عاجل

"مكارثي " يرأس مجلس النواب الأمريكي

خبراء: المشهد الداخلي الأمريكي مضطرب.. وسياسات واشنطن تجاه العرب تحكمها وجهة النظر الصهيونية

  • 30
الفتح - السفير جمال بيومي


انتُخب كيفين مكارثي رئيسًا لمجلس النواب الأمريكي منذ بضعة أيام بعد صراع انتخابي استمر 15 جولة كاملة، في صورة أشبه ما تكون بمشهد هزلي لم يتكرر منذ قرن تقريبًا؛ ما عكس مدى الانقسام داخل البرلمان الأمريكي حتى بين الحزب الجمهوري نفسه؛ فقد عارضت الكتلة اليمينية المؤيدة للرئيس السابق دونالد ترامب فوز مكارثي حتى آخر لحظات بعد حصول توافقات معها.

ومن المتوقع بعد هذا المشهد المتأزم مع الكتلة المؤيدة لترامب ودورها في إنجاح مكارثي أيضًا، أن يواجه الأخير بعض الصعوبات في تمرير القرارات مثل تجنب إغلاق الحكومة، أو رفع سقف الديون، أو تقديم دعم إضافي لأوكرانيا؛ هذا المنصب مهم للداخل والخارج فمن صلاحيات رئيس مجلس النواب الأمريكي تعيين رؤساء اللجان المختلفة التي تتولى إقرار أمور داخل الولايات المتحدة الأمريكية وللعالم كله؛ بحكم أنها أقوى دولة اقتصاديًا وعسكريًا حتى الآن وتتحكم في الكثير من مجريات الأمور.

في هذا الصدد، قال السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق للشؤون الأوروبية، إن هناك انقسامًا أمريكيًا حتى داخل الحزب الواحد؛ فلو انتخب كل الجمهوريين مرشحًا واحدًا لنجح بأغلبية ومن المرة الأولى، لكن ما حدث عكس ذلك تمامًا.

وأضاف بيومي لـ "الفتح" أن مكارثي أمامه صعوبات فلم يحصل على أغلبية كبيرة بحيث تمكنه من التحرك بحرية داخل المجلس؛ لكن الأيام أمامه ليثبت نفسه فيها. وبخصوص القضايا العربية فسياسة أمريكا الخارجية تتحكم فيها مؤسسات أربع معظمهم يخضع للوبي الصهيوني؛ وهي: (الكونجرس، والرئاسة، والخارجية، والبنتاجون)، وفي غالب قراراتها تميل للكفة الإسرائيلية الصهيونية.

أما الدكتور أحمد مصطفى الباحث السياسي ورئيس مركز آسيا للدراسات السياسية والاقتصادية، فيرى أن المشهد الأمريكي مضطرب ويميل إلى المحافظين الأكثر تشددًا؛ وبِناءً على ذلك وُجه الاهتمام إلى اختيار كيفين مكارثي رغم الاعتراض عليه من قبل العديد من النواب الجمهوريين داخل البرلمان لا سيما المناصرين للرئيس السابق ترامب؛ ففي عام 2017م أثناء التحقيق في مسألة التدخل الروسي في انتخابات الرئاسة الأمريكية اتهم مكارثي ترامب بحصوله على دعم مادي روسي لكي يفوز بها، ثم تراجع عن اتهامه بعد ذلك؛ وهذا أدى للشك وتوتر العلاقة بينه وبين ترامب ومناصريه.

وأضاف مصطفى لـ "الفتح"  أن فشل الكونجرس في اختيار رئيس له على مدار عدة جولات يرجع إلى تضارب الأصوات؛ فداخل الحزب الجمهوري نفسه كان هناك معارضون لانتخاب مكارثي بسبب بعض مواقفه المتضاربة خاصة فيما يتعلق بترامب، إضافة إلى الديمقراطيين الذين لا يرغبون في انتخاب كيفين مكارثي نتيجة لمواقفه المتعارضة معهم فهو جمهوري متعصب، وقد عارض قوانين حماية البيئة والتغير المناخي ومسائل الانبعاثات الحرارية، ونقموا عليه كذلك في معارضته قانون زواج الشواذ، علاوة على رؤيته أنه من حق رجال الأعمال مواصلة الاستثمار وتنمية الاقتصاد داخل البلاد، وهذه الأمور ليست من أولويات الطرح الديمقراطي. 

وأردف أن مكارثي أمامه عامان ليثبت فيهما جدارته، خصوصًا أنه بعد مرور هذين العامين ستُجرى انتخابات الرئاسة؛ وبِناءً عليه فمن مصلحة ترامب الآن إصلاح الوضع مع مكارثي كي يضمن ولاء مناصريه وأصواتهم في الانتخابات الرئاسية المقبلة. 

وتابع أنه بطبيعة الحال فسيكون هناك هجوم من الديمقراطيين على مكارثي، وفيما يخص ملفات الهجرة والمسلمين فله بعض المواقف غير الحميدة تجاههم، مثلما حدث مع العضوتين المسلمتين بالكونجرس، وكذلك العضوة إلهان عمر وهي من أصل صومالي؛ فهو لا يريد رؤية مثل هؤلاء داخل الكونجرس، بالإضافة إلى موقفه ضد الصين واتهامه إياها بنشر وباء "كورونا"، وتأييده الحرب التجارية معها وفرض عقوبات اقتصادية عليها. لكنَّ له موقفًا إيجابيًّا وهو أنه لم يعط أولوية لتمويل الحرب في أوكرانيا حاليًّا بسبب رؤيته أن اقتصاد بلاده لا بد أن يعود قويًّا.

 وبخصوص سياسة أمريكا تجاه القضايا العربية، قال إن مكارثي جمهوري متعصب ويتبنى وجهة النظر الإسرائيلية الصهيونية دائمًا، مثل بناء المستوطنات وضم أجزاء أخرى جديدة من الضفة الغربية وغزة والقدس خاصةً الأماكن التي يوجد فيها العرب والمسلمون؛ وكذلك له مواقف غير مشجعة مع العالم الإسلامي؛ فنحن أمام عضو متطرف من المحافظين الجدد، وعلى العموم فإن السياسة الأمريكية سواء الديمقراطية أو الجمهورية ليست على ما يرام مع العالمين العربي والإسلامي، ويجب على العرب والمسلمين أخذ الحيطة والحذر، ولن ينفعنا إلا التوحد في قضايانا وإيجاد حلول لها من داخلنا دون انتظار الحلول الخارجية.