"الفتح" تكشف مخطط بني صهيون لتوصيل مياه النيل لصحراء النقب عبر صحارات أسفل قناة السويس

  • 166
صورة أرشيفية لطائرات العدو الصهيوني

سلاح الجو الصهيوني استهدف قناة جونقلي للضغط على مصر

وخبراء يؤكدون: إحياء المشروع سيجفف منابع الأمراض ويضيف مليوني فدان للرقعة الزراعية

الموساد زرع شركة "تاحال" التي كان لها الدور الأكبر في تقسيم جمهورية السودان

مصادر بوزارة الري: نقص المياه أصبح حقيقة "وجونقلي" لن تعوض مصر

سد النهضة يفقر مصر ويكلفها 47 مليار جنيه سنويا

لا يزال الصمت يلقى بظلاله الكثيفة على ملف المياه فى مصر، فالكل منشغل بالحراك السياسى بينما تعبث أمريكا وحليفها الكيان الصهيونى فى المنطقة، ونحن في مصر والمنطقة العربية وبكل أسف تركنا مصالحنا القومية وتخلينا عنها طواعية وتفرغنا للصوت العالى و"الردح" عبر الفضائيات!! بينما الشعب المصرى مازال فى حيرة من أمره.

يتساءل ما النتائج التى أسفرت عنها زيارة الدكتور أيمن أبو حديد وزير الزراعة للعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وما حقيقة سد النهضة، ولماذا خفتت الأضواء عنه فجأة؟. هل كانت حملة مسعورة لإضعاف موقف الرئيس السابق الدكتور محمد مرسى تجاه الأزمة؟ أم أنها كانت ورقة ضغط خليجية استثمرتها بعض الدول التى اختلفت مع النظام، حتى يخضع لإرادتها؟ وماذا سيحدث لو أكملت إثيوبيا مشروعها الضخم، وما التصرف الأمثل تجاه أهم القضايا حساسية؟.

هناك من يقول: إن الحلول مطروحة للنقاش أمام متخذى القرار، والبعض من الخبراء طرح إحياء مشروع قناة جونقلى، أحد أهم مشروعات الاحتلال الإنجليزى الذى وضع خططها عام 1833 قبل احتلاله للسودان.

وبدأ الرئيس الأسبق محمد أنور السادات العمل بها عام 74، لكن سرعان ما توقفت باندلاع الحرب الأهلية فى السودان عام 83، بعد أن كبدت مصر والسودان ما يقرب من 400 مليون دولار تكلفة حفر 265كم مربعا لم يبق على انتهاء المشروع سوى 100 كم مربع فقط، عندها قام سلاح الجو الصهيونى باستهداف الحفار الفرنسى ومعداته، ما أسفر عن توقف المشروع تماما حتى تاريخه.

والآن وبعد العثرات التى مرت بنا، هل آن الآوان لأن نستعيد ما بدأناه فى الماضى أم أن الظروف والمتغيرات لم تعد مجدية؟ أسئلة عديدة طرحناها بدورنا على المتخصصين فى الأمن المائى المصرى.

الضغط على مصر أكد الكتور حسام البريرى، أستاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة الأزهر وأحد المهتمين بقضية أمن مصر المائى، أن مصر تتعرض لمؤامرات دولية عديدة من قوى إقليمية مثل الكيان الصهيونى وقوى غربية مثل الضغط الأمريكى الأوربى بهدف تركيع مصر لهذه القوى.

وأضاف البريرى، أن الحلف الصهيوأمريكى كان ينتوى توصيل مجرى مائى إلى صحراء النقب عبر منخفض قناة السويس فيما يعرف بمشروع "كلينتون الجديد" ولكنه مر بعدة عقبات، منها التمدد الصينى الروسى فى القرن الأفريقى، إضافة إلى أن الخبراء فى مصر فطنوا لتلك المخططات وأبدوا ملاحظاتهم عليها، 3.7 مليون فدان.

ماكينة الحفر الفرنسية العملاقة التي دمرتها طائرات العدو الصهيوني

وتابع، أن سد الألفية الذى عاد للبناء الآن جعلنا نعيد تفكيرنا فى إحياء مشروع "قناة جونقلي" بهدف الاستفادة من الروافد المائية للمسطحات التى تزيد على مليونى فدان بدءًا من حدود نهر الكونغو المتاخم لمدينة "بور" في جنوب السودان، مرورًا بالمستنقعات والروافد المائية شمالا إلى أن تصل لنهر السوباط بطول 450 كم مربع، وسعة تخزينية لا تقل عن 90 مليون متر مكعب فى اليوم الواحد، إضافة إلى الاستفادة من مواسم الأمطار والفيضانات التى تأتى على النيل الأبيض وبحر الغزال وكذلك فوائض بحر الجبل لتتجمع معا فى قناة واحدة سيصل عائدها فى النهاية لما يقرب من 15 مليار متر مكعب إذا ما أحسنت التدابير والمقترحات.

