عاجل

الزوجة الصالحة

نهى عزت

  • 128

.اختيار شريكة الحياة الزوجية أمر ليس مُحالًا ولا معقدًا، لكن له معايير يبنى عليها كي تؤهله ليكون زواجًا ناجحًا بفصل الله تعالى، وقد جمع لنا نبينا الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم- هذه المواصفات في حديث صحيح بقوله "ألا أخبرك بخير ما يكنز المرءُ؟ المرأة الصالحة؛ إذا نظر إليها سرَّته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حَفِظَته في ماله وولده"، إذًا هذه هي المعايير الواجب توافرها في المرأة الصالحة التي  تُبنى بها أسرة سوية متوازنة.

"إذا نظر إليها سرته.." وهذا الأمر نسبي ليس له معيار موحد عند الجميع، ولكن ما ليس فيه خلاف أن يكون للمرأة جزء من الوقت تهتم فيه بنفسها بأقل القليل بلا تكلف ولا مشقة، محتسبة في هذا الأجر من الله تعالى، فتزين المرأة لزوجها والحفاظ على هيئتها نظيفة مرتبة ليس أمرً شاقًا ولا يحتاج لمزيد من الكُلفة بل هو أمر في مقدور كل النساء، ولا ننسى أن هذا من جبلة المرأة التي طُبعت عليها "أو من ينشؤا في الحلية...." فهذا هو وصف القرآن لهن من صغرهن يميلن إلى الزينة والاهتمام بأنفسهن، وهذا أمر محمود بلا شك إذا كان في نطاق المحارم ولا تقدم به على فعل معصية لله سبحانه وتعالى.

والصفة الثانية في الحديث: إذا أمرها أطاعته، ولا ينبغي لنا أن ننسى أن كل هذا مرتبط بصلاح الرجل وتدينه فلا يصح لها طاعته فيما يغضب الله سبحانه وتعالى، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وكل ما عليها أن تترك له قوامة البيت، وتطيعه إذا أمرها، وحتى إن تم بينهما المشاورة وتمسك الزوج برأيه فلتنزل عليه خاصة إذا كان أمرًا فيه سعة، وفي هذا رد على الحركات النسوية الداعيات إلى حق المرأة في التمسك برأيها وأن تناطح زوجها رأسًا برأس، إلى آخر هذا الكلام الذي فيه دعوة إلى خراب البيوت، مما يجعل البيت في حلبة مصارعة دائمة من له الحق في الأمر والنهي، ومن ثمٌ نصيحتها بأن يكون لها عمل ومال خاص حتى لا يتحكم فيها الرجل، وكأن الرجل قوامته مالية فقط، متغافلة عن قول الله -عز وجل-: "وللرجال عليهن درجة".

وأما الصفة الثالثة: "إذا غاب عنها حفظته في ماله وولده" وهذا يبنى عليه كثير من الثقة والراحة النفسية في البيت، فلا يحق لها بحال من الأحوال أن تفتش له سرًا ولو لأقرب الأقربين، ولتكن زوجة حكيمة تعرف كيف تحافظ على بيتها ولا تترك نفسها فريسة، حين تطلب نصيحة ممن ليسوا أهلًا لها فتحكي عن زوجها وبيتها وأولادها فيرجع لها بعد أن يتلقى نُصحًا ممن يكونون سببًا في إيغار الصدور، وليسوا أصحاب حكمة في الإصلاح فيعقدون الأمور، أما وإن تعظّم الأمر فلتجتهد أن تسأل أهل العلم والخبرة الثقات الذين هم أهل النصيحة والدين.

وكذلك حفظ أولاده بحسن تربيتهم والاعتناء بهم، والحرص على ما ينفعهم في دينهم ودنياهم، وأما حفظ ماله فهي وكيلة عليه لا تخرج منه بغير رضاه، وأن تكون حكيمة في تصريف أمورها بغير إسراف ولا تقتير.

ومما لاشك فيه أن اختيار الزوج الصالح والزوجة الصالحة كله توفيق من الله، وما علينا إلا الأخذ بالأسباب وطلب النُصح من أهله، واعتبار الكفاءة أمر معتبر حتى يتسنى لكلا الزوجين بداية حياتهما واستمرارها على مراد الله منهما، واحتساب كل مشقة ومعوقات في حياتهما لله، فيجازيهم الله خيرًا ويديم بينهما المودة والرحمة.