عاجل

ما هي جزر سليمان.. ولماذا تخشى أمريكا من نفوذ الصين عليها؟

جزر سليمان.. بؤرة صراع جديد بين الصين والغرب جنوب المحيط الهادي

  • 2711
تعبيرية- الصراع العسكري والتجاري بين أمريكا والصين

-جزر سليمان- بؤرة صراع عالمي جديد بين قطبين دوليين في نظام عالمي يتجه نحو القطبية المتعددة، فلم نعد نعيش في العالم الذي كانت واشنطن وحدها صاحبة القرار فيه، وباتت روسيا والصين ينازعا واشنطن قواها العسكرية والاقتصادية والتجارية والتكنولوجية، وتحتدم المنافسة بين القوى الثلاث يومًا بعد الأخر، ومن أهم مجالات هذا السباق هو التواجد العسكري وإنشاء قواعد حربية برية وبحرية وجوية في عدة أماكن هامة حول العالم، ولذا فإن أي تحرك صيني أو روسي لإنشاء قوة جديدة أو بناء قواعد عسكرية في أي منطقة من العالم؛ يقابله تحرك أمريكي مضاد، والصراع الصيني الأمريكي الحالي في جزر سليمان يجسد حالة التربص بين القوى الثلاث.

اتفاقية إطارية

وقَّعت الصين مارس الماضي، اتفاقية إطارية للتعاون الأمني مع جزر سليمان، وأعلنت عن الاتفاقية رسميًا في 19 إبريل، وتسمح الاتفاقية للصين إقامة أول قواعد عسكرية صينية جنوب المحيط الهادي على سواحل جزر سليمان بالقرب من قارات استراليا وأوروبا وأمريكا، كما تتيح الاتفاقية نشر قوات صينية لحفظ الأمن داخل الجزر، وفور الإعلان عن الاتفاقية، هاجمتها واشنطن بقوة وأبدت على لسان متحدثها الرسمي "نيد برايس"، مخاوفها من الاتفاقية، وهددت الولايات المتحدة الأمريكية برد قوي وحاسم إذا أقامت قاعدة عسكرية في جزر سليمان.

مخاوف الغرب

رد فعل الغرب جاء عبر زيارة زيد سيسيلجا، وزير التنمية الأسترالي، لجزر سليمان، وطلب من رئيس وزرائها عدم توقيع الصفقة الصينية، وحذرت استراليا من الاتفاقية، وأعلنت استعدادها لحرب في المنطقة، أمَّا واشنطن فعبرت بأن الاتفاقية تسمح بنشر قوات عسكرية صينية في جزر سليمان، زاعمه أن الاتفاقية تزعزع الاستقرار داخل جزر سليمان، كما أرسلت واشنطن وفد إلى جزر سليمان؛ لمناقشة مخاوفها من الاتفاق، وإعادة فتح السفارة الأمريكية في هونيارا عاصمة جزر سليمان، وصرح ماناسيه سوغافاري، رئيس وزراء جزر سليمان، عدم وجود نية لبناء قاعدة بحرية صينية في بلاده، وطمأن الغرب أن الاتفاقية لا تسمح بذلك.

ما هي جزر سليمان 

هي مجموعة جزر صغيرة تقع جنوب المحيط الهادي، وهي محمية بريطانية سابقة تنازلت عنها ألمانيا لبريطانيا، وتبلغ مساحة الجزر نحو 28 ألفاً و896 كيلومتر مربع، وعدد الجزر الأساسية 6 جزر، إضافة إلى نحو 900 جزيرة صغيرة من الجزر البركانية وأكثر من 300 منها مسكونة، والعاصمة هونيارا هي أكبر الجزر، وملكة بريطانيا إليزابيث الثانية، هي زعيمة الجزر، وينوب عنها حاكم عام هو ديفيد فوناجي، ويقود البلاد رئيس للوزراء، هو صاحب السلطة، ورئيس الوزراء الحالي هو ماناسيه سوجافاري، ويوجد بجزر سليمان عدد من المسلمين ولكنهم ليسوا أغلبية، وتربط جزر سليمان بتايوان علاقات دبلوماسية تعود إلى عام 1983، وعدد سكان الجزر يزيد عن 750 ألف نسمة.

4 اعتبارات رئيسية

قال باحثون إن إعلان الصين الاتفاق الإطاري مع جزر سليمان، يعني 4 اعتبارات رئيسية: أولًا تحويل ولاء الجزر وتوجيه قبلتها الدبلوماسية من التحالف مع تايوان، إلى التحالف مع الصين، ثانيًا استراتيجية الصين في المحيط الهادئ تسعى الصين إلى تعزيز حضورها فيها كمنطقة استراتيجية لمواجهة تحركات واشنطن لتحجيم نفوذ الصين في منطقة المحيط الهادئ، ثالثًا الاتفاقية توضح محاولة احتواء الصين التحركات الداخلية والاحتجاجات المناهضة لنفوذ الصين في جزر سليمان، والحفاظ على شركات وممتلكات الصين في جزر سليمان، رابعًا سعي صيني للسيطرة على مقدرات جزر سليمان الاقتصادية والاستفادة منها، ويتوقف تحقيق ذلك على قوة الصين في تحقيق ذلك وقوة أمريكا والغرب في المواجهة وإلى أي طرف سترضخ جزر سليمان.

صفعة صينية لواشنطن

وفي ذلك السياق، قال السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن رد الفعل الأمريكي على اتفاقية الصين مع جزر سليمان متوقع، موضحًا أن الإدارة الأمريكية الحالية بدأت منذ يناير الماضي في محاولة بناء تكتلات دولية في المحيطين الهادي والهندي بهدف احتواء الصين ومنع زيادة نفوذها في البحر.

وأكد مساعد وزير الخارجية في تصريحات لـ"الفتح"، أن الاتفاق الأمني بين الصين وجزر سليمان جاء بمثابة مفاجأة كبيرة وصفعة قوية للبيت الأبيض والجيش الأمريكي، ومما لاشك فيه هي ضربة للاستراتيجية الأمريكية لأن واشنطن تظن أنها تتسيد التواجد البحري في المحيطين.

وأردف بأنه أول مرة الصين توقع اتفاق أمني مع جزر أو دول في المحيط الهادي، مشددًا على أنها صفعة قوية في وجه محاولات بريطانيا وأمريكا لإنشاء تحالف ضد الصين في المحيط الهادي والهندي.

ونوه بأن الصين فازت في جولة هامة وفي مرحلة زمنية دقيقة في ظل الحرب الروسية في أوكرانيا، لافتًا إلى أن الصين أثبتت قوتها الدبلوماسية والسياسية، وبيَّنت أن لها، مشيرًا إلى أن الاتفاق الصيني مع جزر سليمان يوضح أن سياسة واستراتيجية أمريكا وحلفائها في المحيط الهادي لا تلقى قبول لدى البعض من دول العالم.

وشدد السفير هريدي على أن تصريحات رئيس وزراء جزر سليمان بعدم إنشاء قواعد عسكرية صينية على سواحل الجزر أمر غير حقيقي، وما هو إلا طمأنة لأمريكا وأستراليا والغرب، موضحًا أن نجاح الصين في إقامة هذه الاتفاقية يعني أمرين، الأول توقع إنشاء قواعد عسكرية صينية في جزر سليمان في أي وقت، والثاني احتمال عقد اتفاقيات مشابهة بين الصين ودول أخرى.