هل تنجح قمة "البريكس" في إنعاش الاقتصاد؟

  • 180
أرشيفية


"المستثمرين العرب": السوق المصري واعد.. ونستطيع مواجهة التحديات


مراقبون: نسبة النمو لا تعكس الواقع.. والاحتياطي النقدي مدعوم من الصندوق


هل ينجح "البريكس" في جبر أوجاع الاقتصاد المصري؟، سؤال مهم حاولنا الإجابة عنه من خلال خبراء ومختصين  في علم الاقتصاد السياسي والاستثماري.


في البداية "البريكس"، هو اختصار للأحرف الأولى من أسماء الدول الخمس على الترتيب وهي: (البرازيل وروسيا والهند والصين) قبل أن تنضم إليهم جنوب إفريقيا.


بدأ التفكير في إقامة هذا التجمع لمواجهة التكتلات الأوروبية بهدف القضاء على هيمنة العالم أحادي القوة بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية؛ لإحلال التوازن الدولي وكبح جماح صندوق النقد الدولي الذي كان سببًا في خراب كثير من الدول.

 


وكان العام 2006 الذي شهد ميلاد ذلك المنتدى؛ فقد وُضعت أول متلازمة لتحقيق التكامل الاقتصادي والجيوسياسي بين الدول الأعضاء، وكانت أهم القرارات السياسية لهذا التجمع هو: وقوفها بجانب النظام السوري، ودعمها الواضح لإيران في برنامجها النووي، وأخيرًا إدانتهم لما يحدث في بورما من "توتر بين المسلمين والهندوس"، "على حد وصف قادة التجمع الاثنين الماضي".


هذا وتبلغ مساحة الدول الخمس مجتمعة أكثر من ربع مساحة العالم، ويمثلون 40% من تعداد سكان العالم، ويبلغ الناتج المحلي لهذا التجمع نحو24% من حجم الإنتاج العالمي، أما الاحتياطي النقدي لهذه الدول مجتمعة يصل لأكثر من 4 تريليونات دولار، وتقارب مساهمة هذا التجمع نحو 50% في الاقتصاد العالمي.


في هذا السياق، قال السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق ورئيس اتحاد المستثمرين العرب: إن دعوة مصر لقمة "البريكس" يعكس آثارًا إيجابية على الاقتصاد بصفة عامة، لافتًا إلى أن رأسمال منتدى "البريكس" يقارب 200 مليار دولار، نصفهم لصالح بنك "بريكس"، إضافة إلى 100 مليار دولار أخرى لصندوق الاحتياطي النقدي التابع لنفس البنك، خُصصوا في حال إقراض أي دولة.


وأضاف بيومي لـ "الفتح"، أن حجم التبادل التجاري بين مصر ودول "البريكس" نحو 20 مليار دولار تهيمن الصين لوحدها على 11 مليار دولار، بنسبة 10:1 في الواردات لصالح الصين (ميزان تجاري معكوس)، ثم روسيا بواقع 3.68 مليارات دولار، تليها الهند بنحو 3.25 مليارات دولار، ثم البرازيل بقيمة 1.7 مليار دولار، وأخيرًا جنوب إفريقيا بنسبة 266 مليون دولار.


وأوضح  أن السوق المصري واعد ونسعى إلى التوسع من خلال هذه الأسواق التي تملك نحو 25% من الاقتصاد العالمي، خاصة في ظل ما وعد به الرئيس السيسي أن كل من ينشئ سلعة على أرض مصر بمكونات مصرية يستطيع أن يصدرها إلى الخارج بدون جمارك.


وحول التحديات التي قد تواجه مصر، شدد مساعد وزير الخارجية الأسبق، على أن مصر تمتلك تنوعًا اقتصاديًا عاليًا وينبغي ألا نخضع لأية تحديات أو ضغوط؛ فهناك مصالح ينبغي ألا أن نتركها تتفلت من بين أيدينا، متسائلًا: ماذا فعلت أمريكا بعد التلويح بقطع المساعدات؟ لا شيء.


وتابع: مصر دولة كبيرة وعريقة ولن تتأثر بمثل تلك الأمور، مشيرًا إلى أن اقتصاديات "البريكس" مرتبطة بحجم التدفقات النقدية العالمية، ولا تخضع لدولة بعينها؛ فقد استفادت من العولمة ووظفتها لصالح تلك الدول.


من جانبه، أكد الدكتور محمد يونس، أستاذ ورئيس قسم الاقتصاد بجامعة الأزهر، أن دول الـ "بريكس" تشكل أهمية كبرى في الاقتصاد العالمي؛ إذ تمثل نحو 24% من حجم الناتج العالمي، وتسهم بنسبة 16% من حجم التجارة العالمي، لافتًا إلى أن تلك الدول تملك اقتصاديات واعدة وما زال أمامها الكثير.


