التصنيع المحلي "أول خيوط" إنهاء فجوة الصادرات والواردات

مختصون يطالبون بتطبيق سياسة القيمة المضافة للمواد الخام المتاحة

  • 28
الفتح - أرشيفية

يمثل قطاع الصناعة عصب التنمية الاقتصادية، إذ يحتل مرتبة متقدمة في الناتج المحلي الإجمالي بحصة لا تقل عن 16%، كما تستحوذ الصناعات التحويلية غير البترولية على نحو 80% من جملة استثمارات القطاع بإجمالي نحو 74.1 مليار جنيه، مقابل 19.4 مليار جنيه صناعات بترولية.

وفي ظل الأزمات المالية والاقتصادية التي يشهدها العالم، تهدف الدولة النهوض بالقطاع وزيادة توطين المكون المحلي والتوسع في الصناعات ذات القيمة المضافة، وتوفير المناخ الملائم والجاذب للاستثمارات كأحد الأمور المهمة لدعم الاقتصاد الوطني.

وتضمنت جهود الحكومة للنهوض بالصناعة وضع سلسلة من الإجراءات من بينها تحفيز الاستثمار، وتعميق المنتج المحلي، والتحول نحو الاقتصاد الأخضر، والتكنولوجيا الرقمية، فضلاً عن تيسير إجراءات التراخيص والتوسع بطرح أرض جديدة، وذلك لجذب مزيد من الاستثمارات العربية والأجنبية، وذلك من خلال حزمة من إجراءات كان من بينها إعادة النظر في الاعتمادات المستندية، فضلاً عن الرخصة الذهبية لتيسير الإجراءات.

بينما يرى خبراء أن النهوض بالقطاع يحدث من خلال زيادة القيمة المضافة، والمكون التكنولوجي المرتفع، وتهيئة المناخ الجاذب للاستثمار ، مع الوضع في الاعتبار التنافسية ما بين المنتج المحلي والمستورد، ووضع إجراءات حمائية من الإغراق خاصة في قطاع المنسوجات، مؤكدين أن الظروف مواتية في العديد من القطاعات كالصادرات الزراعية إذ يمكن زيادة الإنتاج الزراعي لمحاصيل القطن، الذرة، البنجر، الفول، الكتان، نخيل البلح، والخضر والفاكهة، بالإضافة إلى النباتات الطبية والعطرية وبعضها يدخل في صناعات استهلاكية وغذائية وعلاجية ويمكن زيادة القيمة المضافة لتوفير العملة الصعبة وتصدير الفائض بعد تغطية السوق المحلي.

 فيما أشار الخبراء إلى أن توفر المعادن المختلفة، فرصة ثمينة للنهوض بعدة صناعات شريطة تحويلها إلى مدن صناعية متخصصة كما حدث بمدينة الروبيكي للجلود، ومدينة الدواء، والجلالة للرخام.

وطالب عدد من رجال الصناعة والاستثمار بضرورة توفير العملة الصعبة ومراعاة التنافسية بين المنتجين المحلي والمستورد، وإخضاع المنتج الأجنبي للرقابة على الواردات ودعم الصناعات المحلية وتوفير المناخ الملائم للقطاع الصناعي فضلاً عن تحديد الأولويات وضبط عملية طروحات الأراضي الصناعية بتطبيق معايير الشفافية، كذلك القضاء على الموروثات البيروقراطية الثقيلة، إعادة النظر في المناطق الحرة ليكون التعامل بالعملة المحلية ولو لمدة محددة.

واستبعد أحمد شيحة عضو شعبة الاستيراد بالغرفة التجارية، النهوض بالمكون المحلي ما لم يتوفر 40 إلى 60% من المادة الخام والتي يأتي معظمها من الخارج بنسب كبيرة، على سبيل المثال في قطاع الغزل والنسيج نجد أن أغلب مكونات الخيوط والغزول والمكن وخطوط الإنتاج نستورده من الخارج ليس لدينا مصانع غزول صوف أو مخلوط لصناعة البدل و100% من غزول الدرجة الأولى تأتي إما من تركيا، أو الهند، أو إيطاليا، أو فيتنام، أو بنجلاديش؛ بالرغم من هذا لدينا قطن طويل التيلة لكن الطلب عليه قليل، وإن كنا متميزين في صناعة الغزول والأقمشة القطنية، نفس الأمر في القطاع الدوائي فالمواد الخام وحتى مواد التعبئة والتغليف نستوردها بالدولار.

أما عن التصرف الأمثل من وجهة نظر الرئيس السابق لشعبة المستوردين فيرى أن المشاركة مع مستثمرين أجانب معروفين وذوي أسماء عالمية ونعطيهم تسهيلات ونوفر الأرض والتراخيص وعليهم أن يحضروا بخطوط الإنتاج والمكن وفي هذه الحالة يمكن أن تخرج صناعات تفي باحتياجات السوق المحلي ثم نتطلع إلى تصدير الفائض إلى الأسواق الخارجية، غير هذا فالأمر سيحتاج إلى وقت.

ولفت الدكتور محمد يونس أستاذ الاقتصاد وعميد كلية التجارة بجامعة الأزهر، إلى أن حجم الصادرات يصل قرابة 40 مليار دولار، بينما الواردات فتتراوح ما بين 75 إلى 80 مليار دولار، وبالتالي هناك فجوة ينبغي النظر إليها جيدًا وعلاجها، بعيدًا عن الاستدانة أو الاقتراض من أجل السداد أو رد الديون.

وشدد على أهمية زيادة الناتج المحلي الإجمالي، والإنتاجية الحدية للفرد، وتشجيع الصادرات، وترشيد الواردات وعلى الدولة أن تتبنى استراتيجية الإحلال محل الواردات، وهذا يعني أن المنتج المحلي لابد أن ينتج محليًا ويتفوق على نفسه في السوق المحلي ثم على نظيره في السوق العالمي، فضلاً عن تبنى استراتيجية وسياسة الاعتماد على الذات في شتى الصناعات.

أما خالد عليش عضو نقابة الصناعات الغذائية، فيرى أن سياسة تشجيع الاستثمارات الأجنبية مهمة لفتح صناعات مثيلة يمكنها المنافسة، فضلاً عن تفعيل الإجراءات التحفيزية كالشباك الواحد والرخصة الذهبية على أرض الواقع، إضافة إلى تقديم امتيازات لصناعات أجنبية مثل ماركات عجل السيارات إسوة بما حدث من جذب بعض ماركات الأجهزة في شاشات التلفاز كما حدث في محافظة بني سويف، إضافة محطات الكهرباء الألمانية العملاقة -سيمنز- وعمل معارض دائمة للصناعات المحلية بشتى المحافظات مع تقديم محفزات تعليمية لطلاب المراحل المتقدمة من التعليم الفني بما يتلاءم مع حاجة المصانع في المناطق الصناعية المختلفة.

وأكد الدكتور أحمد عاطف، أستاذ بقسم الحيوان الزراعي بكلية الزراعة جامعة الأزهر، على أهمية الاستفادة من القيم المضافة للإنتاج الحيواني وثروته التي تقدر بمليارات الدولارات، وضرب مثالا بجلود المواشي التي تتمتع بالشحوم والدهون الطبيعية والتي يتم استخراجها خلال مراحل الدباغة بكميات وفيرة، والتي تستخدم في صناعة العديد من المستحضرات الطبية والتجميل، والتي يمكن إتقان صناعتها ورفع معدلات الاستفادة الحيوية منها ثم تصديرها إلى الخارج بعوائد مرتفعة.