خيارات مُرّة

  • 147

يلومنا البعض على موقفنا من المشاركة في خارطة الطريق بدون أن يقدموا لنا بديلا أخر عما اتخذناه وقتها وقد تكلمنا عدة مرات لتوضيح موقفنا ورد الشبهات عنه ومع ذلك فلم نر حتى الآن من يعطي لنا تصورات أخرى للخروج من الأزمة في وقتها وإلى الآن.
وقد رأيت أن أقوم بحصر جميع الاختيارات المتاحة عموما وبعيدا عن الانفعالات العاطفية أو التعصبات الحزبية ندرس المسألة بشيء من التعقل والفهم، وفاءا لحق التاريخ أولا ثم للمستقبل ثانيا.
أنطلق هنا من نقطة لم يعد عليها خلاف البتة – خصوصا بعد تصريح د/ مرسي نفسه - وهي أن الرئيس السابق الدكتور محمد مرسي أصبح قيد الإقامة الجبرية من جانب قوات الجيش من يوم 2/7/2013 وبالتالي فحضور حزب النور يوم إعلان خارطة الطريق 3/7/2013 لم يكن لعزل الرئيس مرسي كما يشاع ولكن لبحث تطورات ما بعد عزله والتي كان ضررها الأعظم متوجها إلى الإسلاميين تحديدا.
والخيارات التي كانت متاحة أمامنا وأمام غيرنا كما يلي:-

1 – سيناريو الجزائر
يتحقق هذا السيناريو عن طريق الصدام بين الإسلاميين الذين سيتكتلون جميعهم في خندق واحد أمام الجيش والذي سيقوم بدوره بعمل مجزرة تاريخية للقضاء على هذا التكتل بلا رحمة، والعجيب أن البعض يرد على هذا التوقع بأن جيشنا جيش محافظ ليس كما هو الحال في الجزائر فالجيش علماني!! ثم هُوَ هُوَ الذي يخرج ليكفر الجيش والشرطة وغيرهما!
مع أن الأمر من وجهة نظري يتعلق بمسائل أمنية بحتة.. فالجيوش عموما عندما ترى أمنها وأمن بلدها القومي يتعرض للخطر فإنها لا تتورع عن استخدام كل المحظورات لمنع وقوعه بغض النظر عن مشروعية ما يستخدمونه من وسائل أو عدمها.

2 – سيناريو سوريا
وهو إن كان بعيد عن الحالة المصرية بعض الشيء إلا أن إطالة أمد الحرب بين الجيش وبين أفراد من الشعب سيؤدي إلى سقوط عدد كبير من الضحايا من أقارب جنود وضباط الجيش الأمر الذي سيجعلهم ينتصرون لأهاليهم مكونين ما يسمي بالجيش المنشق أو الحر.
والمحزن أن البعض كان يتشوق للوصول لهذه المرحلة ويتمنى حصولها في أسرع وقت مع ما فيها من تدمير كامل للدولة وانهيار لآخر جيش قوي في المنطقة العربية بأسرها.

3 – سيناريو العراق
وهو عن طريق الاحتلال الأجنبي المباشر الذي سيتخفى في ثوب ديمقراطي قشيب يزعم فيه أنه ما أتى إلا لتخليص الشعب من الظلم والديكتاتورية.
والمحزن أيضا أن المناشدات الموجهة للأمم المتحدة وللاتحاد الأوروبي لم تكن تتوقف من على منصة رابعة بدرجة تستعصي على الفهم!!
كيف نتصور أن تأتي الدبابات الأمريكية بناءا على مطالبات ونداءات من الجماعات الإسلامية التي تعتبر أمريكا عدوها الأول؟

4 – الاعتصامات والمظاهرات السلمية
منذ فترة وأصبحت هذه الوسيلة غير مجدية وغالبا ما يتم إجبارها على الخروج عن المسار السلمي باستفزازها تارة، وبتسليط البلطجية والمأجورين عليها تارة أخرى، بالدرجة التي تجعل من يخرج للمظاهرة لابد وأن يكون مسلحا، خصوصا إذا طال أمد التظاهرأو الاعتصام فإن استعمال القوة معه يصبح حلا مطروحا أمام السلطة بشكل ضروري، وقد سبق وأن فضت قوات الجيش اعتصام التحرير عن طريق الشرطة العسكرية وأيضا تم فض اعتصام العباسية الذي كان كله من الإسلاميين بنفس الطريقة بل وأبشع.

5 – اعتزال المشهد تماما
وهذا هو الأمل الذي يعيش عليه أعداء التيار الإسلامي كله لأنهم يحلمون باليوم الذي ينزوي فيه ما يسمونه تيار الإسلام السياسي حتى يعيثوا هم في الأرض فسادا، ويستغلون ذلك في الترويج لموت فكرة المشروع الإسلامي أو التيارات الدينية، وبذلك نكون قدمنا لهم أعظم هدية يحلمون بها.
بالإضافه إلى ترسيخ صورة عند عوام الشعب مؤداها أن جميع التيارات الإسلامية على نفس الطريقة التي رأوها وبالتالي يفقدون الثقه في كل إسلامي بعد ذلك.

6 – استنساخ نموذج ثورة يناير والاحتشاد الشعبي مع الإخوان
في الواقع رغم أن هذا السيناريو من أضعف الاحتمالات وقوعا إلا أن الإخوان كانوا يعولون عليه كثيرا ويعقدون عليه الآمال العريضة.
والذي جعلنا نجزم أنه ضعيف التحقق هو أن معظم الشعب كان لتوه ثائرا على الإخوان حتى أسقطهم فكيف سيحتشد ليعيدهم مرة أخرى؟ بالإضافة إلى أن الإخوان اعتمدوا على شعبهم الخاص وأظهروا عداوة شديدة لما سموه "شعب الانقلاب" و"كلاب السيسي" و"عبيد البيادة" مما قطع الطريق أمام أي تعاطف محتمل.
وقد كانوا يراهنون على أن مناظر الدماء والقتل سوف تثير تعاطف الناس إلا أنهم غفلوا عن أنه كان وراء كل حدث من هذه الأحداث جهاز إعلامي قوي يفقد الناس أي تعاطف بل يقوم باستغلال هذه الأحداث لصالحه.

7 – المشاركة في خارطة الطريق
هذا الاختيار هو اختيار حتمي رغم مرارته وصعوبته على النفس إلا أن الأحداث لم تدع لنا فرصة لاختيار حلول أخرى وكان علينا إما أن نختاره كارهين وإما الضياع التام بوضع جميع الإسلاميين في بوتقة واحدة والقضاء عليهم بضربة واحدة.
شاركنا في هذه الخارطة محاولة منا لتقليل الشر الذي قد وقع بالفعل وإنقاذا لما تبقى من بقية باقية تحفظ على الناس دينهم ودنياهم ولم تسمح لنا ضمائرنا بأن يجلس الليبراليون والنصاري ليتقاسموا بينهم الغنائم ويقضوا على التيار الإسلامي كله.
هذه أخي الحبيب احتمالات سبع، وقد بينت لك أسباب اختيارنا لأحدها واستبعاد الباقي وأملي منك أن تقرأ هذه التصورات بتعقل وروية ثم تحدد أي مسار تحب لبلدك أن تسلكه حتى تتحدد طريقة حوارنا بعد ذلك والله المستعان.