وأكد بريرى، أن مثل هذه الكمية من المياه قادرة على رى 3.7 مليون فدان على أقل تقدير. وأشار إلى أن هذا الأمر سيؤدى فى النهاية لإيجاد حلول مؤكدة للتخلص من ندرة المياه التى تتعرض لها مناطق الشمال. بدوره طالب الدكتور مغاورى شحاتة، أستاذ المياه الجوفية ورئيس الجمعية العربية للمياه ورئيس جامعة المنوفية الأسبق، بضرورة إحياء هذا المشروع العملاق الذى انتهى قرابة 70% منه الذى توقف بإعلان الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب. وأكد خبير المياه العالمى أن إحياء قناة "جونقلى" سيوفر لمصر والسودان ما يقرب من 12 مليار متر مكعب كمرحلة أولى، نصيب مصرمنها 4 مليارات متر مكعب، مؤكدا أن نصيب مصر سيتضاعف فى المرحلة الثانية.


أطماع الصهاينة وتخوف شحاتة من أطماع الكيان الصهيونى والاعتبارات الدولية الأخرى التى ستقف حجر عثرة أمام تنفيذ مثل هذا المشروع بوسائلها المختلفة، مثل تأليب قبائل "جونقلي" الذين قد يرسخ لديهم أن المشروع سيقضى على المساحات الشاسعة ويغمرها بالمياه ومن ثم سيتضرر أبناء هذه القبائل وسيقف الرعى وهذا ليس حقيقة بل مخالف للواقع.

وأعرب خبير المياه العالمى عن أمانيه بإعادة قناة جونقلى مؤكدا أنها ستكون بمثابة همزة الوصل بين مصر والسودان.


إيجابيات المشروع

ولفت شحاتة إلى أن الإيجابيات عديدة لا تعد ولا تحصى، من بينها تجفيف المستنقعات والفوائض المالية وتقليل الفقد الجائر فى مسطحات السدود فى بحر الغزال ونهر السوباط، إضافة إلى أن التجفيف للمسطحات سيقضى على الديدان الكبدية وعائلات البعوض والناموس "أنوفيلكس" التى ضربت قارة أفريقيا ونشرت في ربوعها مرض الملاريا.

مليونا فدان جديدان

وأوضح الدكتور نبيل الحفناوى، العميد السابق لمعهد البحوث والدراسات البيئية جامعة مدينة السادات، أن الحلول القديمة هى الحلول المستديمة وبدونها يصبح التقليل واردا بشأن الموارد المائية، مضيفا أن المياه أحد العناصر المهمة التى بدونها لا تستمر الحياة، فالغذاء والعدد السكانى خطان متوازيان.

وأكد الحفناوى أن المشروع يخضع قبل التنفيذ لسلسلة من العوامل أبرزها الدراسات الميدانية والبيئية قبل رفع المشروع على الطبيعة.

وكشف الحفناوى عن أن مشروعا بهذه الضخامة سيحمي أفريقيا من سلاسل الأمراض الفيروسية والبكتيرية وكذلك ناقلات الأمراض المعوية من العناكب والبعوض والديدان، وبالتالى سترتفع الحالة الصحية داخل القارة، مما سينعكس على الحالة الاقتصادية.

وتابع الحفناوى: إن ردم المستنقعات والفواقد المائية وتحويلها إلى مجرى القناة سيضيف أرضا جديدة لا تقل عن مليونى فدان جديدين من أجود الأراضى فى العالم، مشيرا إلى أن البيئة فى قارة أفريقيا تسمح بذلك، وعلينا ألا نلتفت إلى الدعوات التى تدعي الحفاظ على حقوق البيئة والمناخ، لافتا إلى أن مناطق شمال الولايات المتحدة الأمريكية كانت مليئة بالمستقعات، بل كانت هناك ولايات مثل أوهايو وكاليفورنيا وغيرهما تم ردمها وزراعتها وتحويلها إلى الحيز العمرانى والزراعى منذ ثلاثمائة عام ولم يحدث تغير فى المناخ البيئى.

