محاولة اغتيال الكاظمي.. مَن يدفع العراق إلى نفق مظلم؟

  • 37

نقلا عن الورقي..

قآني يطير إلى بغداد.. واتهامات لميليشيات محسوبة على إيران 

محللون: الأحزاب الخاسرة في الانتخابات تفرض إرادتها بإرهاب الطائرات المسيرة 

إدانات عربية وإسلاميّة ضد الأعمال الإرهابية في العراق

تقرير- محمد عبادي 

محاولة اغتيال فاشلة لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، عبر استخدام طائرات مسيرة وصواريخ متفجرة، رفعت من مستوى التوتر والاحتقان، على خلفية رفض تكتل الإطار التنسيقي الشيعي، الذي يشمل أحزابًا مقربة من إيران، لنتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والتلويح باستخدام خيارات صلبة للقفز على هذه النتائج ما يزيد من تعقيد المشهد.

ما كشفه المسؤولون الأمنيون في العراق، في محاولة لتحديد الجهة الفاعلة، فتشير المصادر لرويترز أن الطائرات إيرانية الصنع، وأن أصابع الاتهام موجهة إلى كتائب حزب الله العراق، وكتائب عصائب أهل الحق التي يقودها قيس الخزعلي، الذي هدد رئيس الوزراء  قبل ساعات من وقوع محاولة الاغتيال. 

يرى مراقبون أن هذه الواقعة الإرهابية تهدف إلى إرسال عدد من الرسائل المهمة على أكثر من صعيد، على رأسهم التأثير في مجريات عمل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات العراقية، التي تعكف دراسة الطعون والشكاوى المقدمة لها، تمهيدًا لإعلان النتائج النهائية، وإجبار القيادة السياسية والأحزاب الفائزة على تغيير النتائج أو إعادة الانتخابات.

وأدانت الدول العربية والخليجية والإسلامية، محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، وعدّته عملاً إرهابياً، مؤكدةً في ذات الوقت وقوفها إلى جانب العراق في التصدي لجميع الإرهابيين الذين يحاولون العبث بأمن واستقرار العراق.

وأكد بيان لوزارة الخارجية المصريّة وقوفها مع العراق الشقيق ضد كل ما يُهدد أمنه واستقراره، أو ينال من تماسك جبهته الداخلية. كما شددت مصر على أن تلك الأعمال الإرهابية البائسة لن تُثني العراق الشقيق عن استكمال مسيرة الإنجازات الوطنية، التي كان آخرها عقد الانتخابات البرلمانية الشهر الماضي.

من جهته قال حازم العبيدي، المحلل السياسي العراقي، إنّ محاولة استهداف الكاظمي تأتي في سياق تصدع البيت الشيعي، عقب الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي رفضتها أحزاب محسوبة على إيران، لافتًا أن المحاولة جاءت بعد تهديدات سابقة من قيادات بالحشد الشعبي، مثل أبو علي العسكري، المسؤول الأمني في كتائب حزب الله، وأبو آلاء الولائي، أمين عام كتائب "سيد الشهداء"، وقيس الخزعلي، زعيم عصائب أهل الحق، منوهًا إلى اتهامات قيادات هذه الميليشيات للكاظمي بالمسؤولية عن مقتل أنصارهم من المحتجين بالمنطقة الخضراء رفضًا للانتخابات.

وأضاف العبيدي أن نمط الاغتيال عبر الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية، يحتاج إلى قدرات عسكريّة نوعيّة، وهذه القدرات لا تملكها إلا الأحزاب المحسوبة على إيران في العراق، فمعلوم مصدر هذه الطائرات، لافتًا إلى أن فصائل الحشد الشعبي نفذت عمليات مماثلة باستخدام نفس الأسلحة في الهجمات التي شهدتها بغداد أو ضرب مطار أربيل، مشددًا على أن استخدام 3 طائرات في عملية الاغتيال كانت تهدف إلى الاغتيال وتصفية الكاظمي لا كما يقول البعض أنّ العملية جاءت للترويع والتخويف فقط.

