أ_ نا _ أ_ س_ت_ط_ي_ع_ أ_ن_ أ_خ_و_ن_ك

  • 160

كيف تفهم هذا العنوان؟ آه، كل طفل في المدرسة يعرف الإجابة " تتهجى الكلمة" نعم، ولكن ماذا نعني بذلك تحديداً؟ فهناك ألف ونون وألف. وتلك تكون " أنا " وهناك ألف وسين وتاء وياء وعين والتي تتهجى " أستطيع " وهكذا الكلمة الأخيرة " أخونك" لأنها كلمة المرحلة، والتي لا يأخذ أحد وقتاً في تهجيتها ناهيك عن النطق بها، فبالستة والعشرين حرفا يمكن أن تكتب ما تشاء، وقت ما تشاء، فيمن تشاء، نعم أي لغة أليس ذلك مذهلاً؟! فقط بستة والعشرين رمزا بسيطا، تستطيع أن تكتب ما تريد حكيماً أم ساذجاً، خيراً أم شراً، صادقاً أم كاذباً، دارياً بالواقع أم غافلاً عنه، فالكل الآن إلا من رحمه ربي يلفظ ببعض هذه الحروف دون وعي وإدراك بما يقول، فالكل يستطيع الآن أن يُخون من لا يوافقه رأيه أو هواه، أو حتى من يختلف معك في مسائل يسع فيها الخلاف حتى لو كان أخيك.
فهل يستطيع أحد الآن أن يستعمل هذا الحروف في شيء خلاف هذا؟! فالأمر لم يكن بهذه السهولة للمصريين القدماء، بحروفهم الهيروغليفية أو الشعوب التي استخدمت الكتابة المسمارية، أو حتى في عصر انتشار الإسلام مروراً بفتنة مقتل سيدنا عثمان وهي أولى الفتن التي وقعت في الدولة الإسلامية، وتعرف كذلك بـالفتنة الأولى، وهي بداية لأحداث جسيمة عُرفت في التاريخ الإسلامي بـالفتنة الكبرى، أدت إلى مقتل الخليفة عثمان بن عفان في سنة 35 هـ، ناهيك عما حدث بعد مقتل الخليفة واختلاف الأراء حول ماذا يفعل سيدنا علي بن أبي طالب في تنفيذ القصاص، فكان رأيه تأجيل تنفيذ القصاص حتى تستقر الأمور في المدينة، ولكن كان هناك مجموعتان يرون رأيًا مخالفًا له، هل سمعنا وقتها من يخون أحد منهم للأخر بسبب اختلاف في الرأي والاجتهاد وكان وقتها قتل الخليفة وليس أٌسر؟! فهل وصل بنا الحال وبالأمة الآن أن ننقل بحروفنا وبأيدينا التخوين والتاريخ السيئ للأجيال القادمة، تخيل كيف يكون الوضع الآن بلا جرائد، أو بريد، أو شبكات تواصل مجتمعي، أو وسائل الاتصال المتعددة الآن؟! لكان أغلب الناس يجهلون ما يدور، حتى في المناطق التي تبعد مسافة أيام قلائل عن حيث يقيمون، فهل في ظل هذا التقدم التكنولوجي، واتساع وتقدم وسائل الاتصال والمعرفة، وسرعة النقل المباشر من كل مكان على وجه الأرض هل استخدمنا نحن هذه الوسائل بالشكل اللائق لها؟! أم أخذ بعضنا يستعملها ليلاً ونهاراً فقط في التخوين، وهدم من لا يوافق فكرك ورأيك؟!
فأعلم أ_ نا _ أ_ س_ت_ط_ي_ع_ أ_ن_ أ_خ_و_ن_ك ولكن ماذا بعد التخوين !!!