من الكبائر العظام.. داعية إسلامي: الرشوة لها أثر في إفساد حياة الناس وصاحبها متوعد باللعن يوم القيامة

  • 49
الفتح - الشيخ سعيد محمود، الداعية الإسلامي

قال الشيخ سعيد محمود، الداعية الإسلامي: إن الرشوة من الكبائر العظام، والمنكرات الجسام؛ لما لها من أثر عظيم في إفساد حياة الناس، وقد جاء النص على كونها من الكبائر: فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ‌الرَّاشِيَ ‌وَالمُرْتَشِيَ"(1) (رواه الترمذي، وصححه الألباني).

وأضاف "محمود" -في مقال له نشر في جريدة الفتح-: جاء الإسلام بعقيدة وشريعة تدل على أن الأرزاق مقدَّرة، وأن على الإنسان أن يسعى في الأسباب المشروعة للكسب الحلال: قال تعالى-: (نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ) (الزخرف:32).

وتابع: لقد حرم الإسلام هدايا العمال، واعتبرها من الرشوة المقنعة؛ فكيف بالرشوة الفاجرة الصريحة؟! عن أبي حميد الساعدي قال: اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلًا مِنَ الْأَسْدِ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ، عَلَى الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: هَذَا لَكُمْ وَهَذَا لِي، أُهْدِيَ لِي، قَالَ: فَقَامَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: (مَا بَالُ عَامِلٍ أَبْعَثُهُ فَيَقُولُ: هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي، أَفَلَا قَعَدَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ فِي بَيْتِ أُمِّهِ حَتَّى يَنْظُرَ أَيُهْدَى إِلَيْهِ أَمْ لَا، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَنَالُ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْهَا شَيْئًا، إِلَّا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ: بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ، ‌أَوْ ‌بَقَرَةٌ ‌لَهَا ‌خُوَارٌ، أَوْ شَاةٌ تَيْعَرُ. ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَتَيْ إِبْطَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ) مَرَّتَيْنِ. (متفق عليه).

وأشار إلى أنه قد شاعت الرشوة الصريحة في هذا الزمان، وسمَّاها الناس بأسماء تروجها: (إكرامية - هدية - حلاوة - أتعاب -...)، وتنافسوا في طرقها ووسائلها دون مبالاة بآثارها وعواقبها! قال -تعالى-: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا . الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) (الكهف: 103- 104)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَيَأْتِيَنَّ علَى النَّاسِ زَمانٌ، لا يُبالِي المَرْءُ بما أخَذَ المالَ، أمِنْ حَلالٍ أمْ مِن حَرامٍ) (رواه البخاري). مشيرا إلى بعض الآثار السيئة لشيوع الرشوة على بعض الجوانب: (المشروعات الإنتاجية الفاسدة - تهريب المخدرات والسلاح وتهديد أمن البلاد - دخول الأدوية والأغذية الفاسدة - تهميش الكفاءات وصعود الراشين - شيوع الحقد والكراهية بسب الظلم الناتج عن الرشوة -....).

وبين الداعية الإسلامي عاقبة المتعاملين بالرشوة في الدنيا والآخرة، ففي الدنيا:

1- المتعامل بالرشوة ملعون، بعيد عن رحمة الله(4): عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ‌الرَّاشِيَ ‌وَالمُرْتَشِيَ فِي ‌الحُكْمِ" (رواه الترمذي، وصححه الألباني).

2- المتعامل بالرشوة ممحوق بركة المال والحال، كما هو حال كل آكل للحرام: قال -تعالى-: (‌يَمْحَقُ ‌اللَّهُ ‌الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ) (البقرة: 276)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الْحَلِفُ مَنْفَقَةٌ لِلسِّلْعَةِ، مَمْحَقَةٌ لِلْبَرَكَةِ) (متفق عليه).

3- المتعامل بالرشوة مقطوع الصلة بربه؛ لأنه محروم من استجابة دعائه: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أَيُّها النَّاسُ، إنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا) ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعَثَ أغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ: يا رَبِّ، يا رَبِّ، ومَطْعَمُهُ حَرامٌ، ومَشْرَبُهُ حَرامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرامٌ، وغُذِيَ بالحَرامِ، فأنَّى يُسْتَجابُ لذلكَ؟! (رواه مسلم).

وعقوبتهم في الآخرة:

1- المتعامل بالرشوة ملعون، بعيد عن رحمة الله في الدنيا؛ فكيف بحاله في الآخرة؟! قال -تعالى-: (وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرً) (النساء: 52).

2- المتعامل بالرشوة مفضوح يوم القيامة بكل رشوة أخذها: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: (وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَنَالُ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْهَا شَيْئًا، إِلَّا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ: بَعِيرٌ لَهُ ‌رُغَاءٌ، ‌أَوْ ‌بَقَرَةٌ ‌لَهَا ‌خُوَارٌ، أَوْ شَاةٌ تَيْعَرُ) (متفق عليه).

3- المتعامل بالرشوة مستحق لعذاب جهنم: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا يدخُلُ الجنَّةَ لَحمٌ نبَت مِن سُحْتٍ وكلُّ لَحمٍ نبَت مِن سُحتٍ فالنَّارُ أَوْلَى بِهِ) (رواه الترمذي وابن حبان، وصححه الألباني).

وأوضح أن الأرزاق قد كتبت وقسمت، وأنك لن تأخذ إلا ما قسمه الله لك؛ فاحرص على أخذه بالحلال، وارضَ بما قسم الله لك: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اتَّقوا اللهَ، وأجمِلُوا في الطَّلَبِ، ولا يَحمِلَنَّ أحدَكم استبطاءُ الرِّزقِ أن يطلُبَه بمَعصيةِ اللهِ، فإنَّ اللهَ -تعالى- لا يُنالُ ما عندَه إلَّا بِطاعَتِهِ) (رواه ابن ماجه والحاكم، وصححه الألباني)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاس) (رواه أحمد والترمذي، وحسنه الألباني).