عاجل

العنف الأسري

  • 123

.مسألة ضرب الزوجة من القضايا المُلِحة التي كثيرًا ما تتصدر صفحات الجرائد والإعلام والبيانات النسوية، خاصة إثر حوادث فردية تطير أخبارها هنا وهناك، وتُستَغل للدفاع عن حق المرأة المهضوم بزعمهم، وبدلا من رد الناس -رجالهم والنساء- إلى الدين وقواعده المنظِمة لهذه العلاقات الحساسة، فإن الكثير منهم -إن لم يكن الكل- يُسقِطون السبب الحقيقي للانحراف الأسري، سواء بعنف الزوج أو تمرد المرأة، ثم  يهاجمون الشرع، ويلمزون الأمر الوارد في آية {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ}.

فقد أُبيح الضرب للتأديب والزجر واستقامة البيت في حالة خوف النشوز بعد سلوك سبل الإصلاح الأخرى، والضرب كتقويم نُصَّ على ضوابطه وطريقته (غير مبرحٍ، وليس على الوجه، ولا يكسر عظمًا) فهو زجر وليس إهانة، ومسبوق بحسن العشرة الأصل في الزواج.

وقد نهى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- عن التجاوز فيه، مُنكرًا على فاعله، فقال: لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يجامعها آخر اليوم، فالتجاوز معوق لاستمرار الزوجية التي مدارها على العاطفة والود والسكن لأليفه فالله الذي رتب فجعل الضرب ثالثًا هو الآمر بحسن العشرة والتغاضي عن بعض الزلات، (لا يفرك المؤمن المؤمنة فإن كره منها خلقًا رضي آخر)، فنقول لمن يلوم أوامر الشرع في ذلك: أأنتم أعلم أم الله ؟! أم أنتم أرحم بخلقه منه، ألا ليت الذين ينفقون أعمارهم وأوقاتهم في لصق التهم بنصوص الشرع ومحاولة نزعها عن مكانتها في تقويم حياة الناس وسلوكهم ليتهم أنفقوها في توعية الزوج والزوجة بالتزام ما يجب عليهم شرعًا تجاه بعضهم فمن أعرض عما حد الشرع فإن له معيشة ضنكًا.

أنفقوا الأموال والجهود في رأب صدع البيوت، فالخلل يأتي من عدم الوعي بأسس اختيار الزوجين ثم إدارة بيتهم الجديد ولقد أعطى النبي –صلى الله عليه وسلم- مثلًا لنا في حادثة  فاطمة بنت قيس حين طلقت ثلاثًا فقال لها رسول الله: إذا حللت فآذنيني، فآذنته، فخطبها معاوية وأبوجهم وأسامة بن زيد، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أما معاوية فرجلٌ تَرِب، لا مال له، وأما أبو جهم فرجلٌ ضرَّابُ للنساء، ولكن أسامة بن زيد، فتزوجته فاغتبطت!! ومنعها النبي من زواج من يُسيئ عشرتها بأن يعرضها للحاجة والعِوَز، وهو ضرر مادي، أو يعرضها لرجل يضربها وهو ضرر معنوي وإساءة للعشرة تتعطل معه الحاجات البشرية للطرفين من الزواج من سكن وإعفاف.

وحين حُدث عمن ضربوا نساءهم قال: أولئك لا يجدون خياركم،  فإن كان الرسول نهى عن قبول تزويجها برجل ضراب  للنساء، وهو -صلى الله عليه وسلم- لم يضربهن فلماذا تلصقون التهم بالشرع؟