انتفاضة واسعة ضد واقعة حرق المصحف في السويد

مطالبة باستمرار المقاطعة.. الدعوة السلفية: السويد لم تتراجع عن حرق المصحف.. وننصح المسلمين بالعودة لكتاب الله والدعوة إلى العمل بما فيه

تقرير – علي منصور وعبد ربه الرفاعي

  • 62
الفتح - انتفاضة واسعة ضد واقعة حرق المصحف في السويد

دول إسلامية تستدعي سفراء السويد للاحتجاج.. وتطالب حكومتها بالوقف الفوري لمنح تصاريح مماثلة

"البحوث الإسلامية" يطلق حملة "وإنا له لحافظون".. الأزهر يدعو لمقاطعة المنتجات

"التعاون الإسلامي" تحث حكومات البلدان المعنية على اتخاذ إجراءات فعالة لمنع تكرارها

حزب النور: الاعتداءات المتكررة على القرآن تفضح كذب دعواهم الزائفة عن قبول الآخر وحوار الحضارات واحترام معتقدات الآخرين

لاقت حادثة حرق المصحف الشريف على يد لاجئ عراقي مقيم في السويد في أول أيام عيد الأضحى المبارك ردود أفعال غاضبة واسعة على مستوى الدول الإسلامية، والمؤسسات الرسمية، وردود أفعال دينية وسياسية رافضة لهذه الأفعال المتطرفة التي تحاول النيل من قدسية كتاب الله الكريم، ومطالبة بحملات مقاطعة واسعة من خلال رفض التشبه بالكفار ومقاطعة المنتجات السويدية التي تكرر فيها هذا الفعل الشنيع أكثر من مرة في الآونة الأخيرة، وكذلك تعريف المسلمين وغير المسلمين بعظم كتاب الله وشرح معانيه والدعوة إلى العمل بما فيه.

استدعاء السفراء.. ومظاهرات حاشدة في العراق

استدعت دول العراق والسعودية والمغرب والكويت والأردن وتركيا سفراء السويد لديها؛ إذ أبلغتهم الاحتجاج الشديد على هذه الجريمة، التي تعتبر استفزازًا لمشاعر أكثر من ملياري مسلم حول العالم. وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية أحمد الصحاف، عن مطالبة بغداد للسلطات السويدية بتسليم العراقي الذي وجه إهانة للقرآن الكريم لمحاكمته وفقًا للقانون العراقي، وتزامن ذلك مع مظاهرات حاشدة أمام السفارة السويدية في بغداد، رفضًا لهذه الجريمة.

وأعربت وزارة الخارجية المصرية عن بالغ قلقها إزاء تكرار حوادث إحراق المصحف الشريف وتصاعد ظاهرة الإسلاموفوبيا وجرائم ازدراء الأديان مؤخرًا في بعض الدول الأوروبية، مؤكدةً رفضها التام لكل الممارسات البغيضة التي تمس الثوابت والمعتقدات الدينية للمسلمين.

وقالت وزارة الخارجية السعودية: إن هذه الأعمال البغيضة والمتكررة لا يمكن قبولها بأي مبررات، وهي تحرض بوضوح على الكراهية والإقصاء والعنصرية. وقالت وزارة الخارجية المغربية: مهما تكن المواقف السياسية أو الخلافات التي قد توجد بين الدول، فإن المملكة تعتبر أنه من غير المقبول ازدراء عقيدة المسلمين بهذه الطريقة. وطالبت وزارة الخارجية الكويتية الحكومة السويدية بضرورة تحمل مسئولية وقف منح هذه التصاريح والتحرك الفوري؛ لمنع تكرار هذه الإساءات. وشددت وزارة الخارجية الأردنية على ضرورة التصدي لمثل هذه الأفعال الاستفزازية والمسيئة التي تمثل أحد أبشع صور ثقافة الكراهية ووقفها.

المؤسسات الدينية ترد

لم تتوقف الانتفاضة عند المؤسسات الدبلوماسية، بل ردت المؤسسات الدينية على هذه الجريمة، إذ أطلق مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف حملة توعوية شاملة بعنوان: "وإنَّا له لحافظون"؛ دفاعًا عن كتاب الله ضد كل توجّه متطرف يطعن في المقدسات. ودعا الأزهر الشريف جميع الشعوب الإسلامية والعربية وأصحاب الضمير الحي، بتجديد مقاطعة المنتجات السويدية، نصرةً للمصحف الشريف كتاب الله المقدس، وذلك بعد تكرار الانتهاكات غير المقبولة تجاهه، والاستفزازات الدائمة لجموع المسلمين حول العالم تحت لافتة حرية الرأي والتعبير الزائفة. كما دعا الأزهر حكومات الدول الإسلامية والعربية لاتخاذ مواقف جادة وموحدة تجاه تلك الانتهاكات التي لا يمكن قبولها بأي حال من الأحوال، والتي تحمل إجرامًا وتطرفًا تجاه المقدسات الإسلامية. وأعربت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي، عن إدانتها الشديدة لقيام أحد المتطرفين بحرق نسخة من المصحف الشريف، وحثت حكومات البلدان المعنية على اتخاذ إجراءات فعالة لمنع تكرارها.

