فرصة عظيمة لإحياء القلوب.. "برهامي" ينصح بأن تكون دروس رمضان حول القرآن وما ينبته في قلوب المؤمنين من حقائق الإيمان

  • 31
الفتح - الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية

أشار الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، إلى أن شهر رمضان فرصة عظيمة لإحياء القلوب بكتاب الله المبارك، قال الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ . أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ . شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 183-185].

وقال "برهامي" -في مقال له بعنوان "بيْن يدي رمضان (2)" نشرته جريدة الفتح-: إن شهر رمضان "شهر القرآن" كما هو شهر القيام وشهر الصيام، قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ" [متفق عليه]، وقال: "مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ" [متفق عليه]، مضيفًا: (إِيمَانًا): أي تصديقا بما وَعَد الله -عَزَّ وَجَلَّ- مِن الثواب على لسان رسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، (وَاحْتِسَابًا): أي إخلاصًا وإرادة لوجه الله -عَزَّ وَجَلَّ- وثوابه وفضله -سبحانه وتعالى-.

وتابع: فشهر رمضان شهر مغفرة وشهر توبة، وشهر تدبر ومدارسة للقرآن؛ ناصحًا بأن تكون دروس العلم في رمضان حول القرآن وحول ما ينبته في قلوب المؤمنين مِن حقائق الإيمان: مِن حب الله -سبحانه وتعالى- ورجائه والرغبة فيما عنده، والخوف منه -عَزَّ وَجَلَّ- دون الخوف ممَن سواه، وكمال التوكل عليه، وشهود تدبيره أمر عباده، والافتقار التام إليه -سبحانه وتعالى- في حاجات الإنسان الدينية والأخروية والدنيوية، مشيرًا إلى أن الافتقار إلى الله -تعالى- مِن أعظم أسباب غنى الإنسان، وكذلك في شكر نعمة الله -سبحانه وتعالى- والصبر على بلائه، وشهود فضله -عَزَّ وَجَلَّ- في العطاء والمنع، فالله -عَزَّ وَجَلَّ- إذا أعطى عبده المؤمن فقد أكرمه، وإذا مَنَعه أيضًا فقد أكرمه؛ فهو إنما يقيه شر الفتن في هذه الدنيا بما يحرمه أحيانًا؛ فحرمانه عين العطاء، ومنعه -سبحانه وتعالى- هو الجود، والمؤمن يرى ذلك بفضل الله -عَزَّ وَجَلَّ-.

واستطرد "برهامي": وحال قلب المؤمن هو الذي يشغله وهو الذي يسعى إلى إصلاحه، ولا إصلاح أفضل مِن إصلاح القرآن فهو الذي يزكي الله به النفوس، وهو الذي يفتح به أغلاق القلوب: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24]، فَمَن تدبر القرآن فتح أغلاق قلبه، تفتح أقفال قلبه ويزول ما فيها مِن الفساد، ويحل محلها الحكمة والإيمان، هذا كله بتدبّر القرآن.

ونصح قائلًا: ولتجعل لنفسك قدرًا تحافظ عليه مِن قراءة القرآن، ولا أقل مِن أن تختمه في الشهر، كما قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لعبد لله بن عمرو بن العاص -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: "وَاقْرَأْ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ". قَالَ: قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ؟، قَالَ: "فَاقْرَأْهُ فِي كُلِّ عِشْرِينَ"، قَالَ: قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: "فَاقْرَأْهُ فِي كُلِّ عَشْرٍ"، قَالَ: قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ؟، قَالَ "فَاقْرَأْهُ فِي كُلِّ سَبْعٍ وَلَا تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ؛ فَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا" [رواه مسلم]، وقال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَا يَفْقَهُ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ" [رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وصححه الألباني]، فتبيَّن بذلك أن المقصود مِن التلاوة هو التدبر فيما تدل عليه الآيات.

واستكمل نائب رئيس الدعوة السلفية: ويعينك على ذلك: قراءة التفسير، ومعرفة أسباب النزول، واستشعار الجو الذي نزلتْ فيه الآيات، والمجتمع النقي الطيب الذي تلقى هذه الآيات أول مرة بالاستجابة والقبول، واستحضار سيرة الصحابة -رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُم- مع الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، مضيفًا: والقرآن ينقلك مِن هذه الحياة المادية السخيفة التي يتصارع الناس فيها على "الجُنَيْهِ والقِرْشِ"، وعلى أنواع التفاهات، ويتعاملون بالأخلاق السيئة مِن السِّبَابِ والشتم، والغيبة والنميمة والكذب، والحقد والحسد؛ يَنْقِلُك إلى صفاء حياة الأنبياء فترى شخصياتٍ نورانية عظيمة، وذلك إذا تدبرت حياتهم ودعوتهم إلى الله، وهذا مِن أهم صفاتهم وسماتهم، متابعًا: ومِن أهم ما يدفعك إليه القرآن: "الصلاة والقيام في رمضان وفي غيره"، بل منه تأخذ قوة دافعة لباقي الشهور.