باحث في الأقليات يكشف لـ"الفتح" حقيقة الصراع الحالي في ميانمار وتأثيراته في المنطقة وعلاقة الصين به

المشكلة الحقيقة الآن أن قضية ميانمار لم تعد في الواجهة مثلما كانت سابقًا

  • 58
الفتح د. محمد صفر الباحث في شؤون الأقليات المسلمة

قال الدكتور محمد صفر، أستاذ مقارنة الأديان والباحث في قضايا الحركات الإسلامية، ومدير مركز "دراسات الأقليات المسلمة": إن إعلان الجيش الصيني بدء تدريبات عسكرية يأتي في إطار حالة الحرب التي شنها جيش التحرير الوطني المشترك مع مجموعة من العرقيات ضد الجيش العسكري الحاكم، وهذا يؤثر بدوره على الأوضاع عامة في النقطة الحدودية بين الصين وميانمار، وخاصة على المشروع الصيني؛ فالصين كانت تعتمد عليه كأحد روافد أو خطوط طريق الحزام والحرير. 

وأضاف "صفر" -في تصريح خاص لـ"الفتح"-:  الهجمات التي طالت قافلة شاحنات تحمل بضائع إلى الدولة المجاورة الواقعة في جنوب شرقي آسيا مؤخرًا يمكن قراءتها في أيضًا إطار الحرب الباردة بين الصين وأمريكا باعتبارها جبهة مشتعلة في تلك المنطقة بولاية شان، والصين متضررة أكثر من تلك الحرب الباردة، وأمريكا قد تدعم تلك الجماعات بشكل أو بآخر وفق مصالحها. لافتًا إلى أن جيش أراكان من ضمن تلك الجيوش المشتركة، لكن هذه المعارك لا تدور في ولاية أراكان، بل تدور في النقطة الحدودية ما بين الصين وميانمار، وهي منطقة مهمة جدًّا للمشروع الصيني؛ لذلك تتضرر بكين بشدة من تلك المعارك حتى إن هناك ضحايا صينيين سقطوا من جراء تلك المعارك، والصين منزعجة بشدة لأن نيران تلك الحرب دخلت إلى القرى الصينية المتاخمة للحدود مع ميانمار.

وأشار إلى أن جيش التحرير الوطني يستهدف القوافل التجارية الصينية ويشن عليها هجمات؛ لذلك انتبه لها المجلس العسكري –وهو مجلس انقلابي ضمن حكومة الانقلاب، وهناك ضحايا وموجة هجرة كبرى من تلك المنطقة بسبب المعارك التي تحدث فيها.

وأكد أن المشكلة الحقيقة الآن أن قضية ميانمار لم تعد في الواجهة مثلما كانت سابقًا باعتبار أن المجلس العسكري أغلق البيت بالكامل، وعملية تهجير المسلمين وطرد المسلمين من أراضيهم وبالتحديد من ولاية أراكان امتدت لسنوات طوال، لكن هناك أمورًا جديدة والصراع يأخذ شكلًا آخر فبعدما كان عبارة عن أقلية مضطهدة وهم سكان أراكان المسلمون (البورميون)، صارت ذات منحًا آخر فهناك أيضًا أقليات غير مسلمة مضطهدة لا تقبل المجلس العسكري وترفض تلك السياسات الممثَّلة في الاضطهاد والتهجير والتضييق؛ وبسبب ذلك أصبح صراعًا مسلحًا وتكوَّن جيش مسلح في تلك المنطقة يقاتل المجلس العسكري ويستهدفه، وهذا ربما يكون الآن تطورًا كبيرًا في مسار ميانمار (أو بورما) أو ربما يؤثر لاحقًا في قضية الأراكانيين المسلمين.

وأردف المختص بالأقليات المسلمة أن هذه العمليات لا تمثل خطورة كبرى على المسلمين باعتبار أن جزءًا كبيرًا منهم جرى تهجيره، ذهبوا إلى بنجلاديش ودول الجوار، إضافة إلى قتل عدد كبير منهم؛ فهذه العمليات لا تعد في مناطق المسلمين بدرجة كبيرة، لكن ربما يكون لها ضررًا بصورة غير مباشرة على اعتبار أن الحكومة قد تتخذ ذلك ذريعة لارتكاب مزيد من الجرائم والانتهاكات ضد المسلمين، لكن هذه الجرائم لن تكون موجَّهة للمسلمين فقط بل ستُوجه أيضًا لكل الأقليات الأخرى التي ستشارك في تلك العمليات العسكرية.

وأكد على أن تلك الحكومة ارتكبت كل ما يمكن وصفه من جرائم الإبادة الجماعية والانتهاكات تجاه المسلمين؛ لذلك لن يكون هناك جديد ضد المسلمين؛ فالتضييق لا يزال مستمرًّا وكذلك التهجير والانتهاكات. منوها بأنه ربما ما أوصل المسلمين للمشاركة في ذلك القتال هو أنهم لم يجدوا مجالًا للتواصل مع تلك الحكومة التي ترفض حتى مجرد الاعتراف بهم رغم أنهم مواطنون أصليون حتى قبل نشأة هذه الدولة.