موقف الدعوة السلفية من حرق المصحف

من جهته، قال الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية بمصر: إن البيان الصادر عن وزارة الخارجية السويدية لا يفيد تراجعها عن السماح بتكرار حوادث حرق المصحف الشريف على أرضها، لافتًا إلى أن البيان يؤكد أنها مصرة على موقفها، ففي حين صرحت باستنكارها، قالت "إن هذه الأفعال يسمح بها دستور الدولة الذي يكفل حرية التعبير!"، مشيرًا إلى أن الناس تروج بالخطأ أن السويد تراجعت، مؤكدًا أنها لم تتراجع بنص البيان الصادر عن خارجيتها، مشددًا على استمرار إعلانات المقاطعة؛ حتى يعلنوا بشكل صريح وواضح عدم السماح بهذه الاستهزاءات بالقرآن العظيم، وكذا الاتحاد الأوروبي فهو في حين يستنكر لا يمنع تلك الأفعال أن تقع من جديد.

وأوضح الشيخ عادل نصر، المتحدث الرسمي باسم الدعوة السلفية: أن هذا الاعتداء الإجرامي المتكرر على أعظم وأقدس ما على وجه هذه الأرض؛ إذ المصحف كتاب الله المعظم المنزل على النبي المكرم صلى الله عليه وسلم لهداية البشر، يدل دلالةً واضحةً على مدى ما يكنه هؤلاء من حقدٍ وبُغضٍ لهذه الأمة ومقدساتها، مضيفًا "في الوقت الذي يُحاكم من ينبس ببنت شفة مشككًا في محرقة اليهود بجريمة معاداة السامية، وينتفض الغرب ومؤسساته ضد أي تصرف يطال الأقليات غير المسلمة أو أصحاب الديانات الأرضية باسم مقاومة ازدراء الأديان وضرورة احترام الآخر، فأين الحريات المزعومة؟! أم هو الكيل بمكيالين واستباحة مقدسات أمة الإسلام دون غيرها؟"، مشددًا على أن الواجب المحتم على أمة الإسلام حكامًا وشعوبًا ومؤسساتٍ أن تتحرك بكل الوسائل الممكنة والمتاحة لحماية كتابها الأعظم وسائر مقدساتها؛ لإجبار هذه الدول على منع مجرميها من مثل هذا الفعل الأشنع والجرم الأعظم، ومحاكمة هذا المجرم الأثيم وكل من تسول له نفسه الإقدام على مثل هذه الجريمة.

وأشاد الشيخ شريف الهواري، عضو مجلس إدارة الدعوة السلفية، بردود أفعال المسلمين على هذا الفعل الإجرامي، موضحًا أن هذا الفعل الإجرامي إن دل على شيء فإنما يدل على عجزهم وحقدهم ولذلك لجأوا لمثل هذا العمل، معتبرًا "هذه الجريمة دعاية لهذا الكتاب الكريم"، قال الله تعالى {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} (الأنفال:30)، قائلًا: لعل هذا الحدث يكون بداية انطلاقة على هدي هذا الكتاب العظيم، وترجمة ذلك والعمل به والدعوة إليه، قال الله تعالى {لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} (النور:11)، مضيفًا "ولهؤلاء أقول: إن الله تعالى يُمهِل ولا يُهمِل، وإن أخذه إذا أخذ فهو أخذ عزيز مقتدر، وأنه تعالى سينتقم سبحانه لكتابه، فما عليكم عباد الله إلا أن تصححوا موقفكم من كتاب الله وتؤدوا حقه عليكم، وإن النصر لقريب.

وأشار الشيخ محمود عبد الحميد، عضو مجلس إدارة الدعوة السلفية، إلى أن التاريخ سجل على مر الدهور أن الكفار ألأم خلق الله، ولقد وقفوا لنبينا -صلى الله عليه وسلم- ولهذا الدين الذي جاء به موقفًا سيئًا، من سب النبي -صلى الله عليه وسلم- وسب القرآن وسب المؤمنين وغير ذلك، وكان على رأسهم اليهود ثم الصليبيون بعد ذلك، وإن الحرب التي شنوها على نبينا كانت حربًا خبيثة ماكرة لئيمة قاسية، وهذه هي المعركة الوحشية الضارية التي يخوضها أحفادهم مع هذا الدين الذي بُشروا به قبل مجيء الإسلام، ولقد بين القرآن الكريم عداوة الكفار في آيات كثيرة توضح مدى حقدهم وبغضهم لهذا الدين. 

