لا تضيع هذه الرحمة

آية الشهاوي

  • 74

هل هناك شيء ثمين نحصل عليه دون جهد؟! وإن حدث كأن يكون إرثًا أو هدية أو غيره، فالمحافظة عليه وزيادته تحتاج منَّا إلى خِطط وجهد عظيمين، قد يمن الله عليك بالهداية لخير في قلبك دون سعي منك، فتهتدي بآية أو ابتلاء أو موقف يحدث معك، فيدخل معه نور الإيمان قلبك ويتجدد فيه بعد أن هوى في ظلمات الفتن والشهوات.

فمنا من يحافظ على ذلك ويثبت عليه برحمة الله وتوفيقه.. ومنا من لم يُقدِّر هذه النعمة العظيمة التي هباه اللهُ إياها وهي نعمة الهداية، فقد اختارك الله من بين مليارات البشر ليهديك إليه، لتتلو كلامه وتتدبره، لتتفكر في خلقه، وتسمع عنه وتحبه؛ اصطفاك لتتذوق جمال جنة الدنيا إلى أن تصل لجنة الآخرة.

فكيف تضيع هذه الرحمة؟! قد لا تأتي مرة أخرى.

الجأ إلى الله بالدعاء أن يثبت قلبك على دينه واعلم أنه لم تثبت إلا برحمة الله، ولكن لكي تجتبيك هذه الرحمة لابد أن يرى الله في قلبك صدق العزيمة، أن يرى سعيك ومجاهدتك في ذلك، واليوم نحن بحاجة إلى جهد أكبر للثبات؛ لفساد الزمان، وكثرة أصناف الشهوات والشبهات التي بسببها أضحى الدين غريبًا، فأصبح المتمسك به والقابض عليه كالقابض على الجمر.

وقد بيَّن الله لنا في كتابه وعلى لسان نبيه وفي سيرته ﷺ وسائل كثيرة للثبات، أولها الدعاء فكان ﷺ يكثر من قول (اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)، ومنها القرآن، فهو حبل الله المتين، من تمسك به هدى وثبت على الصراط المستقيم.

ومن وسائل الثبات التزام شرع الله والعمل الصالح، قال تعالى: (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً)، فلابد من القيام والعمل وإلا فهل نتوقع ثباتًا من الكسالى القاعدين عن الأعمال الصالحة.. وغيرها من وسائل الثبات كالعلم عن الله وذِكره والدعوة إليه والصحبة الصالحة.