سلوكيات دخيلة

  • 55

.في طَيّات ذلك العالم الأزرق أفرز عالم فيسبوك وتويتر وإنستجرام سلوكيات دخيلة بين مستخدميهم وعبارات منحوتة تكاد تكون قوانين بين رواد تلك المواقع لا غير ومنها ما هو مخالف للشرع ومنها ما هو مرجوح ومنها ما لا أساس له ولا فائدة مرجوة.

ومن تلك الآفات التي انتشرت إعلاء الأنانية وتمجيد الذات حتى الأم مع أطفالها، تلك الفطرة الإنسانية التي يحاولون طمسها وإيجاد جيل من الأمهات ترى ابنها عدوًا لنجاحها وعقبة في طريق سعادتها، ولا تشعر بالذنب إذا أهملت رعايته لكي تسعد نفسها.

ونفس الأمر من الأبناء لوالديهم والإخوة فيما بينهم، أن تكون أولوياتك إسعاد نفسك ولو على أحزان الآخرين، مع أن التوازن أو الجمع بين المصالح هو الخيار الصحيح، ونسوا القاعدة العظيمة التي أرساها سيدنا سلمان وأقرها النبي -صلى الله عليهما وسلم- إن لربك عليك حقًا ولنفسك عليك ولأهلك عليك حقًا فأعط كل ذي حق حقه... أما تقطيع الروابط الاجتماعية والأواصر الأسرية لإسعاد النفس فقط؛ فهو نذير بتعاسة المجتمع وإغراقه في المادية المقيتة.

ومن الآفات التي انتشرت رفض الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والهجوم الحاد على مَنْ يُنكر المنكر ولو بتعليق والحذف والحظر لمن يخالف، ويقابل ذلك الحث على رفض النصيحة وعدم المبالاة بآراء الآخرين، و"صفحتي وأنا حر بها".. بل هي صحيفتك فاملأها بما تشاء ولكن القيام بالأمر بالمعروف واجب لن يصدنا عنه أي تخويف، وقد قال تعالى في كتابه: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}، وقد دخلنا هذا العالم الأزرق بنية لا كمتفرجين مُسْتَقبِلين فحسب فإما أن تكون مؤثرًا أو تكون مُتأثرًا لا سيما في هذا الفضاء المخيف الذي لو لم يكن لك فيه ثقل ستبتلعك ثقوبه السوداء.

ومن هذه الآفات قطيعة الرحم والحث على الهجر والطلاق واعتزال ما تكره كخيار وحيد، فكم هدمت الجروبات النسائية من بيوت كانت مستقرة وكم أنهى البلوك علاقة بين أخوين وأبناء عم وأقارب يصورهم صانعو المحتوى عقارب وأبراج مراقبة وحاسدين يتبادلون التلميح والتلقيح، فتنهدم أيقونة الأسرة، وتختفي التجمعات العائلية، وأصبح أكثر رواد التواصل صلة لأرحامه هو من لم يغادر جروب العائلة على الواتساب بعد، {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ}