تعرف على تاريخ العلاقات المتغيرة بين أمريكا وإيران وسياسة المساومات قبل محادثات فيينا.. تقرير

واشنطن تخشى السلاح النووي الإيراني.. وطهران تضغط لمزيد من الوقت

  • 49
الخميني وبايدن

تعرف على تاريخ العلاقات المتغيرة بين أمريكا وإيران.. وسياسة المساومات قبل محادثات فيينا.. ودور الاحتلال والسعودية في المفاوضات

مساومات وضغوط متبادلة بين طهران وواشنطن قبل محادثات فيينا

واشنطن تخشى السلاح النووي الإيراني.. وطهران تضغط لمزيد من الوقت


كتب- عمرو حسن

غموض كبير يحيط بطبيعة العلاقات الأمريكية الإيرانية، وتكثر التساؤلات عن حقيقة العلاقات فيما بينهم، فهل تجمعهم المصالح، أم تفرقهم الخلافات ويجمع بينهم العداء، الكثير من المحللين والخبراء والباحثين يؤكدون، أن طهران جندي من جنود الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط والمنطقة العربية، وأن واشنطن تستخدم طهران كعصا تُخوف بها الخليج ودول الشرق الأوسط، وأن كل ما يظهر على السطح من الخلافات، هي اختلافات في المصالح والأهداف.

إيران دولة مارقة

والبعض يؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية تجمعها علاقات مميزة ووطيدة مع طهران، إلا أن واشنطن لم ولن تنسى الأحداث الدامية التي قامت بها طهران بحق مواطنيها الأمريكان عام 1979، واتخاذهم كرهائن، كما أن طموح البرنامج النووي الإيراني بات يهدد مصالح الولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة لتهديد إيران الاحتلال الصهيوني، وأخيرًا يصف البعض إيران بأنها دولة مارقة من دول الشر يصعب السيطرة عليها، وهو ما استنتجته واشنطن مؤخرًا

ملف سوريا والعراق ولبنان

سياسة طهران في نشر التشيع في العالم العربي، وتوزيع مئات الألاف من الميليشيات والمرتزقة داخل الدول العربية والشرق الأوسط، تسببت في عدة أزمات بين الدول العربية وواشنطن، حيث ظهر للجميع كيف أن إيران لن يمنعها أو يُخضِعها أحد حتى ولو كانت القوة الأكبر في العالم، بالإضافة لدور إيران الجلي في تحويل سوريا إلى أرض مدمرة، وقتل السوريين وهدم بنيتهم التحتية، ومساعدة بشار الأسد بالمال والجنود والسلاح والدعم السياسي والاستراتيجي بجانب روسيا، كما تدعم طهران الحوثيين في اليمن وساعدتهم على احتلال الأراضي اليمنية وتدمير ثرواتها واقتصادها وبنيتها التحتية، وقتل الشعب اليمني وإصابتها بالفقر والجوع والمرض.

سيطرة أمريكية

لطالما كانت الولايات المتحدة دولة حريصة على التحكم بسياسات حكومات العالم، وهذا بعد خروجها من العزلة ومشاركاتها في الحروب العالمية الأولى والثانية والحرب الباردة مع القطب السوفيتي، وخرجت منهم واشنطن منتصرة على كافة أعدائها، ولكنها تكبدت جراء ذلك خسائر مادية وبشرية، دفعتها لضرورة السيطرة على الأحداث السياسية والعسكرية في العالم، ومنع أية تصرفات قد تضر بمصالح الولايات المتحدة الأمريكية في الداخل والخارج.

أحداث 11 سبتمبر

كان حدثًا فارقًا في السياسة العالمية، وأثر على كل دول العالم وليس أمريكا وحدها، وبدأت واشنطن بعد 11 سبتمبر حملة مكبرة سياسيًا وعسكريًا ومخابراتيًا، وبدأت الحرب على تنظيم القاعدة وطالبان وكل التنظيمات العالمية، كما بدأت حربًا على العراق بسبب شكوك في نجاح العراق في امتلاك أسلحة كيميائية وبيولوجية، أو هذا ما أوهمت به العالم لاحتلال العراق وعقابها على سلوك رئيسها الذي يسعى لامتلاك القوة السكرية، وسياسته التي تقوم على تقوية بلاده وعدم الانصياع لأية ضغوط وسياسات خارجية.

