مؤسسة الزواج في خطر | "البارت تايم" و "زواج التجربة".. شاذة ودخيلة على المجتمع

استشاريون: تخالف الفطرة وتهدد تماسك المجتمع من جذوره

  • 22


تقرير - محمد علاء

أفكار ومفاهيم خطيرة أصبحت منتشرة بين الشباب والفتيات خصوصًا، تحتاج إلى من يفككها ويصححها، فمؤسسة الزواج باتت في دائرة الخطر.

ومنصات "السوشيال ميديا" تفرز يوميًا مصطلحات ومفاهيم دخيلة تهدد مؤسسة الزواج، ومن بينها: "البارت تايم" و "زواج التجربة"، وغيرهما من المسميات التي نرفض نشرها في المجتمع ونتحفظ على ذكرها.

في البداية قال الدكتور محمد صلاح، مرشد علاقات أسرية، إننا نحتاج إلى التأكيد على أن الزواج مؤسسة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وأنها من أهم المؤسسات التي يمكن أن تلتحق بها المرأة في حياتها.

وأضاف "صلاح" في تصريحات خاصة لـ "الفتح"، أن أي مؤسسة تبنى على الأرض أو لها موقع إلكتروني تجد عناوين رئيسية "من نحن، الرؤية، الرسالة، الأهداف، القيم، وسائل التواصل، ومقترحات وشكاوى"، وهذه عناوين لأي حياة زوجية ناجحة.

وتابع: "من نحن.. تمثل ماذا سنكون بعد الزواج؟ كأسرة ما عنواننا المقبل؟ وما الرسالة التي تعيش من أجلها هذه الأسرة؟ وما الصورة المستقبلية لهذه الأسرة؟ وما الرؤية لهذه الأسرة بعد خمس سنوات أو عشر سنوات أو إلى ما يشاء الله؟ وما القيم أو الدستور الذي ستقوم عليه الأسرة".  

وأشار إلى أن دعاة النسوية يحاولون أن يخرجوا الزواج من مضمونه حتى تصل المرأة إلى كراهية الزواج والأمومة وإنجاب الأطفال، وتدمير الأسرة؛ لتصبح امرأة بلا زوج ولا طفل ولا عائلة؛ فتنتشر مشاكل لا حصر لها في المجتمع من عنوسة وتأخر زواج؛ بل وكراهية المرأة المتزوجة للزواج فتكثر مشاكل الطلاق وغيرها.

وشدد "صلاح" على أن المصطلحات الدخيلة التي يحاول البعض فرضها علينا تضرب أول مفهوم من مفاهيم الزواج وهو أن "الزواج سكينة ومودة ورحمة"، وإذا ضُرب هذا الهدف والمفهوم فلن يحقق الزواج أهدافه وتحول إلى مأساة".

ويدعو الاستشاري التربوي إلى إعادة قراءة السيرة النبوية قراءة بمفهوم ومنظور آخر، ونربطها بالواقع ونعيش بها، على سبيل المثال حينما نزل جبريل -عليه السلام- إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- في غار حراء، رجع النبي -صلى الله عليه وسلم- لمن؟ إلى أصدقائه إلى أعمامه إلى قبيلته، لا.. وإنما رجع إلى السكن "الزوجة"، وانظر إلى فعل السيدة خديجة -رضي الله عنها- وكيف احتوت الموقف؟ هذا درس لكل زوجين مقبلين على الزواج". 

وأضاف الاستشاري الأسري: "في ظل هوس السوشيال ميديا بدأت تنتشر مفاهيم بين الفتيات من بينها أن الفتاة لا تحتاج للزواج، ولا داعي للعيش في مشكلات الحياة الزوجية، وهذه الأمور لا بد أن يستنفر لمواجهتها الدعاة والتربويون والمصلحون".

وفي سياق متصل، أكدت مايسة مجاهد، استشاري أسري وتربوي، أن هناك أسسًا لبناء الأسرة من بينها يجب على الزوجين أن يتعلما مهارات التواصل، وكل منهما يعلم جيدًا الهدف من الزواج، وما الحياة المستقبلية التي يسعون لتحقيقها بشكل صريح، وأن الحياة الزوجية مثلها مثل أي مؤسسة تقابلها عراقيل ومشاكل.

