حفل التخرج

د شيماء عبدالرحيم

  • 55

أنا الآن أقف في حفل تخرج ابني الحبيب، أقف وأشعر أن قلبي لا يتسع لكل هذه الفرحة، وددت لو أن كل أم ذاقت هذه اللذة واحتفلت بإنجازها هي قبل أن يكون إنجازًا لابنها.

أكثر من سبعةَ عشرَ عامًا أنادي في الصباح الباكر "هيا يا عزيزي قد قرب وقت المدرسة"، ونأخذ باقي اليوم بين دروس وشرح ومتابعة واحتواء وكثير من الصبر، جزء طويل من عمري قد بذلته من أجل هذه اللحظة التي أقف فيها الآن.. انظر إلى صغيري الذي أضحى رجلًا، وهذه لحظة لا تقدر بمال لو تعلمون.

أيا كل أم تتعب في كل يوم دراسي جديد وما يحمله من جهد ومشقة.. اصبري.. وادعي اللهَ دومًا أن يبارك ذريتك ويسددهم ويعلمهم كما علّم سليمان –عليه السلام- ويفقههم في دينه ويشرح صدورهم لتقبل الحق وينير عقولهم لفهم العلم فينيروا به الدنيا ويعلو شأن المسلمين.

اصبري لأن كل لحظة جهد تبذلينها يجازيك الله عليها حسناتٍ وحسناتٍ.. ألم تسمعي قول نبي الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حَزَن وَلاَ أَذًى وَلاَ غمٍّ، حتَّى الشَّوْكَةُ يُشَاكُها إِلاَّ كفَّر اللَّه بهَا مِنْ خطَايَاه"؟

اصبري لأن فرحة ختام الطريق لا تعادلها فرحة، لأن رؤية ابنك يقف أمامك بـ "روب التخرج" ينادون على اسمه كي يُكرّم تثلج الصدر، وتمسح عن جبينك أثر تعب السنين.