منهم، فيسألون كثيرًا ويطرحون تساؤلات عدة في هذه الأمور التي شوهت جمال الإسلام والعقيدة الصحيحة.


· كيف يمكن مساعدة المسلمين في تايلاند في الحفاظ على هويتهم؟


يزور تايلاند مئات الآلاف من المسلمين العرب والدول الإسلامية للسياحة أو التجارة او العلاج، ناهيك عن عشرات السفارات والملحقيات، فلو أن لبعضهم برامج وأهدافًا يتم عبرها الولوج إلى المجتمع المسلم لنفع الله بهم الكثير.


وعلى أية حال يمكننا القول: إن التواصل ومساعدة المسلمين في تايلاند يتمثَّل -ليس على سبيل الحصر- في:


1- التواصل المستمر من المنظمات الإسلامية والعربية مع المجتمع المسلم في تايلاند والتركيز على دعم التعليم والإعلام والشئون الثقافية والاجتماعية.
2- استقطاب الشباب التايلاندي المسلم إلى الجامعات في العالم العربي والإسلامي لدراسة اللغة العربية والعلوم الإسلامية والعلوم العصرية معًا.
3- عقد المؤتمرات والندوات والفعاليات التي تتبنى العمل على دراسة الأوضاع العامة فيما يخص الشعب المسلم في تايلاند أو الدعوة إلى الإسلام في مجتمعات غير المسلمين، ما جعل الكثير يومًا بعد يوم -ولله الحمد- يدخلون في دين الإسلام.
4- العمل على إحياء المؤسسات والهيئات الوقفية والمشاريع الاقتصادية التي تعود بالنفع للمسلمين وتوفر فرص عمل متنوعة للشباب من الجنسين الرجال والنساء.
5- استغلال أجواء الحرية التي تنعم بها تايلاند في فتح مراكز تدريبية أو مهنية بما يلبي حاجات المؤسسات والشباب المسلم.
6- ربط العلاقات المباشرة مع الجهات الحكومية التي تسر بالتواصل معهم.


· كيف يتفاعل المسلمون في تايلاند مع مشاكل إخوانهم في العالم العربي؟


للأسف الشديد، المشاكل زادت وتيرتها كثيرًا في العالميْن العربي والإسلامي معًا، لا سيما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وما يُسمَّى بثورات الربيع العربي، والمسلمون في تايلاند جزء من هذه اللُّحمة أو العقيدة التي تربط بينهم وبين إخوانهم المسلمين وبحسب المتاح لهم يتفاعلون بالإعلام والمال والاحتجاجات السلمية كما حصل أيام أحداث غزة والعراق وغيرها وما يحدث للمسلمين في بورما بالإغاثة والدعم المالي والقانوني والإعلامي وغيره.