وشددت "مجاهد" في تصريحات خاصة لـ "الفتح"، على أن هناك أعمدة لا بد أن تقوم عليها الأسرة من بينها الاحترام المتبادل، مع العلم أن الرجل والمرأة مختلفان تمامًا في طريقة التفكير وردود الفعل.

وأوضحت الاستشاري الأسري أن فهم هذه الأمور يقطع الطريق أمام المتربصين لتدمير الأسرة ونشر مفاهيم دخيلة على مجتمعاتنا.

من جهته، أعلن يوسف صالحين، الداعية والمأذون الشرعي، رفضه القاطع لهذه المصطلحات، مؤكدًا أن الزواج عبادة نتعبد بها إلى الله تحتكم لشروط وأصول وأعراف.

وأعرب "صالحين" عن تعجبه الشديد، بالقول: "لماذا لا نسمع عن الزواج المناسب؟ إذا كان هؤلاء يسعون إلى إصلاح المجتمع؛ فكثير من الشباب والفتيات ينتظرون كثيرًا الزواج لأجل الزواج المثالي، المبني على الأحلام الوردية والمدخلات السينمائية، وأن الزواج لا بد أن يبنى على الحب العميق، والفراشات، شريك العمر المركب مثل قطعة البازل المثالية".

وقال "صالحين" في تصريحات خاصة لـ "الفتح": "إن فكرة الزواج المناسب ينبغي أن تعمم، فبدلا من أن يضيع عمر الشاب والفتاة في انتظار الزواج المثالي الذي قد لا يأتي أبدًا، يبحث كل منهما عن المتاح والأنسب والأفضل ببساطة".

 وأضاف المأذون الشرعي: "رأيت نماذج لزيجات اختار الطرفان بعضهما بمنتهى العقلانية، ودرسا فرصهما، وتجدهما منسجمين كثنائي من ناحية المشاعر والعواطف، وتنتشر بينهما المودة والرحمة، ويبذل كل منها الجهد حتى يكون للآخر كما يحب قدر الاستطاعة".

وتابع: "رأيت زوجات تهتم بكل كبيرة وصغيرة لزوجها، وزوجات لا تنام بالليل حتى لو تأخر الوقت من أجل زوجها حتى تستقبله وتسلم عليه وتحضر له الطعام وتؤنسه خلال تناوله الطعام، ورأيت أيضًا أزواجًا يهتمون بحالة زوجاتهم النفسية حتى يستطعن مواصلة حمل أعباء المنزل والأطفال". 

وأكد "صالحين"، بالقول: "هذا الزواج الناجح والمناسب والمطلوب، ليس زواجًا مثاليًا ومليئًا بأجواء العواطف الجياشة، وإنما بالعشرة والإحسان والمعروف والخلق، وإذا كان غير ذلك أصبح الزواج "تدبيسة" كما يقولون بالعامية، فلا المرء سعيد ولا هو قادر يفارق". 

واختتم حديثه: "الزوجة تحتاج لرجل متحمل للمسؤولية، عطوف، رحيم، متغافل، صبور، يراعي المشاعر، كريم ماديًا ومعنويًا، يحميها ويعطيها الأمان النفسي والعاطفي والمادي والاجتماعي، يعي مفهوم القوامة ويحسن تطبيقه، ينافح عنها ويتصدر عنها في كل كبيرة وصغيرة، ويحميها من أهوال الحياة، ويرمي القمامة، ويشتري الطلبات، ويقضي المصالح، لا يتركها وحيدة، والزوج يحتاج لأنثى متحملة للمسؤولية، تعظم حقه عليها بقدر الشرع، تراه كبيرها وهي تحت جناحه وظله، تتزين له وتراعي احتياجاته، تؤمن له طعامه ولباسه وشرابه، وتترك له فسحة من الراحة، وتحسن اختيار أوقات الحديث وطرح المشاكل والحاجات".