وتوقع المحلل السياسي العراقي أن تمضي الميليشيات مدعومة بإيران في مخطط إلغاء الانتخابات البرلمانية العراقية ونتائجها، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني تقودها شخصيّة مستقلة، والعودة إلى استكمال البرلمان ولايته القانونية، وهذا ما تقوله التسريبات خلال اجتماعات الأحزاب الخاسرة فيما يعرف بالإطار التنسيقي الشيعي.

في زيارة غير معلنة، وصل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، إسماعيل قآني، إلى بغداد بعد ساعات على محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، فيما وجهت أصابع الاتهام إلى الفصائل العراقية المسلحة الموالية لطهران، وعقد قآني اجتماعاً مع قادة الفصائل، كما عقد -حسب ما نقلت وسائل الإعلام العراقية- لقاءً مع الكاظمي، شدد خلاله على رفض بلاده التعرض لأي مسؤول عراقي.

في هذا السياق يقول اللواء دكتور محمد عاصم شنشل، الخبير العسكري العراقي: لا يخفى على أحد أن ميليشيات إيران هي من تمتلك الطائرات المسيرة إيرانية الصنع، وأن فيلق القدس بقيادة الجنرال إسماعيل قآني هو المسؤول عن إمداد هذه الميليشيات بالأسلحة المتقدمة، والتكنولوجيا العسكرية المتقدمة، لذا يأتي وصوله الفوري إلى العراق للتبرؤ من هذا العمل الإرهابي الذي من المرجح أن يقلب كفة موازين القوة في العراق. 

وشدد شنشل على أن الميليشيات الإيرانية، تدفع البلاد للدخول في أتون الفوضى، مشيرًا أن هذه الأحزاب الظلامية تستطيع تحقيق المكاسب من رحم الفوضى والاحتراب والأوضاع المشتبكة، لافتًا أن أمام الحكومة العراقية الحالية ومفوضية الانتخابات أوقاتًا صعبة حتى الإعلان عن النتائج النهائية، ومن ثمّ الشروع في تشكيل حكومة قد تُقصي الطامعين في اقتسام كعكة المناصب والنفوذ.


أدان الرئيس الأمريكي جو بايدن، محاولة اغتيال الكاظمي، وشدد على وجوب محاسبة مرتكبي هذا الهجوم الإرهابي على الدولة العراقية، وأصدر تعليمات إلى فريق الأمن القومي الخاص به لتقديم المساعدة لقوات الأمن العراقية أثناء قيامهم بالتحقيق في هذا الهجوم.

كما لمح المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون"، جون كيربي، إلى وقوف إيران وراء محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، قائلًا: هناك جماعات كثيرة مدعومة من إيران داخل العراق، ولديها القدرة على تنفيذ الهجوم ضد الكاظمي.

يتابع اللواء محمد عاصم شنشل الخبير العسكري العراقي التأكيد على أن العراق حتى الآن يمثل ساحة للتصعيد الإيراني - الأمريكي، واستغلال المواقف لكسب المزيد من هذه المساحات، مشيرًا إلى ردود الفعل الفوريّة من قبل إيران التي أرسلت قائد فيلق القدس على الفور إلى العراق، وإلى التصريحات الفوريّة من الرئيس الأمريكي أو البنتاجون والتي أشارت بشكل أو بآخر إلى توجيه أصابع الاتهام تجاه إيران.

ولفت شنشل إلى أنّ العراق بحاجة إلى الاستمرار في طريق الاستقلال الوطني، وإلى التمسك بالشعار الذي أطلقته انتفاضة تشرين، التي دعت إلى استقلال العراق عن أي تدخل خارجي كان من الشرق أو من الغرب، لافتًا أنّ أزمة تجذر النفوذ الخارجي خاصة من إيران وأمريكا هي العقبة أمام تقدم العراق واستقلال قراره.