• الرئيسية
  • تقارير وتحقيقات
  • نائب رئيس هيئة المحطات النووية السابق.. في حواره مع "الفتح":اللوبي الصهيوني لعب دورا كبيرا في وقف حلم المشروع النووي المصري أعوام 1964- 74-80-83

نائب رئيس هيئة المحطات النووية السابق.. في حواره مع "الفتح":اللوبي الصهيوني لعب دورا كبيرا في وقف حلم المشروع النووي المصري أعوام 1964- 74-80-83

  • 146
نائب رئيس هيئة المحطات النووية السابق

لا يخفى على المتابع وكل ذي لب مدى أهمية امتلاك الدول للطاقة النووية في عصرنا الحاضر، والتقدير الدولي لمن يمتلكونها، ومدى ما توفره من أموال إذا استخدمت في أغراض سلمية تبني الأمم ولا تهدمها؛ لذلك كان لنا هذا الحوار مع الدكتور علي عبد النبي، نائب رئيس هيئة المحطات النووية السابق لشئون المشروعات..

وإلى نص الحوار:


• كيف دخلت مصر عصر الطاقة النووية؟

دخلت مصر عصر الطاقة النووية عام 1955حيث تم تشكيل لجنة الطاقة الذرية لأول مرة برئاسة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وفى سبتمبر عام 1956 وقعت مصر عقد المفاعل النووى البحثى الأول بقدرة 2 ميجاوات مع الاتحاد السوفييتى، وتقرر في العام التالى إنشاء مؤسسة الطاقة الذرية، تلا ذلك اشتراك مصر عام 1957 كعضو مؤسس فى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وبدأ تشغيل المفاعل النووى البحثى الأول عام 1961 في أنشاص بالشرقية.
وفي عام 1964 طرحت مصر مناقصة لتوريد محطة نووية لتوليد الكهرباء قدرتها 150 ميجاوات، ومعها وحدة تحلية المياه بمعدل 20 ألف متر مكعب فى اليوم، ومصنع لتصنيع الوقود النووى، وبلغت التكلفة القدرة آنذاك 30 مليون دولار، وتحت الضغط اللوبى الصهيونى توقف المشروع.

في عام 1974 طرحت مصر مناقصة لإنشاء محطة نووية لتوليد الكهرباء قدرتها 600 ميجاوات، وتم توقيع عقد لإخصاب اليورانيوم مع الولايات المتحدة، وشهد عام 1976 إصدار خطاب نوايا لشركة وستنجهاوس، كذلك توقيع اتفاقية تعاون نووى مع الولايات المتحدة، إلا أن تلك الجهود توقفت في نهاية السبعينيات بسبب رغبة الولايات المتحدة في إضافة شروط جديدة على اتفاقية التعاون النووي مع مصر نتيجة لتعديل قوانين تصدير التقنية النووية من الحكومة الأمريكية في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، بحيث تشمل هذه الشروط التفتيش الأمريكي على المنشآت النووية المصرية كشرط لتنفيذ المشروع، وقد اعتبرت الحكومة المصرية هذا الأمر ماسا بالسيادة ورفضته؛ وأدى ذلك إلى توقّف المشروع.


• لماذا توقف مشروع الحلم النووي المصري؟

هناك قوى خارجية لعبت دورا كبيرا فى فترة السبعينيات حتى توقف المشروع النووى، وهاجر معظم علماء الذرة المصريين خارج البلاد.
وفى عام 1980 تم الاتفاق مع فرنسا لتنفيذ محطتين نوويتين بقدرة 900 ميجاوات بالأمر المباشر، وتحت تأثير ضغط اللوبى الصهيونى تخلت مصر عن فكرة الأمر المباشر على أن تطرح مواصفات المحطة النووية فى مناقصة عالمية.

