بعد مصرع شخص على يد أخيه.. داعية إسلامي يوضح سبب التهاون في الدماء المعصومة

"درويش": مؤسسة الأسرة مُكر بها وتم تغييب الدور الفعال للمساجد والدعاة وترك النشء للشارع وصحبة السوء والشاشات والهواتف

  • 68
الفتح - الداعية الإسلامي شعبان درويش

قال الداعية الإسلامي شعبان درويش: لقد فُجعنا بالحادث الأليم الذي تجرد فيه الأخ من كل معاني الإنسانية فتجرأ على قتل أخيه بدم بارد في سيدي شحاته بمركز كفر الدوار في محافظة البحيرة إثر مشاجرة بسبب  الخلافات الأسرية؛ إذ لا مبرر لجريمته من شرع أو عقل رشيد.

وأضاف "درويش -في تصريحات خاصة لـ"الفتح"-: الحقيقة المرة أن هذه الحوادث المفجعة ذاعت وانتشرت بطريقة تهدد السلم المجتمعى وتهدر كل الثوابت والحرمات، مع أننا نعيش فى مجتمع مسلم الأصل فيه تعظيم الحرمات التى عظمتها شريعة الاسلام، قال الله -عز وجل-: ﴿مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ) [المائدة: 32]، وقال تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۗ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ ۖ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا﴾ [الإسراء: 33].

وتابع: وفي صحيح السنة الشريفة قال -عليه الصلاة والسلام-: "كل المسلم على المسلم حرام، ماله ودمه وعرضه"، مؤكدا أن الشرع الحنيف رتب عقوبات رادعه لهذه الجريمة النكراء فى الدنيا؛ حيث قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ۖ الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنثَىٰ بِالْأُنثَىٰ ۚ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ۗ ذَٰلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ ۗ فَمَنِ اعْتَدَىٰ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [البقرة: 178]، وأما في الآخرة فقد قال تعالى: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) [النساء: 93]؛ لتكون هذه العقوبة الدنيوية والأخروية رادعة لكل من تسول له نفسه الاستهانة بحرمة الدماء المعصومة.

وأوضح "درويش": أنه لابد من كشف الأسباب الحقيقة لانتشار ظواهر سفك الدماء المعصومة بهذه الرعونة؛ إذ يأتي على رأس هذه الأسباب ضعف الوازع الديني لدى كثير من أبناء الجيل الحالي إلا من رحم الله؛ وذلك بسبب تغييب دور المسجد كمحضن من محاضن التربية الإسلامية الصحيحة، وزاد الطين بلة أيضا تغييب دور الدعاة والمشايخ وطلبة العلم وكأنه أمر دبر بليل، وكذلك غياب دور الأسرة ومسئوليتها عن تربية الأبناء؛ فالرجل في بيته راعٍ ومسئول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية ومسؤلة عن رعيتها، ولعل عين البصيرة تدرك أن مؤسسة الأسرة مُكر بها، وتركت أبناءها للشارع وصحبة السوء والشاشات والهواتف؛ حيث الغث والثمين، فأحاطت عوامل الهدم هؤلاء الأبناء، متسائلا "ومتى يبلغ البنيان يوما تمامه إذا كنت تبنى وغيرك يهدم؟!".

وشدد على أن من الأسباب أيضا الدور السلبي البغيض الذي يقوم به مثلث الهدم وزلزلة أركان المجتمع وإعادة تشكيل عقل الجيل، بل والأجيال على ركام الفكر الغربي الخرب، وأقصد بهذا المثلث الثقافة والتعليم والإعلام هذا الثالوث الذي يعمل من سنوات لصالح التغريب متمثلا في هدم ثوابت الأمة وقيم المجتمع، بالإضافة إلى عملية هدم رموز الأمة من الإصلاحيين والعلماء والدعاة؛ إذ فقد المجتمع القدوات الصالحة الناجحة، وقدموا له قدوات السوء ممن غسلت أدمغتهم بماء التغريب؛ فعاثوا في الأرض فسادا وهم يعلنون أنهم يحسنون صنعا، هذا كله يجري عبر رسائل إعلامية على مدار الساعة، وفن هابط في أفلام عنف ومسرحيات ومسلسلات هابطة جعلت من الأراذل نجوما لامعة في نظر كثير من شباب الجيل الحالي، حتى مناهج التعليم لم تسلم من العبث وتفريغها من المضمون نافع هادف.

وأشار "درويش" إلى أن التطرف الديني والانحراف المنهجي والفكري لبعض الشباب جعلهم يطلقون أحكام التكفير بلا علم ولا حكمة، وأتبع هذا حصدهم لأرواح بريئة ودماء معصومة.

ومن الأسباب المباشرة ما ورثه البعض من ثقافة الثأر التي لا يردعها شرع ولا قانون، ناهيكم عن أسباب أخرى لهذه الظاهرة كالخلافات الأسرية التي تصل أحيانا إلى قتل الزوجة زوجها أو العكس، منوها بأن من هذه الأسباب الظاهرة منها الخلافات بين الجيران لأتفه الأسباب، وربما بسبب الخلاف على الميراث ببن الأقارب، وربما كان الدافع لجريمة القتل هو الانتقام للشرف والعرض. 

وأكد الداعية الإسلامي أنه إذا أراد المجتمع بمسؤليه وعلمائه ومصلحيه تدارك هذا الخطر والحد والتحجيم لهذا الظاهرة فلابد أولا من توبة عامة نصوح نعود بها إلى الله تعالى ونعظم فيها حرماته وشعائره ثم تكون الخطوة الثانية بعلاج هذه الأسباب السالف ذكرها؛ حتى يأمن المجتمع على حرماته ويستتب الأمن والسلم المجتمعي.

الابلاغ عن خطأ