وأردف يونس لـ "الفتح"، أن هذا التكتل الحادث بين الدول الخمس استطاع الاستفادة من تداعيات الأزمة المالية العالمية التي حدثت مطلع عام 2008، والتي أثبتت أن الاقتصاد العالمي لا يمكن أن يعتمد على الولايات المتحدة الأمريكية أو أوروبا فقط، فالتنوع في هذه التحالفات استطاع أن يوقف القطب الأوحد.


وأشار إلى أن مشاركة مصر في قمة الـ "البريكس" جاءت بمثابة جواز عبور للاقتصاد المصري باعتباره أحد الاقتصادات الواعدة خلال السنوات العشر المقبلة، مستدلًا بالأرقام التي ذكرها الرئيس السيسي في خطابة في اليوم الثاني من القمة التي أكدت أن نسبة النمو وصلت لـ 4.3%، والاحتياطي النقدي 36 مليار دولار؛ ما يؤكد أن  الاقتصاد المصري يمر بمرحلة التعافي بعد الأزمات العنيفة التي تعرض لها، متوقعًا دخوله مرحلة الصعود مطلع العام المقبل.


وقال الدكتور صلاح فرحان البحطيطي، الخبير الاقتصادي، إن مصر تستطيع الانضمام إلى منتدى "البريكس" مستقبلاً كما فعلت جنوب إفريقيا عام 2010، مشيرًا إلى أن الصين وروسيا يملكان أكبر الصناديق السيادية في العالم، وأن الاقتصاد المصري أصبح ثاني أفضل عائد استثماري على مستوى العالم، مطالبًا بسرعة إصدار اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار.


وأكد البحطيطي لـ "الفتح"، أنه يوجد لدى تجمع "البريكس" اتجاه عام للتوسع واستقطاب دول أخرى من أصحاب الاقتصادات الواعدة لتصبح تكتلاً يضم نحو 15 دولة، خاصة بعد توجيه الدعوة لخمس دول أخرى من بينها "مصر وغينيا والأرجنتين وباكستان"، مشددًا على أنه إذا دخلت مصر قمة "البريكس" فإن ذلك سيعزز الفرص الاستثمارية في مصر، وسيقف حجر عثرة أمام البنك الدولي الذي كثيرًا ما يُملي على الدول المقترضة شروطه، ونحن لسنا ببعيدين عن تلك الشروط أو الأجندات.


وتحفظ الخبير الاقتصادي على أرقام النمو التي ذُكرت بشأن النمو وارتفاع الاحتياطي النقدي، مشيرًا إلى أن ارتفاع 1% نمو يعني توظيف نحو 150 ألف شخص، وهذا لم يحدث، فمعدلات البطالة فاقت 24%، فضلاً عن أن ارتفاع الاحتياطي النقدي جاء بسبب الاستدانة من البنك الدولي، أما عن مؤشرات خفض التضخم فهذا غير صحيح بدليل انفلات الأسعار وارتفاعها دون هوادة أو رادع من أحد، منتقدًا المبالغة الإعلامية التي صاحبت ذلك المؤتمر؛ ما يعيد سيناريو مؤتمر شرم الشيخ للأذهان.


بدوره، طالب عمرو الجوهري، وكيل اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، بسرعة الانتهاء من اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار وترجمة نصوصه وتوزيعها على رجال الأعمال، ووضع نسخ لها في المنتديات العالمية لجذب أكبر شريحة استثمارية، منتقدًا عدم توجيه أجندة مصرية مترجمة وتوزيعها على المشاركين في منتدى "البريكس". 


ولفت الجوهري انتباه "الفتح" إلى أن هناك العديد من المشاريع يمكن الاستفادة منها باعتبار مصر شريكًا محوريًا واستراتيجيًا للدول العربية وبوابة إفريقيا نحو العالم، ويمر بها المجرى الملاحي العالمي الذي يعد أحد ملامح خطة طريق الحرير.


يذكر أن مدينة "شايمن" الصينية استضافت قمة "البريكس" التي بدأت الأحد الماضي الموافق 3/9 ولمدة 3 أيام، وشهدت توقيع العديد من الاتفاقيات للدول المشاركة، وحظيت مصر بمنحة صينية بقيمة "739" مليون دولار خصصت للقطار الكهربائي الذي يربط بين مدينة العاشر من رمضان والعاصمة الإدارية الجديدة، فضلاً عن القمر الصناعي المصري (مصر سات-2) الذي سيستخدم في خصائص الاستشعار عن بعد وتكنولوجيا الفضاء، إضافة إلى مشروعات النقل واللوجيستيات في محور قناة السويس والعاصمة الإدارية.