البرنامج النووي الإيراني

سارت إيران على درب صدام حسين، وسعت لامتلاك السلاح النووي، قبل نهاية القرن العشرين بسنوات معدودة، وبدأت بالفعل في صناعة التكنولوجيا النووية واستغلت انشغال واشنطن بحرب التظيمات ووجودها في العراق، كما استغلت طهران علاقتها المميزة أنذاك في المضي في برنامجها النووي حتى أحدثت تقدمًا ملموسًا في بدايات القرن العشرين، وساعدت الأوضاع العالمية مثل ثورات الربيع العربي في انشغال أمريكا عنها، كما أن فترة الرئيس باراك أوباما وسياسته الناعمة القائمة على المفاوضات والحوار ياعدت طهران على التقدم أكثر في الحصول على السلاح النووي.

دونالد ترامب

كان نجاح دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية وسياسته الجمهورية القائمة على المواجهة والعقاب وسرعة رد الفعل دور في إبراز مدى خطر إيران على الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في الخارج، والدور السلبي الذي تلعبه طهران في خسارة واشنطن لمصالحها وأهدافها في الشرق الأوسط والخليج العربي، حتى أن ترامب واجه طهران بالعديد من العقوبات الاقتصادية الشديدة والمتلاحقة، وساهم ترامب في إيقاظ الأمريكيين من غفلتهم نحو حقيقة إيران، ولعلها كانت إحدى حسنات ترامب المعدودة في بحر من الخطايا والسيئات تجاه المسلمين والعرب.

محادثات فيينا 

جاء بايدن خلفًا لترامب ومتمسكًا ببعض سياساته تجاه إيران، كما أن سياسيات إيران في سوريا والعراق واليمن ولبنان، أمست واضحة للعالم، ولم تعد واشنطن في سياستها مع إيران الدولة الهادئة، وتسعى الولايات المتحدة الأمريكية للضغط على إيران بشتى السبل، لمنعها من الانتهاء من مشروعها النووي ونجاحها في تحقيق مبتغاها بامتلاك سلاح نووي قابل للاستخدام، وتخشى واشنطن من العجز في تحجيم تطوير قدرة طهران النووية، كما أن الضغط الصهيوني على واشنطن في ضرورة كبح جماح إيران يعد أحد عوامل مساعي أمريكا لتقزيم إيران عسكريا واقتصاديًا.

وقبل إجراء محادثات فيينا التي ستنعقد في بداية من 29 نوفمبر المقبل، تقوم واشنطن وطهران بكثير من الضغوط والمساومات المتبادلة والمتواصلة من أجل وصول كلًا منهما إلى أهدافة في المحادثات المنتظرة، فواشنطن تخشى من قوة إيران النووية وتسعى لإثناء إيران عن ذلك ولو في الوقت الحالي، وطهران تسعى للإلغاء العقوبات الاقتصادية التي قسمت ظهر الاقتصاد الإيراني، كما تسعى لمزيد من الوقت حتى تفاجأ العالم بتصنيع القنبلة النووية.

ضغوط متبادلة

تسعى واشنطن لمزيد من الضغط الاقتصادي على طهران قبل محادثات فيينا المرتقبة، وإيران تتملص كثيرًا من ذلك الضغط منذ بداية العقوبات، ونجحت بشكل ما في تقليل تأثير العقوبات، وشهدت الفترة الأخيرة ضغوط ومساومات متبادلة بين الطرفين، ولعل أبرز الضغوط المتبادلة بين الطرفين، صراع ناقلات النفط في الخليج العربي وبحر عمان والمياه الإقليمية بشكل عام، وظهر ذلك في أكثر من أزمة على رأسهم أزمة السفينة الفيتنامية التي احتجزتها طهران نهاية أكتوبر، وسيطرت على النفط الموجود فيها، كما أعلنت إيران اليوم عن امتلاك أكثر من 210 كيلوغرامات من اليورانيوم المخصب وهي نسبة تمثل 20% من الكمية اللازمة لصنع قنبلة نووية، بالرغم من أن الاتفاق النووي عام 2015 لا يسمح لإيران بإنتاج سوى 3.67 بالمئة، كما أن نسبة الـ20 % التي تتحدث عنها إيران يتوقع المجتمع الدولي وأمريكا أن إيران تخطتها منذ وقت، وتسعى لتخصيب 90% من اليوارنيوم لديها، لتمتلك سلاحًا نوويًا.