وفى عام 1981 صدر القرار الجمهورى رقم 309 بتخصيص موقع الضبعة لأول مرة لبناء مشروع المحطة النووية، إلى أن جاء عام 1983 حيث طرحت مصر مواصفات مناقصة لإنشاء محطة نووية لتوليد الكهرباء قدرتها 900 ميجاوات، لكنها توقفت عام 1986، ومن ضمن أسباب توقفها أن بنك التصدير والاستيراد الأمريكى أوصى بعدم تمويل المحطة النووية المصرية، كما امتنع صندوق النقد والبنك الدوليّين عن مساندة المشروع.
توقف المشروع من سنة 1986 حتى 10 فبراير 2015، وهو اليوم الذى وقعت فيه مصر مذكرة تفاهم مع روسيا لبناء محطتين نوويتين بالأمر المباشر.

• ما الفائدة التي تعود على مصر من هذا المشروع؟

التكنولوجيا النووية قاطرة التنمية، وخيار استراتيجي لمصر، "وواجب وطني مقدس"، ولابد أن يتكاتف الجميع من أجله، وعلى أساسها تنهض الشعوب. وهناك استخدامات عديدة بخلاف الكهرباء حيث تدخل في صناعات عديدة مثل تحلية مياه البحر (فالاستخدام السلمي للطاقة النووية) هو مشروع أمن قومي تكنولوجى، فكما أن البلاد تمتلك قوة عسكرية واقتصادية وتمتلك قوة سياسية، فلابد أن تمتلك قوة تكنولوجيا.

العائد من بيع الكهرباء يستطيع أن يغطي تكاليف المحطة النووية خلال سنوات قليلة، وتكاليف المحطة النووية يمكن تغطيتها من فارق سعر الوقود النووي عن سعر الوقود الأحفوري (غاز أو بترول)؛ فمن خلال حسبة بسيطة نجد أن سعر الوقود النووي لمحطة نووية قدرتها 1200 ميجا وات كهربى هو 40 مليون دولار فى السنة، بينما نجد أن سعر الغاز (2.5 مليار متر مكعب فى السنة) المطلوب لتشغيل محطة قدرتها 1200 ميجاوات كهربى هو 400 مليون دولار فى السنة، فيكون فرق السعر هو 360 مليون دولار فى السنة.

• هناك من يرى أن دخول مصر عصر الطاقة النووية سيعرضها لخطر الإشعاعات، واستشهدوا بكارثة "تشيرنوبل، وفوكوشيما".. كيف نطمئن الشعب بخصوص ذلك؟


يوجد حاليا 442 محطة نووية عاملة فى العالم، وعدد الحوادث النووية هى 3 حوادث فقط، وهى نسبة ضئيلة جدا، فهل الدول المتحضرة التى تمتلك محطات نووية مثل أمريكا لا تخاف على شعبها من المخاطر؟! أمريكا تمتلك 104 محطة نووية ولم تغلق محطة نووية واحدة بعد حادثة "ثرى مايل إيلاند" سنة 1979، روسيا وأوكرانيا تمتلكان 47 محطة نووية ولم تغلقا محطة نووية واحدة بعد حادثة "تشرنوبل" سنة 1986، اليابان تمتلك الآن 50 محطة نووية ولم تغلق محطة نووية واحدة بعد حادثة "فوكوشيما" عام 2011.

ونود توضيح أن أى تكنولوجيا لها أضرارها ولها منافعها، والدول النووية تعلم ذلك، وتعلم أضرار المحطات النووية، لكن العقل البشري يستطيع أن يسيطر ويروض هذه الطاقة المدمرة للاستفادة منها، وحينما تستخدم التكنولوجيا فأنت معرض للمخاطر أيا كان نوعها؛ فاستخدامنا للمركبات فيه خطورة واستخدامنا للطائرات فيها خطورة، واستخدامنا للبواخر فيها خطورة، حتى استخدامنا "لوابور الجاز" فيه خطورة أيضا.