محاور جديدة

من جانبه، يقول الدكتور حسن كريم أستاذ الأراضى والمياه بجامعة الأزهر، إن مصر أصبحت فى موضع حرج للغاية بعد استكمال سد الألفية، الذى يقابله الصمت المتعمد من المسئولين.

وأكد كريم، أن قناة جونقلى قد تكون الحل الأمثل فى هذا التوقيت خاصة أن صراعات المياه كشرت عن أنيابها داخل القارة.

وتابع أنه ينبغى على القيادة السياسية أن تعى أن الصراعات الإقليمية التى ستحدث داخل القارة ستكون المياه هى العامل الأساس فيها بعد التدخل الإسرائيلى فى المنطقة. وشدد كريم على ضرورة الأخذ بآراء المتخصصين فى هذا الأمر والعمل على تنمية المحور لضفاف القناة بإقامة طرق جديدة وسكك حديدية وتجمعات زراعية وصناعية.

المشروع الصهيو - أمريكى

فى سياق متصل، طالب الدكتور ضياء الدين القوصي، خبير المياه العالمى، بأن تعيد مصر قراءتها للملف الأمنى للمياه، وقال إن مصر ستتكلف ما يقرب من 47 مليار جنيه لتحلية مياه البحر لتعويض العجز المحتمل حدوثه عن سد النهضة.

وطالب بمحاسبة جميع المقصرين فى الملف المائى المصرى، خاصة من تولوا أمر الملف المائى فى العشرين عاما الماضية. وتساءل عمن يتحدثون اليوم؛ أين كانوا وقت أن قامت إثيوبيا ببناء سد الألفية الجديد؛ لماذا يتوارون عن الساحة الآن؟!.

وأشار القوصي، إلى أن مصر فقدت سيطرتها ونفوذها فى القارة الأفريقية، مؤكدا أنها لا تملك الا إصدار التوصيات التشغيلية لسد النهضة فقط، أما من يملك الأخذ بها وتنفيذها فهم الأثيوبيون أنفسهم.

وقال يخطئ من يظن أن جنوب السودان وقبائل جونقلى والتواجد الصهيونى فى جوبا سيسمح لمصر وشمال السودان بإحياء قناة جونقلى، مضيفا أنهم يريدون خنق مصر وتعطيشها حتى تستسلم للمخطط الصهيونى فى صحراء النقب.

وحذر القوصى جميع المصريين، وقال إننا أمام كارثة محققة باعتراف خبراء معنيين فى هذا الشأن، فلم يعد هناك مجال للشك دون ذلك، خاصة أن إثيوبيا استأنفت البناء، والمسئولون لدينا لا حس لهم ولا خبر؛ لا ندرى ما السبب! وكشف القوصى عن أن خطورة سد النهضة على مصر كارثية للغاية ولا نمك الآن سوى تأخير سنوات تخزين المياه للتقليل من آثاره السلبية على دولتي المصب. مشيرا إلى أن بحيرة السد العالى ستعانى من انخفاض المياه فيها وبالتالى ستنخفض قدرة توربينات السد العالى على التشغيل فيقل معدل الطاقة لأكثر من 30%. إضافة إلى عجز ما يقرب من 20 مليار متر مكعب، وأكد القوصى، أن المشروعات المائية فى إثيوبيا تزايدت منها "كارادوبي"، و"بيكوأبو"، و"مندايا"، وأن السعة الإجمالية تزيد على 150 مليار متر مكعب، بما يقترب من ثلاثة أضعاف النيل الأزرق، ما يساعد على التوسع زراعيا في نحو مليون فدان آخر.

تدابير مطروحة

من جانبها، أكدت الدكتورة مديحة مصطفى، رئيس قطاع المياه الجوفية بوزارة الرى، أن قناة جونقلى لن تعوض مصر عن خسارتها جراء سد النهضة.

وقالت، بالفعل مصر تواجه صعوبات كبيرة بسبب هذا السد، منها تأثيره الضار على معدلات المياه الجوفية فى الدلتا والخزان الجوفى فى الصحراء وستزيد معدلات الملوحة فى التربة، الأمر الذى سيؤدى فى النهاية إلى تآكل فوهات الترع والمواسير وستحدث انفجارات متعددة داخل المواسير، نتيجة ارتفاع الملوحة.