تعليقات الخبراء

في سياق الضغوط المتبادلة والمساومات القائمة بين واشنطن وطهران قبل محادثات فيينا المزمع انعقادها نهاية نوفمبر الحالي، قال أسامة الهتيمي، الباحث والمتخصص في الشأن الإيراني، إن حرب الناقلات بين، الولايات المتحدة الأمريكية وإيران منذ 3 سنوات كنتيجة للعقوبات الاقتصادية على طهران، مضيفًا أن الهدف منها تصفير صادرات ايران النفطية للضغط عليها اقتصاديًا وسياسيًا، متوقعين أن يمثل ذلك الضغط عامل إيجابي لواشنطن في مفاوضات فيينا بين الولايات المتحدة الأمريكية وطهران في وجود الاتحاد الأوروبي.

وأكد الهتيمي في تصريح خاص لـ "الفتح"، أن الولايات المتحدة الأمريكية تبذل قصارى جهدها في بحر عمان والخليج العربي لمنع طهران من تصدير النفط، لافتًا إلى أن الأحداث والتوترات البحرية بين طهران وواشنطن لا يصل للإعلام منها إلا نسبة قليلة، وأن المناوشات والتحرشات بين الطرفين في سياق الضغط المتبادل بسبب مفاوضات فيينا نهاية الشهر الحالي.

وذكر الباحث في الشأن الإيراني، أن أمريكا تسمح بتصدير بعض النفط الإيراني بعلمها لدول مثل فنزويلا وسوريا والصين، لتخفيف الضغط الاقتصادي لطهران، وفي إطار التعاطي الأمريكي مع إيران كدولة وظيفية لا ترغب واشنطن في خنقها، إنما تضغط عليها من أجل تحقيق أهدافها خلال محادثات فيينا. 

وقال الدكتور هاني سليمان، الباحث في الشأن الإيراني، إن كل طرف يضغط بإدواته وخاصة إيران لانها معنية برفع الضغط الاقتصادي عنها، وتسعى لزيادة الوقت لصنع السلاح النووي، مضيفًا أن إيران تسعى لمزيد من الخطوات الاستباقية، لتصنع مزايا للمرونة والمساومة في مفاوضات فيينا، وتخفض سقف طموحات أمريكا، وأدواتها للضغط على طهران في المفاوضات.

وأكد الباحث في الشأن الإيراني، في تصريح "خاص"، أن سياسة دونالد ترامب أطلقت عقوبات مكثفة على طهران، وضعتها تحت ضغط كبير، وجعلتها تبحث عن أليات لتخفيف أثر العقوبات، وكيفية الخروج منها، لافتًا إلى أن الممارسات الإيرانية المستفزة، حولت التعاطي الأمريكي معها، وجعلتها تفرض عليها أكثر من 1500 عقوبة، متبقى منهم 500 عقوبة.

وأردف سليمان، أن الاحتلال الصهيوني طرف ومحدد قوي في العلاقات بين أمريكا وإيران، وفي شكل محادثات فيينا المقبلة، مضيفًا أن حرب الناقلات والهجمات السيبرانية على المنشأت النووية وغيرها من الأفعال الأمريكية الإيرانية المتبادلة هي مساومات وضغوط بين الطرفين قبل المحادثات

وأشار الباحث في المركز العربي للدراسات، إلى أن ملف انتهاكات إيران في سوريا واليمن والتهديدات الإيرانية في مياه الخليج العربي، ساهمت في زيادة تصعيد الولايات المتحدة ضد إيران، لافتًا إلى مصالح أمريكا في سوريا، في ظل وجود روسيا وفي اليمن هناك مصالح أمريكية مع السعودية والخليج مما أثار واشنطن ضد طهران، بالإضافة لتهديد الملاحة في الخليج وبحر اليمن

وشدد سليمان على أن إيران تسعى لكسب الوقت لحيازة السلاح النووي والهروب من العقوبات، وإيقاف المفاوضات عند الملف النووي فقط، دون الحديث عن سياستها في المنطقة العربية، أو الحديث عن الصواريخ الباليستية، مؤكدًا أن الجولة السابعة من محادثات فيينا صعبة، ويوجد فجوة بين رؤية كل الأطراف

وتابع الخبير في الشأن الإيراني، أنه يتوقع تغير الاتنفاق النووي القديم، وأن الاحتلال الصهيوني ودول الخليج ستضغط على الولايات المتحدة الأمريكية وعلى سير المحادثات، لتكون المفاوضات حزمة واحدة تشمل سياسة إيران وتصدير الثورة والصواريخ الباليستبة وملفات سوريا واليمن، والملف النووي الإيراني.

يذكر أن الجولة السابعة من محادثات فيينا ستجرى في الـ29 من شهر نوفمبر الحالي بمشاركة عدة أطراف على رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية وإيران والاتحاد الأوروبي.