• هل معنى وقوع حادث يتعلق بأي تكنولوجيا أن نوقف العمل بها؟

إطلاقا.. فحوادث الطائرات لم تدفع العالم لوقف استخدامها، وحوادث المناجم ينتج عنها ضحايا بالعشرات، وما زال العمل بها مستمرا، كذلك العبارة المصرية قتل فيها أكثر من 1000 فرد، وهناك مصنع كيماويات فى الهند تسبب فى مقتل 25 ألف هندي.

المحطات النووية آمنة، والجيل الثالث من المحطات النووية راعى فيها الدروس المستفادة من حوادث المحطات النووية السابقة. وخير رد هو تزايد طلب دول العالم على الطاقة النووية، فعدد المحطات النووية التى يتم بناؤها حاليا هو 72 محطة بإجمالي قدرة كهربائية مقدارها 69669 ميجاوات، والخبرات النووية العالمية فى مجال الطاقة النووية تزداد يوما بعد يوم؛ فمن الدروس المستفادة من خبرات التشغيل والصيانة ومن الحوادث النووية ترتقى فلسفة نظم الأمان وترتقى معها الصناعات النووية.

• هل موقع الضبعة آمن من أي تسريبات أو اعتداءات من جهات خارجية؟

بكل تأكيد موقع الضبعة آمن تماما، وتم اختيار الموقع منذ عام 1980 على أساس أنه فى منطقة نائية وعلى الساحل، كما أنه فى منطقة بعيدة عن حزام الزلازل.

ودراسات موقع الضبعة قامـت بها شركة سوفراتوم الفرنسية، وشارك في هذه الدراسات خبراء من هيئة المحطات النووية والطاقة الذرية، كذلك هيئة المواد النووية، ومن هيئة المساحة الجيولوجية، ومن المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، ومن معهد الهيدروليكا بوزارة الري، ومن معهد بحوث الصحراء، ومن معهد بحوث المياه الجوفية، ومن الجامعات المصرية؛ وتوصلوا جميعا إلى أن المنطقة آمنة تماما وبعيدة كل البعد عن أي اعتداءات خارجية، كذلك التسريبات الإشعاعية، كما أن المنطقة سيتم تأمينها بشكل لم يسبق له مثيل، وسوف نتخذ كافة الإجراءات الوقائية بطرق علمية وآلية حديثة.

• الطاقة الشمسية طاقة بديلة، لكن هناك من يرى أنها بديل آمن عن الطاقة النووية.. هل هذا صحيح ؟

الطاقة الشمسية شيء والنووية شيء آخر، فالطاقة الشمسية معامل السعة للمحطة 27%، فهى تنشط وتخزن طاقتها فترة سطوع الشمس؛ مما يؤكد أنها طاقة مكملة وليست بديلة.
أما معامل السعة للمحطة النووية فهي فوق الـ 97؛ وبالتالي فمن الممكن استخدامها ليل نهار، كما أنها البديل الوحيد للطاقة الأحفورية (غاز وبترول وفحم).

• ما طبيعة ونوعية المحطات التي سيتم البدء والعمل بها في الضبعة، وما الفرق بين المحطات الروسية والأمريكية؟

إن شاء الله سيتم الاتفاق بالفعل مع الخبراء الروس وبالأمر المباشر على نوعية المحطات لتكون من الجيل الثالث الحديث جدا، من نوع الماء مضغوط "PWR" وهناك موديلين هما VVER-1000 وVVER-1200؛ وبالتالى فإن البرنامج النووي المصري سيبدأ من حيث انتهى الآخرون وبخطى ثابتة وسريعة؛ الأمر الذي سيعود بالإيجاب على حياة المصريين عامة.

أما الولايات المتحدة الأمريكية فهي واقعة تحت تأثير اللوبى الصهيوني الذي يضغط على المجتمع الدولي لكي تكون مصر دولة استهلاكية وضعيفة؛ وهو الأمر الذي يؤكد لنا أنهم لم يوفوا بوعودهم معنا على مر التاريخ.