وقالت: نحن الآن نتحرك لتقليل حجم الضرر وليس لمعالجة الضرر لأنه واقع بالفعل لا محالة. وطرحت رئيس قطاع المياه الجوفية بوزارة الرى بعض الحلول المتفق عليها التى طالبت بتنفيذها. والتى من بينها إطالة أمد السنوات التى تملأها بحيرة سد النهضة بحيث يتم ملؤها على عدد كبير من السنوات حتى لا نتأثر بالنقص الحاد فى بحيرة السد العالى.

وقالت إن وزارة الرى بالتعاون مع الوزارات الأخرى المعنية طالبت بتحديث طرق الرى فى الصحارى والدلتا، إضافة إلى تركيب التنوع المحصولى فى الزراعات التقليدية والحد من الزراعات الشرهة والمحبة للماء.

وكشفت مصطفى عن أن من يطالبون بنقل المياه من أماكن تواجدها فى مواسير ثبت بالدليل أن هذه الطرق لها مشاكلها، فنهر النيل العظيم فى ليبيا تكلفته الاقتصادية مرتفعة للغاية.

الشق الأمنى

بدوره، يقول العقيد وليد عفيفى، عضو مجلس الشعب السابق عن حزب "النور" والخبير الاستراتيجى، إن الوضع الأمنى لقناة "جونقلى" يعود لما قبل الاحتلال البريطانى للسودان، حيث تم التخطيط لأول مرة لردم وتجفيف البرك والمستنقعات والفوائض المائية عام 1883 ولكن لأسباب سياسية فى القرن الأفريقى تم تأجيل شق القناة، حتى جاء الرئيس الراحل محمد أنور السادات وبدأ فى تنفيذ القناة عام 1974 بعد حرب العاشر من رمضان الموافق 6 أكتوبر 1973.

وبدأت الفكرة بتنفيذ الشق المائي بطول 36 ألف كم مربع لتربط بين مدينتي بور في الشمال وملكال في الجنوب من خلال تجفيف منابع النيل وتقليل نسب المسطحا ت المائية .

وكان المشروع يهدف إلى التكامل المصري السوداني للنمو الغذائي وذلك بعد التصريحات المستفزة للكيان الصهيوني المطالبة بضرورة توصيل مياه النيل لصحراء النقب عبر صحارات أسفل قناة السويس .

واضعين في في اعتباراتهم "كامب ديفيد" التي وقعها معهم الرئيس الراحل أنور السادات، .

وتابع عفيفي، إن إسرائيل كانت تخطط من خلال شركة "تاحال" المخابراتية لأن تخترق الدول الإفريقية للضغط على مصر وقد نجحت محاولاتها فيما بعد وأثمرتعن الانفصال المؤسف بين الشمال والجنوب.

وكشف الخبير الأمني عن مخطط كتبه أحد ضباط الموسادويدعى لموشيه فرجي، صادر عن مركز أبحاث الشرق الأوسط وأفريقيا بعنوان"إسرائيل وحركة تحرير السودان" ويخلص الكاتب عن المشروع عن ضرورة الضغط على مصر من النحية الامن والغذاء والمياه.

ولكن على ما يبدوا أن الرئيس السادات كان يخطط فنجاز المشروع بجدية فأخذ على عاتقه عزل الكيان الصهيوني واستبعاد الخبراء الأمريكان من دراسات الجدوى والتنفيذ .

حيث أسند المشروع إلى شركة فرنسية للبدء في التنفيذ وما أن اقتربت الشركة من نهايته إلا وقد جن جنون الكيان الصهيونيفقام بطلعات جوية استباقية أسفرت عن تدمير الحفار العملاق وصنع حفر رملية لتدمير المشروع عن بكرة أبيه، ولم يكتفوا بذلك بل قاموا بنشر الفوضى بين الشمال والجنوب حتى انفصلت جنوب السودان لتكون دولة مستقلة بفعل فاعل.

وكشف عفيفي، أن التواجد الصهيوني توسع بقوة داخل القرن الإفريقي، منذ أن عرض تيودر هيرتزل توطين اليهود في سيناء واستغلال مياه الآبار الجوفيةإلا أن الاحتالال البريطاني رفض هذه الفكرة .

فاتجهت الأطماع الصهيونية إلى الأردن ونهر اليرموك المشترك المتاخم للحدود السوريةالأردنية وشفط الخزانات الجوفية بمرسوم دولي لتغذية المناطق المحتلة!!

فهل نفيق من غفلتنا ونعلم أن الحروب القادمة ستكون على المياه أم أن الفن والرياضة والاقتتال على الكراسييبقى سيد الموقف في مصر والعالم العربي .

أفيقوا يا ساده إنها معركة الحياه