ابتلاء وعفو وفضل.. داعية يوضح معاناة المسلمين يوم أحد وإحسان الله إليهم

  • 42
الفتح - الدكتور طلعت مرزوق الكاتب والداعية الإسلامي

أشار الدكتور طلعت مرزوق الكاتب والداعية الإسلامي، إلى قوله تعالى في سورة آل عمران: "وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا ‌وَمِنْكُمْ ‌مَنْ ‌يُرِيدُ ‌الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ".

وشرح الكاتب والداعية الإسلامي في مقال له نشرته الفتح، معاني وتفسير الآية الكريمة كالآتي:

- فقوله تعالى: "وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ": أيها الـمؤمنون من أصحاب مـحمد صلى الله عليه وسلم بأُحُد.

- (وَعْدَهُ): الذي وعدكم علـى لسان رسوله مـحمدٍ صلى الله عليه وسلم، والوعد هو قوله للرماة: "اثْبُتُوا مَكانَكُمْ وَلا تَبْرَحُوا وَإنْ رأيْتُـمُونا قَدْ هَزَمْناهُمْ، فإنَّا لَنْ نَزاَلَ غالبـينَ ما ثَبَتُّـمْ مَكانَكُمْ" ، وكان وعدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم النصر يومئذٍ إن انتهوا إلـى أمره.

- "إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ": أي: تقتلون المشركين، "حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ": يعني بذلك الرماة الذين كان أمرهم الرسول بلزوم مركزهم ومقعدهم من فم الشعب بـأُحد.

- (مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَّا تُحِبُّونَ): من النصر والظفر بـالـمشركين.

- (مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا): الذين أرادوا الغنـيـمة، (وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ): الذين قالوا: نطيع رسول الله ونثبت مكاننا.

- (وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ): الذين قالوا: نطيع رسول الله ونثبت مكاننا، فكان ابن مسعود يقول: "ما شعرتُ أن أحدًا من أصحاب الرسول كان يريد الدنـيا وعَرَضها حتـى كان يوم أُحد".

- (ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ): صرف القوم عنهم، فقُتِلَ من الـمسلـمين بعدّةِ من أسروا يوم بدر، وقُتِلَ عمّ رسول الله، وكُسِرت ربـاعيته، وشجّ فـي وجهه، وكان يـمسح الدم عن وجهه، ويقول: "كَيْفَ يُفْلِـحُ قَوْمٌ فَعَلُوا هَذَا بِنَبِـيِّهِمْ وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إلـى رَبِّهِمْ؟"، فنزلت: "لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ" الآية .  

- (وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ): ولقد عفـا الله أيها الـمخالفون أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتاركون طاعته، فـيـما تقدَّم إلـيكم من لزوم الـموضع الذي أمركم بلزومه عنكم، فصفح لكم من عقوبة ذنبكم الذي أتـيتـموه عما هو أعظم مـما عاقبكم به من هزيـمة أعدائكم إياكم، وصرف وجوهكم عنهم إذ لـم يستأصل جمعكم.

- (وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ): بعفوه لهم عن كثـير ما يستوجبون به العقوبة علـيه من ذنوبهم؛ فإن عاقبهم علـى بعض ذلك، فهو ذو إحسان إلـيهم بجميـل أياديه عندهم؛ روى البخاري رحمه الله تعالى عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: "لَقِينَا المُشْرِكِينَ يَومَئذٍ، وأَجْلَسَ النبيُّ جَيْشًا مِنَ الرُّمَاةِ، وأَمَّرَ عليهم عَبْدَ اللَّهِ، وقالَ: لا تَبْرَحُوا، إنْ رَأَيْتُمُونَا ظَهَرْنَا عليهم فلا تَبْرَحُوا، وإنْ رَأَيْتُمُوهُمْ ظَهَرُوا عَلَيْنَا فلا تُعِينُونَا فَلَمَّا لَقِينَا هَرَبُوا حتَّى رَأَيْتُ النِّسَاءَ يَشْتَدِدْنَ في الجَبَلِ، رَفَعْنَ عن سُوقِهِنَّ، قدْ بَدَتْ خَلَاخِلُهُنَّ، فأخَذُوا يقولونَ: الغَنِيمَةَ الغَنِيمَةَ!