عودة الأمن مقابل العصف بالحريات أمر مرفوض

  • 140
صورة أرشيفية

ووليد منصور

تعتبر معادلة التوازن بين الأمن والحريات القضية الأبرز في وقتنا الحالي؛ فالمواطن يريد الأمن والاستقرار ويرفض أن يعود الأمن على حساب حريته وآدميته، ولم ينس بعد انتهاكات الشرطة.
ورأى السياسيون أن المشكلات السياسية لا يمكن أن يتم حلها بطريقة أمنية، لكن عبر حوار بين الأطراف المتنازعة، فيما اعتبر الحقوقيون أن الحريات لا يمكن أن تنتهك باسم عودة الأمن وعودة الاستقرار، فيما رفض خبراء الأمن التقليل من خطورة الوضع الأمني الحالي، معتبرين أن ضرورة عودة الأمن قد تبيح تقييد بعض الحريات.

قال الدكتور محمد محي الدين المرشح المحتمل للرئاسة، ونائب رئيس حزب غد الثورة السابق ، إنه لا يوجد تعارض بين وجود الأمن وقمع الحريات، لكن المهم وجود مؤسسات وسلطات رقابية تمنع تغول السلطة الأمنية علي السلطة الحقوقية والقانونية؛ مشيرا إلى إن هناك ممارسات للأمن مثيرة للقلق تحدث الآن، وتم مخاطبة الرئاسة بشأنها .

وأوضح "محيي" أن مظاهرات الإخوان المسلمين ورفضهم لحدوث تسوية سياسية لما حدث في 30 يونيو؛ تساعد على توغل القوات الأمنية وظهورها بصورة غير قانونية في بعض المشاهد؛ مؤكدا أن هناك غباء سياسيا يعالج بغباء أمني.
وطالب محي الدين الشرطة بضبط النفس وتطبيق القانون وعدم استخدام العنف المفرط مع المواطنين؛ مشيرا إلى أن الشعب المصري لن يقبل بعودة الممارسات الأمنية لما كان عليه قبل 25 يناير مهما كان الأمر.

وقال الدكتور محمد إبراهيم منصور، عضو المجلس الرئاسي لحزب النور، إن المرحلة التي تمر بها بمصر الآن مرحلة حرجة والأمر فيها متشابك ومتداخل، مشيرا إلي أن هناك تصرفات غير مسئوله تحتاج إلي ضبط حتي لا تعرقل مسيرة المجتمع، وحتي لا تعيق مصر عن الخروج من عنق الزجاجة .

وأوضح في تصريحات له أن التعامل الأمني مطلوب في المرحلة الحالية، خاصة فيما يتعلق بالعمليات التي تحدث في سيناء والتفجيرات الأخيرة التي تشهدها البلاد، لكن لا يمكن أن يكون الحل الأمني هو الحل النهائي لكل المشاكل المصرية، فلا بد من وجود حلول اقتصادية وفكرية وثقافية، ولا بد من وجود منظومة متكاملة لمعالجة المشاكل المصرية المتزايدةـ خاصة المشاكل السياسية التي تحتاج إلي مصالحة حقيقة.
وأشار إلي أن التعامل الأمني هو الغالب في حل المشاكل المصرية، ويزيد باستمرار عن الحد المطلوب؛ مما يؤدي إلي حدوث تجاوزات تؤثر علي الحريات، مضيفا أنه لا يمكن أن يكون التعامل الأمني هو الحل الوحيد لما يحدث في مصر ، فلا بد من وجود توازن بين الحلول الأمنية والسياسية والاجتماعية.

قال أشرف طلبة عضو منظمة العفو الدولية، وعضو لجنة الحريات بنقابة المحامين، أن الأمن في البلاد الأوروبية يتفوق على الحريات، ويجب أن يكون هناك حالة من الدعم للشرطة للعودة إلى دورها مرة أخرى، مستدركا أنه بعد عودة الشرطة لقوتها يجب أن يكون هناك منهجية جديدة للتعامل.
وأوضح "طلبة" أن هذه المنهجية تقوم على ضرورة حماية حقوق الإنسان وتجنب انتهاك الحريات، مشددا على أن القبض العشوائي أمر مرفوض وغير مبرر، فلا يوجد ضبط وإحضار إلا بناء على بلاغ أو أمر، مع ضرورة تفعيل مواد الدستور فيما يخص إبلاغ أهل المواطن خلال 24 ساعة من إلقاء القبض على المتهم، وأن يتم معاملة المتهم على أنه بريء حتى مثوله أمام النيابة وثبوت تهمته.

وأشار إلى أنه لا ينبغي أن يكون مبرر انتهاك الحريات هو عودة الأمن، فهناك وسائل وطرق لعودة الأمن دون انتهاك الحقوق والحريات.
ورأى اللواء محمد التميمي الخبير العسكري والاستراتيجي، أن التوازن بين الأمن والحريات يعد من المعادلات الصعبة، خاصة عندما يتعلق عودة الأمن بظروف مثل التي تعيشها بلادنا التي يضطر فيها الجميع إلى التغاضي عن حقوق الإنسان حتى يعود الاستقرار.

وأشار التميمي إلى أن حقوق الإنسان تحتاج أيضا إلى الأمن ليحميها من انتهاكها على يد البلطجية، فالأولوية الآن هي عودة الأمن لضمان الحريات وعدم إعطاء الفرصة لتحولها إلى جموح وطيش، مطالبا الشعب بالوقوف بجانب الشرطة حتى تستعيد قوتها، ثم مطالبتها بعد ذلك بمراعاة حقوق الإنسان.

واختتم حديثه بذكره كلمة رئيس الوزراء البريطاني "ديفيد كاميرون": "في حالة تهديد أمن الوطن فلا يمكن الحديث عن حقوق الإنسان"، مؤكدا أن الضرورات في هذه الحالة تبيح المحظورات، لكن يجب أن تكون بصورة مؤقتة.
أوضح اللواء ثروت أبو بكر الخبير الأمني، أن نسبة كبيرة من الشعب سترفض تقييد حريتها؛ مما يزيد من المواجهة والتوترات ويقلل فرصة عودة الأمن.

وأشار أبو بكر إلى أن هناك منظومة متكاملة لتحقيق الأمن، فهناك الأمن الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، والأمن الجنائي جزء من هذه المنظومة، ويجب أن يتم العمل للمحافظة على عناصر تلك المنظومة وتحقيقها بشكل كامل دون إغفال عنصر أو تفضيل عنصر على آخر.
وأكد أن طبيعة عمل الأمن تتناقض مع الحريات؛ حيث إن طبيعة عمل الأمن تقتضي التجسس والتحريات واستخدام بعض العنف.