• كيف نواجه الاتهامات والحرب الشنعاء التي يخوضها العدو الصهيوني بعد توقيع الاتفاقية مع الروس؟

يجب أن نحتاط ولا نترك اللوبى الصهيونى يعبث بمقدرات مصر كيفما شاء؛ فمصر ما زالت بخير، وهى بلد الأمن والآمان رغم كيد الكائدين، ونحن بالفعل قادرون على مواصلة العمل الجاد واستكمال المسيرة لنهضتها من خلال امتلاكها لجميع أنواع التكنولوجيا وتوطينها في البلاد؛ فأبناء مصر قادرون على حيازة نواصي العلم وامتلاك القوة، وقادرون أيضا علي تحقيق الأمنية الغالية في نهضتها، وسيصلون بها إلى الهدف والغاية "أمة مصرية قوية وقادرة، مهابة الجانب، عصية على الإذلال والإهانة".

• تطالعنا تقارير غربية كثيرة عن استخدام مفاعل ديمونة "الإسرائيلي" الذي يقع بالقرب من الحدود المصرية في سيناء في أغراض عسكرية.. ما حقيقة ذلك؟
ديمونة مفاعل أبحاث عسكري بالفعل ويستخدم لهذه الأغراض، وأنتجت إسرائيل من خلاله سلاحها النووى؛ ويجب أن لا ننسى أن العدو الصهيوني يبنى استراتيجيته فى السلاح النووي على أساس قاعدة التفرد؛ ومن ثم فهى لا تريد وجود مفاعل نووي مصري، وإسرائيل لديها قدرات نووية كبيرة وللأسف لا توجد أوراق ضغط عليها كي توقع على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية التى وقعت عليها مصر من قبل.

• ما حجم المخزون الاستراتيجي من الأسلحة النووية التي يمتلكها العدو الصهيوني؟

لديها مخزون نووى أكثر من 250 قنبلة نووية، إسرائيل لديها قنابل نيترونية، ولديها أعلى تكتيك فى هذا المجال، كما هاجر إليها أكثر من 500 عالم نووي روسى، وهى تعمل فى برنامج إثراء اليورانيوم، وأعتقد أن التباطؤ الإسرائيلى فى إتمام عملية السلام مع الفلسطينيين حتى اليوم سببه راجع إلى أن إسرائيل لا تريد لعملية السلام أن تتم؛ لأن هذا سوف يدفعها إلى قبول معاهدة أمن إقليمى فى منطقة الشرق الأوسط التى ستجبرها على نزع سلاحها النووى تحت بند ضرورة إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية؛ وهو ما سيضع إسرائيل فى حرج دولى لأنها تعتبر موضوع التسلح النووي مسألة حياة أو موت.

• كان للعلماء المصريين إسهامات كبيرة في التقدم النووي على المستوى العالمي، لكن أيادي الغدر الصهيونية اغتالتهم.. هل نستطيع الحفاظ على ثرواتنا البشرية بعد ذلك؟

بالفعل قامت إسرائيل بعدة خطوات استهدفت إجهاض وتدمير أية محاولة مصرية لتحقيق أي تقدم في المجال النووي أو فى مجال الصواريخ، وتضمن ذلك إرهاب واغتيال الكوادر العلمية والتقنية من العلماء المصريين المرموقين مثل اغتيال عالمة الذرة المصرية (سميرة موسى) في الولايات المتحدة عام 1952م، تبعه اغتيال عالم الذرة المصرى (يحيى المشد) فى باريس يونيو 1980م، والدكتور (سعيد بدير) عالم الميكرووف المصرى بمنزله بالإسكندرية فى 14 يوليو 1989م، واغتيال عالم الذرة المصرى (سمير نجيب) في ديترويت أغسطس 1967م؛ ورغم كل هذا مصر مليئة بالخبرات ولن تتكرر مثل هذه الأمور، ولن نسمح بمثل هذه أن تتكرر مرة ثانية أبدا.