وبسؤاله عن الواجب على المسلمين بعد هذه الجرائم المتكررة، نصح "عبد الحميد" المسلمين بنصرة نبينا وديننا ونصرة كتاب ربنا سبحانه وتعالى، وأن ذلك يكون بإصلاح أنفسنا فإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وإظهار شعائر الإسلام حتى تكون واضحة جلية، وتقوية الإيمان بالعمل الصالح، ونشر سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- ونشر دين الله سبحانه وتعالى، والتمسك بسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- وإظهار دينه بإظهار الشعائر الظاهرة، والدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، وإظهار عقيدة الولاء والبراء، وتبصير الناس بما يراد بهم من هذه الأمم الكافرة، وكذلك مقاطعة الكفار، أولًا: بعدم التشبه بهم في العقائد وفي الأخلاق وفي السلوك وفي المعاملات، ثانيًا: مقاطعة منتجاتهم لإيقاع الضرر بهم فإنهم عبيد للمال، بالإضافة إلى إظهار ما هم عليه من الباطل، وكذلك والأهم توحيد الأمة على كتاب الله وعلى سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-.

إدانات قيادات حزب النور لحرق المصحف

كما أدان الدكتور محمد إبراهيم منصور، رئيس حزب النور، بشدة جريمة سماح السلطات السويدية لمتطرفين عنصريين بحرق المصحف الشريف في عيد الأضحى المبارك، قائلًا: إن تكرار هذه الجريمة وسط تنامي ظاهرة الإسلاموفبيا واتساع جرائم الكراهية وازدراء الشرائع ضد المسلمين، يمثل استفزازًا سافرًا لنحو ملياري مسلم حول العالم، ويتنافى مع احترام قيمهم الدينية التي تعلو فوق القيم الوضعية المزعومة، مؤكدًا أن الحريات المطلقة مفسدة مطلقة، ولا حرية دون مسئولية، وكل حق يقابله واجب احترام حقوق وحريات الآخرين، داعيًا منظمة التعاون الإسلامي وجميع الهيئات والمؤسسات الإسلامية باتخاذ مواقف مؤثرة وموحدة؛ لمنع تكرار هذه الجريمة، وكذلك على شعوبنا الإسلامية والعربية زيادة التمسك بكتاب الله -حفظًا وتعلمًا وتعليمًا وعملًا بأحكامه- فهذا من أعظم الردود وأبلغها على أمثال هؤلاء المتطرفين الإرهابيين.

وأكد الدكتور يونس مخيون، رئيس مجلس شيوخ الحزب، أن هذه الاعتداءات المتكررة على القرآن تفضح كذب دعواهم عن قبول الآخر وحوار الحضارات واحترام معتقدات الآخرين إلى آخر هذه الدعاوى الزائفة، ثم تأتي الكذبة الكبرى وهي قولهم: إن ما يقوم به هؤلاء الهمج هو من باب حرية التعبير، في الوقت الذي يجرمون فيه مهاجمة محرقة اليهود "الهولوكوست" ويعتبرونها معاداة للسامية، وكذلك انتقاد الشذوذ "المثلية"، ورفع علم النازية، أما الاعتداء على مقدسات ومعتقدات المسلمين فهذه حرية، بئس القوم هم، مضيفًا أن اللجوء إلى هذه الأساليب القذرة الهمجية لهي أكبر دليل على ضعف حجتهم، وخوار قوتهم أمام حجج القرآن ونفوذ الإسلام وانتشاره؛ ليعلم هؤلاء الهمج أن القرآن هو أعز مقدساتنا فهو كلام ربنا، خسئت وقطعت كل يد أثيمة نجسة تحاول الاعتداء عليه، ولن يضير القرآن تطاول هؤلاء المجرمين، قاتلهم الله أنى يؤفكون، ولن تزيدنا هذه الاعتداءات إلا قوة في التمسك به والعمل بما فيه والدعوة إليه.

وفي السياق ذاته، علق المهندس سامح بسيوني، رئيس الهيئة العليا، على تصريح أمين عام حلف الناتو المستفز لمشاعر المسلمين في أنحاء العالم، بأن جريمة إحراق المصحف الشريف ما هو إلا حرية رأي، قائلًا: إن تصريح الحكومة السويدية لهذا المجرم المتطرف، وتبرير ما فعله، ما هو إلا استفزاز لملايين المسلمين، ووقاحة لا متناهية من أمين حلف الناتو، تحت دعاوى الحرية، مشددًا على أن هذا الاستفزاز اللامتناهي، يوجب على جميع دول العالم الإسلامي استعمال كل طرق الاحتجاج، خاصة السياسية والاقتصادية على السويد، وعلى حلف الناتو، والمقاطعة الفعالة لكل من يتعمد إثارة مشاعر الغضب في قلوب ملايين المسلمين، مشيرًا إلى أنه لابد ومن الضروري تقديم شكاوى رسمية في المؤسسات الدولية، ووضع الدول الغربية الكبرى أمام مسؤولياتها تجاه هذه الأحداث.